حروق باليدين والقدمين من الدرجتين الثانية والثالثة، وتشوهات جلدية يحتاج علاجها إلى أشهر متواصلة، تعرضت لها نساء في الفجيرة جراء نقشات بالحناء قمن بها عاملات من جنسيات دول آسيوية، يروجن لأنفسهن عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتبين لاحقاً أنهن لسن على دراية بالخلطات المتبعة في عمل الحناء، ويستخدمن مواد كيميائية غير مرخصة بغرض الحصول على ألوان داكنة.
وأصيبت عروس مواطنة من الفجيرة بحروق من الدرجتين الأولى والثانية، في يديها وساقيها ليلة زفافها، أخيراً، نتيجة تعرضها لنوع من الحناء يحتوي إضافات بترولية حارقة، من إحدى المختصات بنقش الحناء كانت تروج لنفسها عن طريق برامج التواصل الاجتماعي، من دون حصولها على رخصة من الجهات المعنية.
العروس (ش.خ) قالت «لم أكن أتوقع أن يتحول يوم زفافي إلى يوم أقضيه في قسم طوارئ المستشفى، بسبب الحروق التي تعرضت لها نتيجة نقوش الحناء، فحين كنت أبحث عن الحناء المميزة حتى أظهر بصورة جيدة في حفل زفافي، رشحت لي صديقتي واحدة من المختصات بنقش الحناء، وهي غير مرخصة وتقوم بالترويج لنفسها عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، بعرض صور لنقشات مختلفة للحناء في حسابها»، مضيفة «تخوفت في بادئ الأمر، إلا أن جميع الصور المعروضة للفتيات اللاتي قامت بنقش الحناء على أيديهن، لا تظهر فيها علامات التحسس أو الحروق، ما دفعني لأخذ موعد لديها على الرغم من المبالغة في سعرها».
أيدتها في الرأي ربة المنزل، موزة سالم، من إمارة الفجيرة، قائلة: «الفتيات يتجهن للطرق الأسهل والأسرع حتى على حساب صحتهن، إذ إن بعض الفتيات يشتكين من ازدحام مراكز التجميل الخاصة بنقش الحناء، خصوصاً في فترات المناسبات والأعياد، ما يجعلهن يطلبن نقشات الحناء من عاملات آسيويات غير مرخصات، يروجن لأنفسهن بشكل غير حقيقيي عن طريق نشر صور خاصة بنقش الحناء على أيدي بعض الزبائن، وتكون هذه الصور غير حقيقية ومسروقة من حسابات أخرى»، مطالبة بضرورة مراقبة مثل هذه الحسابات والسعي لإغلاقها، لما تشكله من خطر على النساء، خصوصاً أن طبيعة الحناء غير معروفة، ولا يتم فحصها عن طريق الجهات المحلية المختصة.
المواطنة أسماء آل علي، أكدت أن بعض الحسابات الموجودة على برامج التواصل الاجتماعي ما هي إلا خدعة من عاملات في مراكز تجميل، إذ يفتحن حسابات ويعملن بشكل مفرد لكسب زبائن أكثر، ما يتيح لهن الحصول على دخل إلى جانب راتب المركز.
وحذرت أخصائية الأمراض الجلدية في أحد المستشفيات الخاصة، الدكتورة نسرين عبدالرحيم، من الأضرار الصحية التي تنتج عن خلط الحناء بمواد كيميائية كما يحدث في بعض صالونات التجميل، أو على المستوى الشخصي، إذ تضيف بعض النساء مواد إلى خلطة الحناء لتثبيت لونها وإبقائه أطول فترة ممكنة على الجلد، ما قد يؤدي إلى إصابته بحروق يصعب علاجها، مبينة أن نساء كثيرات يتنافسن في نقش الحناء دون الالتفات للأضرار الجانبية التي قد تسببها أنواع الحناء غير المرخصة، التي غالباً تكون من تتولى نقشها تعمل بشكل غير قانوني ولا تخضع لمراقبة.
وعن الأعراض الناتجة عن استخدام مثل هذه الأنواع من الحناء، ذكرت نسرين عبدالرحيم: «المواد الكيميائية في بعض أنواع الحناء تسبب احمراراً في الجلد، ورغبة ملحة في الحكة، إذ يكون الجلد في حالة هيجان لتعرضه لمواد كيميائية توصف بالحارقة أحياناً، ويجب استعمالها بمقدار معين تجهله بعض العاملات غير المؤهلات في صالونات التجميل».
