برلين - مصر اليوم
للمرة الأولى يخوض الحزب المسيحي الديمقراطي في ألمانيا الانتخابات بمرشحة مسلمة من أصول تركية، في خطوة يراها المراقبون تغييرا ضروريا في سياسة الحزب المحافظ.ينتظر الأطفال بفارغ الصبر البداية الرسمية للحفل ليستمتعوا بالحلوى والمخبوزات الشهية الموضوعة على المائدة في الفناء الخلفية لإحدى دور الحضانة.يتجمع في هذا الفناء نحو 100 شخص نصفهم تقريبا من الأطفال. السياسية الشابة المسلمة جميلة غيوسوف موجودة أيضا في الحفل لتقوم بجمع التبرعات لصالح إحدى دور الحضانة في مدينة باساو والتي تضررت بشدة بفعل الفيضانات التي شهدتها ألمانيا ربيع هذا العام.لكن قبل أن تبدأ غيوسوف حملتها يستمتع الجميع أولا ببرنامج أعده الأطفال ويشمل أغاني وعمل مسرحي صغير بالإضافة إلى قراءة بعض الأشعار.في هذه الأثناء تجلس غيوسوف في الصف الأول وتتصفح بعض الأوراق إذ ترى السياسية الشابة:" أن الاستعداد الجيد هو أساس كل شيء".وظهرت نتيجة هذا الاستعداد الجيد بوضوح عندما اعتلت غيوسوف المسرح إذ تحدثت بلغة واضحة وبدت أفكارها مرتبة كما أنها حرصت أن تكون مختصرة للغاية موضحة ذلك بأنها لا ترغب في أن تكون سياسية تقليدية تسهب في الأحاديث إذ أن شعارها هو: العمل بدلا من الكلام.طفولة بين ألمانيا واليونانغيوسوف في منتصف العقد الرابع من عمرها. عاشت السياسية الشابة طفولة تقليدية لأبناء العمالة المهاجرة إذ تقول:"حرص والدي ووالدتي على تأمين مستقبل أفضل لي ولأشقائي لذا جاء التعليم على رأس أولوياتهما. لم يتمكنا من مساعدتنا في المحتوى الدراسي لكنهما فعلا كل ما بوسعهما حتى نحصل على الدعم المناسب".ولدت غيوسوف في ألمانيا أما والديها فهما ينحدران من أقلية تركية في اليونان. بعد عامين من ولادتها ، قامت والدة غيوسوف بإرسال الطفلة الصغيرة إلى اليونان لتعيش مع أحد أقاربها لأنها كانت مشغولة جدا بالعمل وبعد عامين عادت الصغيرة مرة أخرى إلى ألمانيا قضت غيوسوف طفولتها في مدينة ليفركوزن ثم انتقلت لمدينة بون لدراسة العلوم السياسية. كانت غيوسوف تقضي وقت فراغها في العمل بمنتدى ألماني تركي تابع للحزب المسيحي الديمقراطي بولاية شمال الراين ويستفاليا بغرب ألمانيا كانت هذه هي بداية دخول الشابة ذات الأصول التركية عالم السياسة وتحديدا الحزب المسيحي الديمقراطي المعروف بتبنيه القيم المسيحية والمحافظة. وعن تجربتها مع الحزب تقول غيوسوف:" اعتقدت في البداية – مثل الكثير من الناس- أن الحزب المسيحي الديمقراطي ليس المكان المناسب الذي يمكن أن ينضم إليه المهاجرون". لكن الأمور تغيرت كثيرا منذ عام 2005 حيث انتقلت قضية الاندماج إلى صدارة اهتمامات الحزب"ولا تنزعج غيوسوف من كلمة "المسيحي" في اسم الحزب الذي تعمل فيه وتوضح الأمر قائلة:"المؤمنون بشكل عام بغض النظر عن الدين الذي يتبعونه ، لديهم اهتمامات مشابهة. المسلمون والمسيحيون في ألمانيا يرغبون في تعليم ديني في المدارس بعكس حزب الخضر الذي يسعى لتدريس علم الأخلاق بدلا من ذلك"رياح التغيير في الحزب المسيحي الديمقراطي دقائق قليلة لالتقاط الصور تسرع بعدها السياسية الشابة للسيارة لتلحق بالموعد المقبل إذ ينظم اتحاد الدراجات البخارية حفلا في الهواء الطلق يشارك فيه أيضا زميلها في الحزب كريستوف بوربس والذي يؤيد تماما فكرة اختيار الحزب المسيحي لسياسية غير مسيحية لتمثله في الانتخابات ويقول:"حان الوقت لهذه الخطوة..لا يهم الدين الذي تتبعه (غيوسوف) فما يجمع الديانات المختلفة أكثر بكثير مما يفرقها"ويلمس بوربس التغيير داخل صفوف الحزب المسيحي الديمقراطي ويقول:"لم يعد أحد يسأل الآن داخل الحزب المسيحي الديمقراطي عن الانتماء الديني لأي شخص وما إذا كان ينتمي للكنيسة الكاثوليكية أو الانجيلية..لم يكن الوضع هكذا قبل عدة سنوات..أنا على ثقة بأننا لن نسأل عن عقيدة أي شخص خلال السنوات المقبلة"الأحاديث الجانبية وجدول المواعيد المزدحم يلتهم وقت غيوسوف التي تقول:"في البداية رحب والدي ووالدتي بمسألة ترشيحي لكنهم الآن يشكون من غيابي المستمر عن المنزل"ولمس المواطن العادي أيضا موجة التغيير الجديد بترشيح غيوسوف كما هو الحال مع جوشوا ، صاحب أحد المحلات التجارية في مدينة هاغن والذي يقول:"لم أشارك في الانتخابات قبل ذلك إذ أن التغيير في السياسة الألمانية بسيط للغاية وأنا فقدت ثقتي في الساسة منذ فترة طويلة"لكن هذا الوضع تغير بعد أن تقابل جوشا مع غيوسوف شخصيا إذ يفكر الآن بجدية في المشاركة بصوته في الانتخابات المقبلة في أيلول/سبتمبر. ويكشف جوشا عن حماسه لغيوسوف ويقول:"أعتقد أنها قادرة على إحداث التغيير"نموذج لأبناء المهاجرين تضع غيوسوف قضية التعليم والأسرة على رأس أولوياتها وتقول:"من حق كل طفل الحصول على فرصة للتعليم الجيد. فرصة حصول أبناء الأسر المتعلمة على شهادات جامعية في ألمانيا أكبر سبع مرات من فرصة أبناء الأسر غير الحاصلة على تعليم عال"وترغب غيوسوف في مواصلة الطريق الذي بدأه الحزب المسيحي الديمقراطي على طريق إصلاح سياسات الأسرة مثل توفير المزيد من الأماكن في دور الحضانة وإعانات الوالدينوترى غيوسوف أن على الساسة القيام بالمزيد في هذا الاتجاه لاسيما مع استمرار وجود نساء يتخلين عن فكرة الإنجاب خوفا من تأثر حياتهن المهنية ولا تشغل غيوسوف كثيرا نفسها بما ينتظرها في برلين حال فوزها في الانتخابات وتركز جهدها في الوقت الحالي على حملة انتخابية ناجحة وترى أن خطوة دخولها الانتخابات من شأنها تشجيع المزيد من أبناء المهاجرين في ألمانيا على دخول عالم السياسة.
أرسل تعليقك