يختصر باسم، والد عهد التميمي ، الإجابة على السؤال الكبير الذي شغل الفلسطينيين في الأسبوعين الماضيين وهو لماذا عهد بالذات؟ ، و أصبح السؤال يلح على كثيرين من الفلسطينيين، إلى الحد الذي تحول إلى مساحة نقاش قاسية في أحيان كثيرة، من دون أن يزعج ذلك أصحاب الشأن أنفسهم
و يقول باسم " لم يزعجنا السؤال أبدًا ولا النقاش بشأنه ، ببساطة، لم تكن عهد ابنة اللحظة ، إنها تشكل تاريخ القرية في المقاومة الشعبية ، منذ كانت طفلة وهي تصارع هذا الجيش ، و بدأت مع الفكرة وهي امتداد لها، ولنا كذلك ، متابعًا "هل تعرف و هو يشير إلى زوجته التي كانت تجلس إلى جانبه، ناريمان لم ترم الكاميرا لمّا عندما كان أخوها يستشهد.
لم ترم الكاميرا لأنها صاحبة فكرة ".
و اعتقلت ناريمان بعد أيام من اعتقال ابنتها ، ولم يكن الاعتقال الأول على أي حال، إنما السادس و بدت ناريمان متفقة مع زوجها تمامًا، ولم تبد أي ندم لأنها تسببت في اعتقال ابنتها..
و صورت ناريمان الفيديو المثير للجدل الذي بسببه اعتُقلت عهد ، بعدما ظهرت وهي تصفع جنديًا إسرائيليًا، وبثته كذلك ، وتابعت ناريمان " كنت أعرف أنهم سيعتقلونها، لكني قلت هذا فداء إلى الفكرة، إذا أصحاب الفكرة لن يكونوا مستعدين إلى التضحية فمن يضحي؟ " .
و أجابت ناريمان عندما سُئلت ما إذا كانت تمنت ، حتى داخل السجن، لو أن ابنتها حظيت بحياة أخرى، طفلة من دون مواجهات ، مع مساحات أكبر للعب والضحك والترفيه ، فقالت " لا " ، وأضافت "على العكس، أنا أدعو الجميع لتحرير أبنائهم بهذه الطريقة ".
وتابعت " أنا أعرف أطفالًا هنا ، إذا بتشوف الواحد قدام الجندي ما بتصدق ، أسد ، بس إذا شاف أبوه جاي من بعيد يهرب ، طيب كيف نطالب بالتحرير ونحن مش محررين أولادنا".
و تدخل باسم ليقول " هل تعرف، أنا أعتقد أن الفكرة في النبي صالح نجحت، لأنها نسوية أو فيها العنصر النسوي واضح وقوي ومباشر" ، وأضاف " كف عهد كان أقوى من الكلاشينات".
وتقوم الفكرة التي يتحدث عنها باسم وناريمان على ذلك ، إظهار الجيش الإسرائيلي بأنه غير أخلاقي، ومحتل، وقاتل، عبر المقاومة الشعبية السلمية ، وهو نهج برزت فيه القرية الصغيرة التي أنجبت عهد، لكنه لم يتعمم كما يجب ، في زاوية قريبة كان ثمة نقاش هادئ يدور بشأن عدم نجاح المقاومة الشعبية في أماكن أخرى ، و تحمس أحد الزوارقائلًا "السبب معروف كلنا نعرفه ، لا يوجد سقف عالٍد"
ورد عليه آخر " لا تتوقع شيئًا ، إنهم يدعموننا بالكلام فقط، والكلام لا يطعم خبزًا "و عقب أحد الحضور الذي بدا أنه يحظى باحترام كبير من الآخرين "لقد حولوا المقاومة الشعبية إلى أغنية ، هذا ما يريدونه، أغنية وليس فعلًا على الأرض" ، وحينما حاول أحد الحاضرين الدفاع والتبرير قائًلا " التقصير عام ، قبل السلطة وبعد السلطة ، لا يوجد هدف سياسي " و رد آخر عاجلًا " أوسلو لعن أبوه للهدف السياسي".