كما حذرت من خطر اللجوء إلى الوصفات غير المعتمدة في الحناء، سواء لليد أو الشعر، أو الاستماع إلى نصائح غير المختصات، لافتة إلى أن كثيراً من النساء اللواتي ينقشن الحناء يدعين المعرفة التامة ببعض الخلطات أو المواد الكيميائية، التي تدخل في خلطات الحناء لتعطي لوناً جديداً يدوم فترة طويلة، وحين تستفسر الزبونة عن هذه المواد يقمن بطمأنتها وبأن أعراض الحكة ستزول بعد دقائق، لكنها في الواقع تتحول لحروق من الدرجتين الثانية والثالثة، تتطلب تدخلاً طبياً فورياً.
ونصحت الراغبات في استخدام الحناء، خلال العيد أو المناسبات المختلفة، بضرورة الاستفسار من صالون التجميل عن نوع الخلطة والمواد المستخدمة فيها، من دون الشعور بالحرج تجاه ذلك، بالإضافة إلى مراعاة نظافة المكان أثناء عملية التجميل.
المستشار القانوني، أيهم المغربي، ذكر أن متخصصات في نقش الحناء يقمن بخلطها بمواد كيميائية ضارة وغير مطابقة للمواصفات، وبذلك يتحملن المسؤولية في حال الإضرار بصحة الزبائن، ويمكن للمتضررة أن تقدم فاتورة المعاملة لدى الصالون إلى البلدية لاتخاذ الإجراء اللازم حياله، مضيفاً «عند تلقي أي بلاغ يتعلق بمراكز تجميل تقدم أنواع الحناء المحظورة، مثل الحناء السوداء، أو التي تخلط معها مواد ممنوعة، تقوم إحدى المفتشات بزيارة المركز بشكل سري، وتطلب الحناء السوداء، وعند موافقة العاملين في المركز على تقديم الخدمة، فإن المفتشة تضبط العينة، وتحرر مخالفة وغرامة تصل إلى 2000 درهم على صاحبة الصالون، وقد تتضاعف قيمة هذه المخالفة». وطالب المغربي بعدم شراء خلطات الحناء الجاهزة من الباعة المتجولين لصعوبة التأكد من تركيبة المواد ومصدرها، وذلك لتلافي أي مضاعفات صحية خطرة قد تنتج عن استخدام هذه المواد وصعوبة رفع دعوى لمسألة «الحناية»، أو من يقوم ببيع الحنة.
«تلجأ شريحة من النساء إلى إحضار (حنايات) غير مرخصات لعمل نقوش لهن في منازلهن، كونهن أقل كلفة في ظل ارتفاع أسعار صالونات التجميل بصورة كبيرة، فيما يعرض هذا السلوك صحة صاحبته للخطر نتيجة قلة الوعي»، حسب المغربي الذي أوضح أن «القانون يعاقب من يفتح مشروعات (حنايات) لتقديم الخدمة في البيوت، بالحبس والغرامة عن تهمة مزاولة نشاط من دون ترخيص، فضلاً عن أن أم الطفلة التي تتركها مع حناية غير مرخصة تتعرض هي الأخرى للمساءلة القانونية إذا تعرضت الطفلة للإصابة، إذ إن قانون حقوق حماية الطفل (وديمة) جرّم تعريض حياة الطفل للخطر من أحد متولي رعايته، وعاقب على ذلك بعقوبة الحبس والغرامة التي لا تقل عن 50 ألف درهم، ويعتبر الأشخاص الذين يديرون هذه الأماكن غير المرخصة، والذين ارتضوا عمل حناء للطفلة تعرضها للأذى والحروق، بالإضافة إلى الأم أو الأب، من متولي رعاية الصغير».
من جانبها، كثفت بلدية دبا الفجيرة، متمثلة بإدارة الخدمات العامة والبيئة، حملاتها التفتيشية المفاجئة والدورية على الصالونات ومراكز التجميل، الخاصة بالرجال والنساء، في مدينة دبا والمناطق التابعة لها، للتأكد من تطبيقها الاشتراطات الصحية، والتأكد من المواد والأدوات المستخدمة، ومدى صلاحيتها وسلامتها.
وحذرت البلدية من استخدام الحناء السوداء والبيضاء، والآثار الصحية المترتبة على استخدامها، لأنها تحتوي على مواد كيميائية ضارة تؤثر في الجلد وتؤدي إلى حدوث حساسية والتهابات وتقرحات واحمرار وورم شديد.
مدير إدارة الخدمات العامة والبيئة في البلدية، عبدالرحمن الأفخم، قال إن البلدية لم تتلقّ أي شكوى بهذا الشأن خلال الربع الأول من العام الجاري، مشيراً إلى أنه لا يوجد شيء اسمه حناء سوداء طبيعية، فالحناء الطبيعية لا تظهر باللون الأسود بعد غسلها، لكن المصنعين يضعون مادة كيميائية تغير لون الحناء وتجعله داكناً.
أرسل تعليقك