لندن ـ وكالات
تصيب الآلام أثناء الليل السيدات أكثر من الرجال مما قد يؤثر في نومهن ويسبب الأرق أو تقطّع النومهناك فروق فيزيولوجية وهرمونية بين الرجل والمرأة، مما يجعلهما عرضة لأمراض مختلفة. ففي حين يكون الرجال عرضة لبعض الأمراض، تكون النساء عرضة لأمراض أخرى. وهذه الفروقات بين الجنسين لها تأثيرات على النوم واضطراباته كذلك. فطبيعة عمل ومسؤوليات كل منهما قد تؤثر على عدد ساعات النوم مثلا، ففي سن الطفولة لا توجد عادة فروقات في عدد ساعات النوم بين الجنسين ولكن في الكبر تختلف الأمور نسبيا. فالمرأة من أقل فئات المجتمع في عدد ساعات النوم؛ حيث يصل معدل عدد ساعات النوم عند السيدات بين 30 و60 سنة إلى أقل من 7 ساعات يوميًا خلال أيام الأسبوع. ويعود ذلك إلى عوامل عدة تتميز بها المرأة. فالمرأة تمر بتغيرات فيزيولوجية معينة تؤثر في جودة نومها كالدورة الشهرية، والحمل وسن انقطاع الطمث. فتغير مستوى الهرمونات الذي يصاحب التغيرات السابقة يؤثر في جودة النوم. كما أن للمرأة دورًا مميزًا في رعاية شؤون الأسرة وتربية الأطفال وفي بعض الأحيان العمل خارج البيت مما يؤثر بصورة مباشرة على نومها. ونقص النوم خلال الليل ينعكس سلباً على المرأة خلال النهار. وعندما تتفهم المرأة تأثير العوامل السابقة فإن ذلك سيساعدها في الحصول على نوم أفضل.
تأثير التغيرات الهرمونية خلال الدورة الشهرية على النوم:
يصاحب الدورة الشهرية تغير في مستوى الهرمونات الأنثوية في الجسم مما يؤثر في النوم. وتأثر السيدات بهذا التغير ليس ثابتًا فقد يختلف التأثير من سيدة إلى أخرى. ويمكن تقسيم التأثيرات إلى التالي:
• الأيام السابقة للدورة:
وخلال هذه الأيام تشعر الكثير من النساء بالاحتقان والصداع وتغير المزاج والاكتئاب والتوتر. وهذا يؤثر على النوم؛ حيث تعاني أكثر السيدات من الأرق والنوم غير المريح خلال هذه الفترة، وعلى العكس من ذلك فإن بعض السيدات قد يعانين من زيادة النعاس والنوم.
• خلال الدورة: ويكون هناك نقص حاد في هرمون البروجيسترون. وخلال هذه الفترة تعاني الكثير من السيدات من سوء في جودة النوم، حيث تعاني نحو 36 في المئة من السيدات من تقطع النوم خلال الأيام الأولى من الدورة.
ولا يوجد علاج خاص لهذه المشكلات، ولكن تُنصح السيدات اللاتي يعانين من شدة اضطرابات النوم خلال هذه الفترة بممارسة الرياضة بشكل منتظم والانتظام في مواعيد النوم والاستيقاظ وتجنب المنبهات والمأكولات التي تحتوي على كميات كبيرة من السكر قبل النوم.
تأثير الحمل والتغيرات الفيزيولوجية المصاحبة على النوم:
يحدث خلال الحمل العديد من التغيرات والأعراض التي تؤثر في النوم. فآلام الساقين وأوجاع العضلات، والغثيان، والشعور بالحموضة، وحركة الجنين كلها أمور تؤثر في جودة النوم. وقد أظهر استفتاء في الولايات المتحدة أن 78 في المئة من الحوامل يشكين من زيادة اضطرابات النوم خلال الحمل. وللتبسيط يمكن تقسيم تأثيرات الحمل إلى ثلاث مراحل:
• الأشهر الثلاثة الأولى:وخلالها يزيد هرمون البروجيستيرون في الدم. ويمكن تلخيص التأثيرات في التالي:
1. زيادة في النعاس وكثرة النوم مقارنة بفترة ما قبل الحمل.
2. زيادة الرغبة في التبول خلال الليل مما يؤثر في استمرارية النوم بالليل وبالتالي قد يزيد من زيادة النعاس بالنهار.
• الأشهر الثلاثة الثانية (4-6): ويستمر خلالها ارتفاع مستوى هرمون البروجيستيرون ولكن بصورة أبطأ. ويمكن تلخيص التأثيرات في التالي:
1. يتحسن النوم مقارنة بالثلث الأول ولكنه يظل أسوأ من فترة ما قبل الحمل.
