القاهرة ـ صوت الإمارات
الصفراء، واحدة من أكثر الأعراض التي تتطلب رعاية طبية عند حديثي الولادة إذ يصاب حوالي 60٪ من الأطفال كاملي النمو و80٪ من الأطفال المبتسرين كما يصاب حوالي 10٪ من الأطفال الذين يرضعوا طبيعياً بالصفراء في الشهر الأول من العمر ولدي معظم الرضع فإن الصفراء التي تصيبهم غير مرتبطة بأمراض كامنة.
ففي هذا الوقت المبكر يوصف بالصفراء الفسيولوجية وعادة لا يكون خطيراً، ويذكر الخبراء أن الصفراء ليس مرضاً في حد ذاته، ولكن علامة عن وجود أمراض مختلفة فهو يصيب الجلد والأغشية المخاطية، خاصة بياض العيون بالاصفرار والسبب الأساسي لهذا الاصفرار هو الارتفاع غير الطبيعي في الدم لمستوي مادة البيلروبين.يقول الدكتور أحمد محمد طلعت، اخصائي الأطفال حديثي الولادة بمستشفي الدمرداش: تحدث الصفراء أثناء وجود الجنين داخل الرحم يكون لديه نوع مختلف من الهيموجلوبين يسمي الهيموجلوبين الجنيني وعند الولادة يقوم الجسم بتكسير وتدمير هذا النوع من الهيموجلوبين وتبديله بخلايا الدم الحمراء التي تحتوي علي الهيموجلوبين الطبيعي لدي الكبار وتنتج مادة البيلروبين نتيجة لتكسير الدم وهي صبغة صفراء وتطلق في مجري الدم عند تدمير خلايا الدم الحمراء وتنتج حوالي 75٪ من مادة البيلروبين عند تدمير الهيموجلوبين وتتم معالجة البيلروبين داخل الكبد حيث يركب البيلروبين مع مواد أخري ويصبح مادة مركبة، ويتم إخراجه من الجسم غالباً بالإفراز عن طريق البراز، وبما أن الكبد لدي الأطفال حديثي الولادة لم يكتمل نموه وتكون قدرته علي القضاء ومعالجة البيلروبين المفرط محدودة فإن مستوي البيلروبين يتزايد في الدم وعادة تتم عملية تدمير خلايا الدم الحمراء «الجنينية» في خلال أسبوعين إلي ثلاثة أسابيع في هذا الوقت يكتمل نمو الكبد وتعود مادة البيلروبين إلي مستوياتها الطبيعية، وهناك أنواع مختلفة من الصفراء يمكن أن تحدث في المواليد الجدد وهي الصفراء الفسيولوجية وتحدث رد فعل طبيعياً علي محدودية قدرة جسم الطفل علي التخلص من البيلروبين في أيامه الأولي وهو أكثر أنواع الصفراء شيوعاً، وصفرة لبن الأم فنحو 2٪ من الأطفال يتغذون بالرضاعة الطبيعية يصابون بالصفراء بعد الأسبوع الأول، وبعضهم يصاب بصفراء حليب الأم في الأسبوع الأول نتيجة لانخفاض السعرات الحرارية التي يحصلون عليها أو بسبب الجفاف وعادة ما تختفي الأعراض بعد عدة أسابيع، فلا يحتاج المرض إلي علاج إذا أصيب الطفل بصفراء حليب الأم عادة ما ينصح الآباء والأمهات بمواصلة إعطاء حليب الثدي للطفل، والنوع الثالث الصفراء الانحلالية وتفكك خلايا الدم الحمراء بسبب أمراض وراثية «الصحة الإنجابية والمرض» أو كثرة خلايا الدم الحمراء أو بسبب النزيف، والصفراء المتعلقة بخلل في وظائف الكبد بسبب الإصابة أو عوامل أخري، وتظهر الصفراء أولاً في الوجه والجزء العلوي من الجسم ويمتد إلي الأجزاء السفلية من الجسم، وأهم علاماته هي اصفرار عيني وجسم الطفل، كما يتغير لون البول إلي بني أو أصفر غامق وذلك بسبب البيلروبين، إذا كانت مستويات البيلروبين مفرطة يمكن أن يكون الطفل متعباً جداً وكثير النعاس وهذه من العلامات الخطيرة ويجب مراجعة الطبيب وفي الغالب تكون الصفراء واضحة عندما تزيد كمية البيلروبين عن 5 مليجرامات لكل ديسيلتر وتكون الحالة خطيرة عندما يرتفع إلي نسبة أعلي من 25 مليجراماً لكل ديسيلتر.
