جيبوتي ـ وكالات
في حين تسعى الحكومة الصومالية ، بدعم من الأمم المتحدة إلى إحكام قبضتها على العاصمة مقديشو ومناطق أخرى سيطر عليها مسلحون ينتمون لتنظيم القاعدة، بدأت النساء في الاسهام بدور يحقق إعمار البلاد.قالت مضيفة جوية للمسافرين "سيداتي وسادتي مرحبا بكم في رحلة (أير أفريقيا) لمقديشو"، لكن المسافرين لم ينتبهوا إلى ما قالت لانشغالهم بحقائبهم وتجاذب أطراف الحديث في ممرات الطائرة.حجاب وعباءةوقفت أيان يوسف البالغة من العمر 18 عاما، وهي واحدة من بين مجموعة نساء ترتدين الحجاب والعباءة السوداء الطويلة، وقالت "عندما تكون في روما، افعل ما يفعله أهلها".وقالت إن ملابسها ليس هي تلك التي كانت ترتديها في كندا، فهي جاءت إلى الصومال لقضاء عطلة. إنها زيارتها الأولى للبلاد.وأضافت "أريد أن أرى حال البلاد. ربما يأتي يوم نعود فيه إليها."للوهلة الأولى يظهر أنه لم يطرأ أي تغيير على مقديشو منذ الزيارة التي تمت في مطلع عام 2012، إنها تبدو كبلد يعج بالصراع ومازال الأمن على رأس الأولويات.المطار قاعدة شديدة التحصين تضم قوات مشتركة من الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة تعرف باسم "اميسوم".وخارج المطار تظهر شاحنات مليئة بالجنود وعربات مدرعة وفرق الحراسة المدنية تنتظر المرور. وعبر الطريق يوجد مقهى خلف جدار بارتفاع ثمانية أقدام من أجولة الرمال والسلك الشائك.غير ان بقية مناطق مقديشو تبدو مفعمة بالنشاط والصخب.فبعد فترة من الاستقرار عاد الصوماليون على متن الطائرات. وقال أحدهم في مطار نيروبي في طريقه لمقديشو "تجد صعوبة في الحصول على مقعد".حياتان في الغربكان من بين هؤلاء الكثير من النساء ممن يرغبن في النهوض بدورهن في إعمار بلد بات تحت وطأة الحرب لأكثر من عشرين عاما. صفية ياسين فرح، البالغة من العمر 34 ، غادرت الولايات المتحدة لتعمل مع الشباب في مقديشو وتساعدهم على التعلم واكتساب مهارات.وقالت "تربيت في الولايات المتحدة وحصلت على درجتي الجامعية في جامعة نيو هامبشاير. حصلت على وظيفة ولدي منزل وكل شئ."وأضافت أنها قررت العودة بعد سماعها بمحنة الأطفال الصوماليين وتعرضهم لأعمال عنف من بينها تجنيدهم للانضمام لجماعة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة التي فقدت سيطرتها على مقديشو وبلدات أخرى بفضل قوات "أميسوم" وقوات الحكومة. غير أن الجماعة مازالت تسيطر على الكثير من المناطق الريفية في جنوب ووسط الصومال.وقالت صفية "أرى حاجة شديدة لتعليم الصغار، انهم بحاجة إلى فرص مثل الأطفال في الغرب."وأضافت "نظرت حولي وقلت في نفسي يتعين علي أن أبذل قصارى الجهود، حينئذ أدركت أنه لابد أن أعود."كما أعربت فرح عن قلقها إزاء بعض الأشياء مثل عدم توافر الرعاية الصحية اللازمة والأمن. لكنها قالت "إنها أفضل مما ظن الناس."
وتختلف الاتجاهات الفكرية تجاه المرأة مقارنة بتلك السائدة في الغرب، وهو ما تشير إليه ماريان حسن، طالبة بكلية الحقوق تبلغ من العمر 26 عاما ولدت في بريطانيا . تقول ماريان" التقاليد تقول إن الرجال هم أرباب الأسر في الصومال وإن المكان الطبيعي للمرأة هو المنزل."بيد أنها أشارت إلى أن الكثير من الصوماليات العائدات كن في الغرب يعشن "حياتين" ويشغلن نفس الدور التقليدي في المنزل في الوقت الذي يعاملن فيه بمساواة في محيط العمل."أضافت ماريان أن الصومال تغيرت كثيرا، فاندلاع حرب لعشرين عاما يعني أن المرأة يتعين عليها أن تعيل أسرتها نظرا لسقوط الكثير من الرجال قتلى أو فقدان القدرة على العمل.والشئ الوحيد الذي تذكره النساء هو الوضع الأمني. مازالت مقديشو مكانا خطرا، ونظرا لذلك فهي تفتقد الاستقلال.وتقول مالوكا أبو بكر إن أصعب شئ هو العودة.وكانت السيدة الشابة قد تخلت عن وظيفة بارزة في الولايات المتحدة لدى شركة ميريل لينتش للعودة إلى مقديشو.وقالت " أصعب شئ هو الحياة الاجتماعية، فعندما كنت في الولايات المتحدة، اعتدت أن أفعل ما يحلو لي في أي مكان شئت، لكن هنا لا يمكن أن تستقل سيارة وأن تذهب إلى المتجر. الوضع ليس آمنا بدرجة كافية."لا يمكن لمالوكا أن تقود سيارتها في أي مكان بدون حراسة مسلحة، لأنها تعمل في مكتب رئيس الوزء.وأضافت "نحن نعيد بناء الصومال. وبالنسبة لي فهي تستحق ذلك."وبالنسبة للعديد من السيدات، فإن مجرد العيش في الصومال يحدث فارقا. لكن العيش في الصومال ليس بالشئ الهين بالنسبة للجميع.
أرسل تعليقك