2. تقل الرغبة في التبول مما يؤدي إلى بعض الاستقرار في النوم.
• الأشهر الثلاثة الأخيرة (6-9): وخلال هذه الفترة تعاني الكثير من السيدات من اضطرابات النوم.
1. أظهرت بعض الاستفتاءات أن 97 في المئة من الحوامل يعانين من اضطرابات النوم في نهاية الحمل.
2. وخلال هذه الفترة تزداد الرغبة في التبول بالليل بسبب ضغط الجنين على المثانة مما يؤدي إلى تقطع النوم.
3. كما أن الكثير من السيدات يعانين من احتقان الأنف مما يؤدي إلى صعوبة في التنفس خاصة بالليل مما قد يؤثر في النوم.
وخلال الحمل قد تظهر بعض اضطرابات النوم التي لم تكن موجودة سابقًا. فقد أظهرت إحدى الدراسات أن 30 في المئة من الحوامل اللاتي لم يكن يعانين من الشخير يظهر لديهن الشخير للمرة الأولى خلال الحمل. وإذا كان احتقان الأنف وانسداده شديدين فقد يؤدي ذلك إلى انسداد مجرى التنفس العلوي وتوقف التنفس مما قد يسبب تقطع النوم وزيادة النعاس أثناء النهار، وقد يسبب نقصًا في مستوى الأكسجين أثناء النوم وزيادة ضغط الدم الحامل. وربطت الدراسات الحديثة بين الشخير أثناء الحمل وزيادة احتمال إصابة الحامل بارتفاع ضغط الدم أو تسمم الحمل. كما ربطت دراسات أخرى بين الشخير وتأخر نمو الجنين. وأظهر بحث جديد قدم الأسبوع الماضي (فبراير 2013) في مؤتمر طب الأمومة والجنين في مدينة سان فرانسيسكو أن نسبة أمراض واعتلالات القلب بين الحوامل اللاتي يعانين من توقف التنفس بلغت 31%. لذلك، إذا كانت الحامل تعاني من الشخير وزيادة النعاس فإنها تُنصح بمراجعة الطبيب.
كما أن الحامل تكون أكثر عرضة للإصابة بمتلازمة حركة الساقين غير المستقرة (تململ الساقين) وهي عبارة عن إحدى اضطرابات النوم، وتتميز بأحاسيس غريبة وغير مريحة في الساقين يمكن أن تحدث في أي وقت من اليوم، ولكنها عادة ما تحدث بكثرة قبيل النوم وينتج عنها رغبة شديدة في تحريك الرجلين أو حتى المشي، ونتيجة لذلك يجد المصاب صعوبة في النوم ومن ثم الأرق. وأظهرت الأبحاث الحديثة أن هذه المتلازمة تصيب 25 في المئة من الحوامل.
ما النصائح التي يمكن أن توجه للحامل؟
• تُنصح الحامل في الثلث الأخير من الحمل بالنوم على الجنب الأيسر، حيث إن ذلك يسهل تدفق الدم للجنين والكليتين. كما تُنصح بتجنب النوم على الظهر لفترات طويلة.
• الإكثار من شرب السوائل بالنهار والتقليل منها بالليل.
• ممارسة الرياضة بانتظام.
• إذا كانت الحموضة تسبب مشكلة للحامل عند النوم فإنها تُنصح باستخدام الوسائد لرفع الرأس عند النوم، وكذلك تجنب الحمضيات والتوابل.
• تناول وجبات خفيفة متكررة خلال اليوم يجعل المعدة ممتلئة مما قد يقلل من الإحساس بالغثيان والحموضة.
• بعد الولادة، تعاني الأم عادة من تقطع النوم بسبب كثرة استيقاظ رضيعها مما ينعكس سلبًا على نشاطها خلال النهار وقد يسبب لها الاكتئاب. وتُنصح الأمهات بأخذ غفوة في الأوقات التي يغفو فيها رضيعها، كما أن مشاركة أفراد العائلة في العناية بالرضيع قد يخفف من حجم المشكلة.