ويضيف الدكتور أحمد محمد طلعت: إن الصفراء الفسيولوجية وصفراء حليب الأم عادة لا يسببان أي مشاكل للرضع وتختفي الأعراض عادة بعد فترة من الوقت دون الحاجة للعلاج، ولكن أحد الآثار المثيرة للقلق من الصفراء إذا كانت مستويات البيلروبين عالية لفترات طويلة، وهناك احتمال بتأثر المخ، حيث تصبح أنسجة المخ ملطخة بالبيلروبين مما يتسبب في تلف المخ والتشنجات وبسبب الآثار الجانبية يفضل معظم الأطباء علاج الصفراء فوراً، أما عند الأطفال حديثي الولادة يبدأ العلاج مبكراً وذلك لأن الكبد يأخذ وقتاً أطول حتي يكتمل نموه، مما يزيد من مخاطر ارتفاع مستويات البيلروبين لفترة طويلة، وتوقيت ظهور الصفراء يساعد التشخيص فإذا ظهرت الصفرا في الـ 24 ساعة الأولي عادة ما يكون خطيراً جداً أو يتطلب معالجة فورية فمن المحتمل أن يكون السبب مشكلة داخل الكبد، وإذا ظهرت الصفراء في اليوم الثاني أو الثالث فهو يكون في الغالب فسيولوجياً ولكن يجب الكشف حتي لا يكون هناك سبب آخر للصفراء، أما ظهور الصفرا في وقت لاحق في الأسبوع الثاني وغالباً ما يرتبط برضعات لبن الأم ولكن قد يكون أيضاً هناك أسباب أخري، ولتشخيص الصفراء تجري بعض الفحوصات المختبرية وقد تشمل فحص مستويات البيلروبين المباشرة وغير المباشرة، وتعكس هذه المستويات ما إذا كان البيلروبين مركباً مع مواد أخري من قبل الكبد بحيث يمكن إخراجه «مباشرة» أو منتشراً في الدورة الدموية «غير المباشرة» وفحص مستويات خلايا الدم الحمراء وكشف نوع الدم واختبار التوافق العلاجي وعلاج الصفراء يحدده طبيب طفلك ويعتمد علي عوامل كثيرة مثل عمر الطفل وصحته العامة والهدف الأساسي للعلاج هو الحفاظ علي مستويات البيلروبين من الارتفاع إلي مستويات خطيرة.
ويري الدكتور أحمد محمد طلعت أن علاج الصفراء يتمثل في العلاج الضوئي وذلك لأن مادة البيلروبين تمتص الضوء والصفراء وزيادة مستويات البيلروبين عادة تنخفض عندما يتعرض الطفل لطيف الضوء والعلاج بالضوء قد يستغرق عدة ساعات لبدء العمل ويستخدم طوال النهار والليل لفترة يحددها الطبيب وأثناء التعرض للضوء يتم تغيير وضع الطفل للتأكد من تعرض كل الجلد للضوء ويجب مراقبة درجة الحرارة لحماية عيني الطفل أثناء العلاج الضوئي ويتم فحص مستويات الدم والبيلروبين للتحقق من عمل العلاج الضوئي ويكون الطفل في المستشفي حتي يتم علاجه بالجهاز الضوئي وليس بالمنزل واستبدال الدم حيث يتم نقل دم للطفل ليحل محل الدم التالف وهذا يساعد علي زيادة عدد كرات الدم الحمراء وانخفاض مستويات البيلروبين ويتم استبدال الدم بضخ كميات بسيطة من الدم للطفل وسحب الدم التالف عن طريق الوريد أو الشريان، وعملية استبدال الدم قد تحتاج إلي تكرار إذا كانت مستويات البيلروبين لاتزال مرتفعة، وعادة يتم هذا الإجراء عندما تكون نسبة ارتفاع البيلروبين لدرجة خطيرة، والتوقف عن الرضاعة الطبيعية فمعالجة صفرا حليب الأم كثيراً ما يتطلب وقف الرضاعة الطبيعية ليوم واحد أو يومين وإعطاء الطفل لبناً مخصصاً لخفض مستويات البيلروبين أو الرضاعة الطبيعية مع الصناعية بالتبادل كل 24 ساعة ويمكن استئناف الرضاعة الطبيعية بعد ذلك، فبعض الخبراء يعتقدون أن لبن الأم يمكن أن يؤثر علي وظيفة الكبد لفترة قليلة، لذلك ينصحون بتوقيف اللبن ليومين وبعدها ترجع الأمور طبيعية، وأحياناً يكون السبب عدم وجود لبن كاف للطفل وفي هذا الحال يجب إعطاء اللبن علي فترات متقاربة لذلك يجب معرفة السبب الأساسي للصفراء حتي يتم العلاج المناسب، وفي معظم الحالات سبب الصفراء عند الرضع هو فسيولوجي ولكن علينا أن نكون يقظين لحماية أطفالنا وإذا لاحظنا اصفرار الطفل من الأفضل الاتصال علي الفور بالطبيب حتي يتسني حصول الطفل علي الرعاية المباشرة والسريعة، فالصفراء مرض لا يمكن منعه ولكن التشخيص المبكر مهم جداً للعلاج وتقليل المضاعفات .
أرسل تعليقك