اقر البرلمان الجزائري الخميس تعديلات جديدة تشدد العقوبة على الرجل الذي يمارس العنف الجسدي والمعنوي ضد المرأة ويحمي ممتلكاتها، وسط معارضة الاسلاميين الذين اعتبروه مخالفا "للنص القرآني".
واكد وزير العدل الطيب لوح ان المواد الجديدة في قانون العقوبات تندرج "في إطار رؤية شاملة للحكومة لمحاربة كل أنواع العنف ضد المرأة (...) مع مراعاة خصوصيات المجتمع الدينية والثقافية".
ونص التعديل الجديد لقانون العقوبات على ان" كل من احدث عمدا جرحا او ضربا بزوجه" يعاقب بالسجن من سنة الى 20 سنة بحسب درجة خطورة الاصابة. اما في حالة الوفاة فالعقوبة هي السجن المؤبد.
كما نص التشريع الجديد على معاقبة الزوج بالسجن من ستة اشهر الى سنتين "لكل من يمارس على زوجته اي شكل من اشكال الاكراه او التخويف ليتصرف في ممتلكاتها او مواردها المالية".
وللمرة الاولى، تم ادراج التحرش بالنساء ضمن قانون العقوبات ونص على السجن بين شهرين الى ستة اشهر او الغرامة المالية ضد "كل من ضايق امراة في مكان عمومي بكل فعل او قول او اشارة تخدش حياءها". وشهدت جلسات مناقشة القانون جدلا واسعا داخل قبة المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الاولى للبرلمان) خصوصا من النواب الاسلاميين الذي اعتبروا القانون "تدخلا في العلاقات الزوجية" وان القانون "مستورد ومستنسخ من قوانين الدول الغربية".
وبالنسبة للنائب عبد العزيز بلقايد من كتلة "تحالف الجزائر الخضراء" فان دور المرأة في الاسرة "خط احمر لا يمكن تجاوزه"، بينما اشار زميله نعمان بلعور الى ان القانون "يتعارض مع النص القرآني ويهدف الى تفكيك الاسرة".
وذهب نواب حزب جبهة العدالة والتنمية الاسلامي الى حد المطالبة بقانون "يمنع التعري والتبرج للنساء في الاماكن العمومية لانه السبب الاول للتحرش بهن" حسب قولهم.
اما النائب المستقل احمد خليف فاعتبر ان هذا القانون يقيد "حرية الرجل ويساهم في انتشار العلاقات خارج الزواج".
وقال في هذا السياق "من الافضل ربط علاقة خارج الزواج على الزواج نفسه والمخاطرة بالمتابعة القضائية لاي سبب".
وانتقد الوزير هذه التصريحات مؤكدا ان الظاهرة "موجودة في المجتمع وان المشروع تم تحضيره وفقا لإحصائيات الشرطة والجمعيات وتقارير المستشفيات التي تحصي العديد من الحالات المأساوية".
واعتبر أيضا أن "عدم اتخاذ التدابير اللازمة للحد من ظاهرة العنف الممارس ضد المرأة هو مخالفة لأحكام الشريعة التي تحصنها وتحافظ على كرامتها".
ولدى حديثه عن حق المرأة التصرف في اموالها، شوش عليه النواب بينما صفقت له زميلاتهم.
واظهرت احصائيات الشرطة في 2014 ان العنف الاسري ياتي في مقدمة جرائم العنف التي تتعرض لها النساء، باكثر من اربعة الاف حالة.
واشارت احصائيات نشرتها الصحف الى وفاة بين 100 الى 200 امرأة سنويا جراء العنف الاسري.
وقالت النائب فوزية سحنون من التجمع الوطني الديمقراطي ان هذه الاحصائيات تشير الى "ارهاب اسري".
وذهب العديد من زميلاتها في حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم الى الثناء على احكام القانون الجديد واعتبرته "تقدما" نحو مزيد من الحماية للمرأة.
اما النقطة التي اثارت انزعاج النساء فهي تدابير "الصفح" الذي يلغي الملاحقة القضائية في بعض الحالات، خصوصا في مجتمع محافظ كالجزائر حيث يمكن ان يؤثر المحيط الاسري على الضحية للتنازل عن حقوقها.
ولا يخص الصفح سوى حالات الضرب غير الخطرة، اما في حالات العاهة المستدامة، فان الصفح لا يلغي الملاحقة الجزائية.
واوضحت النقابية والناشطة المدافعة عن حقوق النساء سامية صالحي ان التشريع الجديد يمثل "تقدما" نحو الامام لكن "شرط الصفح يشكل معضلة لانه يلجم صوت المرأة ويعطي الانطباع بان مرتكبي العنف يستفيدون من اللاعقاب".
كما ان "مجرد الحديث عن الصفح يفقد القانون كل محتواه" بحسب وجدان حموش من حزب جبهة القوى الاشتراكية.
ودعت المحامية نادية ايت زاي الى الابقاء على المتابعة القضائية باسم الحق العام حتى بعد اعلان الضحية "الصفح".
وهذا ما ذهبت اليه منظمة العفو الدولية التي اعتبرت ان هذا القانون يشكل "خطوة الى الامام" لكنها تتخوف من "وقف الملاحقات في حال قررت الضحية الصفح".
وصوت نواب الغالبية من حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وبعض المستقلين الموالين للحكومة على تعديلات قانون العقوبات بينما قاطع الاسلاميون جلسة التصويت وفضل حزب العمال الامتناع.
أرسل تعليقك