التغيرات التي تحدث في النوم بعد سن توقف الطمث:
عند اقتراب المرأة من سن توقف الطمث تبدأ الهرمونات الأنثوية (الأستروجين والبروجيستيرون) في الجسم بالتناقص مما يسبب بعض التغيرات في الجسم. ففي هذه المرحلة تشعر بعض السيدات بومضات من الحرارة خلال الجسم، وهي شعور عام بالحرارة في الجسم كله يصاحبه تعرق. وتصيب هذه الأحاسيس 36 في المئة من السيدات في هذه السن أثناء النوم مما يؤثر في جودة النوم. وتستمر هذه الأحاسيس عادة لمدة خمس سنوات. وفي هذه السن قد تحصل السيدة على نفس عدد ساعات النوم ولكن جودة النوم تكون أقل. وتزداد في هذه السن نسبة الشخير وإصابة السيدات يتوقف التنفس اثناء النوم كما سنوضح أدناه.
وتُنصح السيدات في هذه السن بمراجعة طبيب النساء لمناقشة طرق العلاج المتوافرة.
هل هناك اضطرابات نوم أخرى تصاب بها المرأة؟
المرأة كالرجل معرضة للإصابة باضطرابات النوم الأخرى، ولكننا سنخص بعض اضطرابات النوم بشيء من التفصيل هنا:
• الأرق: يعتبر الأرق أكثر اضطرابات النوم شيوعًا، ويمكن في العموم تقسيم أسبابه إلى أسباب عضوية ونفسية وسلوكية. ولسبب غير واضح فإن النساء أكثر عرضة للإصابة بالأرق من الرجال ويزيد ذلك مع تقدم العمر.
توقف التنفس أثناء النوم: وهو مشكلة شائعة تصيب الرجال أكثر من النساء ويصاحبه عادة شخير مرتفع. وترتفع نسبة إصابة النساء به بعد سن الخمسين أو سن توقف الطمث. وفي دراسة قمنا بها على عينة كبيرة من السيدات السعوديات ونشرت حديثا، وجدنا أن أكثر من 60 في المئة من السيدات اللاتي تم تشخيص توقف التنفس لديهن قد وصلن سن توقف الطمث. وكان عدد مرات توقف التنفس في الساعة أعلى بكثير عند اللاتي وصلن سن توقف الطمث 59 مرة في الساعة مقارنة ب37 مرة في الساعة عند السيدات اللاتي لم تنقطع عندهن الدورة. وبصورة عامة، شُخِّص توقف التنفس لدى الرجال السعوديين وهم في سن أصغر (نحو 43 سنة) مقارنة بالسيدات (سن 54 سنة). كما أن معدل كتلة الجسم وهو قياس يعكس الوزن بعد أخذ الطول في الحسبان كان أعلى بكثير عند السيدات من الرجال، وهذه النتيجة تؤيدها عدة دراسات سابقة أظهرت شيوع السمنة لدى السيدات السعوديات المتوسطات العمر.
وبعكس الرجال الذين يحضر الكثير منهم للعيادة بسبب الشخير وزيادة النعاس في النهار، حضر كثير من السيدات (40 في المئة) بسبب الأرق والذي اتضح بعد الفحوص أن سببه توقف التنفس أثناء النوم. لذلك على المعالجين البحث عن الأعراض الأخرى التي تدل على توقف التنفس أثناء النوم عند السيدات اللاتي يشكين من الأرق، وإجراء الفحوص اللازمة للتأكد من التشخيص عند الشك في وجوده. كما أن نسبة كبيرة من السيدات اللاتي شُخصنّ بهذا الاضطراب كنّ يشكين من الكوابيس أثناء النوم، وقد بينت الدراسة أن توقف التنفس عند السيدات يحدث في الغالب في مرحلة الأحلام ويختفي في المراحل الأخرى، بعكس الرجال الذين كان توقف التنفس في الغالب يحدث موزعًا على كل مراحل النوم، وهذا يفسر زيادة الكوابيس عند السيدات اللاتي يعانين من توقف التنفس؛ لأن المشكلة تظهر بشكل كبير خلال الأحلام مما يسبب الكوابيس. كما أن نسبة كبيرة من السيدات المصابات بالاضطراب (تصل إلى 24 في المئة) كنّ يعانين من ضعف وظائف الغدة الدرقية مقارنة ب6 في المئة من الرجال.
• الألم أثناء النوم: تصيب الآلام أثناء الليل السيدات أكثر من الرجال مما قد يؤثر في نومهن ويسبب الأرق أو تقطع النوم. فالمرأة أكثر عرضة للإصابة بالصداع الناتج عن التوتر أو الشقيقة، وهي كذلك أكثر عرضة للإصابة بمتلازمة وهن الجسم المزمن(chronic fatigue syndrome) والآلام العضلية الليفية (Fibromyalgia). وعلاج سبب الألم يحل عادة مشكلة النوم.
أرسل تعليقك