بدأت قرية النبي صالح المظاهرات الشعبية في عام 2009، احتجاجًا على توسع مستوطنة حلميش القريبة ، وخشية أن تلتهم المستوطنة مزيدًا من أراضي القرية ، وتجثم المستوطنة الكبيرة، التي بُنيت في أواسط سبعينيات القرن الماضي، في مكان كان مخفرًا بريطانيًا قديمًا، على تلال عالية مطلة على القرى العربية هناك.
و يمكن من بيت عهد مشاهدة معظم بيوت المستوطنة ، ومنطادًا يطير بالقرب، يصور جميع المارين الذين قد يشكلون خطرًا محتملًا بالنسبة إلى الإسرائيليين ، و مع الانتهاء من الشارع الواصل إلى حلميش، يتغير لون البلاد ، شوارع أخرى رديئة وغبار ولافتة تحذر الإسرائيليين من الدخول إلى مناطق غير آمنة تابعة إلى السلطة الفلسطينية.
لا تختلف قرية النبي صالح عن غيرها من القرى، سوى أن كل سكانها الـ500 من عائلة التميمي، باستثناء عائلتين ، وكل شخص من خارج القرية هو، في هذا الوقت بالضرورة، غريب يبحث عن بيت عهد التميمي.
و يقع في آخر القرية ، البيت الذي لا يتوقف عن استقبال الزوار والمهنئين بسلامة عهد وأمها ناريمان ، و التركيز على عهد خطف الأضواء من ناريمان السعيدة بذلك ، وواضح أنه خطف أيضًا، الأضواء من الأسيرات الأخريات، وهذا كان مثار غضب الكثيرين.
و أثار سبب آخر مهم شيئًا من الغيرة، وهو أن الفتاة الصغيرة شقراء بملامح أوروبية ، و هذه الملامح كانت سببًا كبيرًا في حالة التضامن الغربي معها و يدرك أهل عهد المسألة ، لكن والدتها تعتبرها عنصرية، وتقول " العالم الذي تضامن مع ابنتي لأنها شقراء وتشبههم هو عالم عنصري ، هناك أسيرات أخريات غير عهد ، هناك مظلومون غير عهد".
كانت صور عهد تملأ المكان، ومن بينها صورة كبيرة مع الرئيس الفلسطيني الذي استقبلها بعد الإفراج عنها، ووصفها بأيقونة المقاومة الشعبية ، وهو لقب حظيت به عهد بعد أن ظهرت قبل اعتقالها في مقطع فيديو، وهي تصفع جنودًا إسرائيليين أثناء محاولتهم اقتحام ساحة منزل عائلتها في قريتها الصغيرة في 15 ديسمبر / كانون الأول الماضي، قبل أن يأمر وزير الجيش الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان باعتقالها بعد 4 أيام فقط.
و انتشر الفيديو المذكور على نطاق واسع وأعجب الفلسطينيين والعرب، هو الذي أسس لاتهام عهد من قبل النيابة الإسرائيلية
و لم يكن هذا أول فيديو لعهد ، ففي أغسطس / آب 2015، ظهرت عهد في فيديو شهير تحاول ووالدتها، تخليص شقيقها الصغير محمد من قبضة جندي لئيم ، وفي فيديو آخر أكثر قدمًا ، صُور في 2012 ، قادت عهد مجموعة أطفال فلسطينيين، من ضمنهم شقيقها محمد، في نقاش مع جنود إسرائيليين، وظهرت وهي تلوح بقبضتها أمام جندي، كأنها تريد ضربه، في صورة اشتهرت للغاية وأشهرتها.
وكان محمد يوزع الكثير من الماء والقهوة والحلويات على المهنئين بسلامة أمه وشقيقته ، وبعد 8 أشهر من السجن، ونقاش قاس بشأنها، وضغط كبير، لا يبدو أن عهد تغيرت كثيرًا و بدت متعبة من استقبال الناس وإلحاح الصحافيين وأسئلتهم، لكنها قالت ، إن هذا الجندي لو عاد لصفعته مرة أخرى.
وأضافت " عندي النفس حتى أضربه مرة أخرى ، أي واحد يقتحم بيتي يجب أن أفعل ذلك" و كانت عهد مدركة للنقاش المثار بشأنها ، و ابتسمت وردت " تساؤلهم لماذا أنا طبيعي ، بحكيلهم أنا بلحظة، كان في كاميرا صورتني ، لقد حظيت بكاميرا و فقط ".
أرسل تعليقك