لندن-صوت الإمارات
وصم الكاتب البريطاني، ديفيد جاردنر، تصرفات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ومؤيديه من الجمهوريين بالكونجرس الأمريكي، لإجهاض الإتفاق النووي المزمع بين إدارة أوباما وإيران، بـ«الوقاحة» التي أطلقت العنان لكثير من الصخب والغضب حول مستقبل الشرق الأوسط،، لا سيما في السعودية وتركيا إلى جانب إسرائيل، كلحفاء أمريكا التقليديين بالمنطقة.
ورصد في مقال نشرته «فاينانشيال تايمز» جهود وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، الحثيثة لتخفيف حدة غضب وقلق السعودية وحلفائها السُنة، ممن يرون في إيران الشيعية خصمًا يسعى للهيمنة ليس فقط على الخليج وإنما يمتد طموحه إلى بلاد الشام.
كما رصد «جاردنر» طمأنة «كيري» للقادة السعوديين قبل عشرة أيام بقوله إنه في حال إبرام إتفاق نووي «لن نغمض أعيننا عن أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في مناطق أمثال سوريا ولبنان والعراق وشبه الجزيرة العربية»، وأنه لن تكون ثمة «صفقة كبرى».
ونوه «جاردنر» عن قلق خصوم إيران من أن أي صفقة كبرى مع الأخيرة ستكون كفيلة بتأمين المكاسب التي أحرزها الشيعة بقيادة إيرانية عبر المنطقة العربية منذ أن قلبت أمريكا النظام الإقليمي رأسًا على عقب في 2003 باجتياحها العراق وتنصيب حكومة أغلبية شيعية في قلب دولة عربية للمرة الأولى منذ مئات السنين.
ورأى «جاردنر» أن ثمة مشاكل تتعلق بتلك التطمينات: منها أن حرص أمريكا وغيرها من القوى المتفاوضة مع إيران، على فصل الملف النووي بعيدًا عمّا سواه من الملفات الأخرى الشائكة، هو في جزء منه للحيلولة بين طهران واستخدامها لهذه الملفات الأخرى كوسائل ضغط لتحقيق أهدافها على صعيد الملف النووي، هذا الحرص من جانب أمريكا والقوى المتفاوضة على الفصل بين الملفات يصبح أكثر صعوبة كلما اقتربت «لحظة الحقيقة» في المحادثات النووية.
ومن مشكلات التطمينات أيضًا أن نفوذ إيران على الأرض العربية ليس ثابتًا فقط، وإنما يتسع؛ ذلك أن المحور الشيعي الذي صنعته طهران بدءًا من بغداد إلى بيروت مرورًا بدمشق لم يتوقف عند ذلك، وإنما امتد جنوبًا صوب اليمن، حيث استولى الحوثيون الشيعة على السلطة.
ويرى «جاردنر» أن من المشكلات أيضًا أن انهيار الشرق الأوسط اختلط في ذهن العالم مع الانفجار الجهادي لتنظيم «داعش» في قلب المنطقة على نحو مزق كل أنساق التحالف.
وأشار «جاردنر» في هذا السياق إلى أن تركيا أبرمت اتفاقًا مع ميليشيا كردية سورية الشهر الماضي، بحيث لم تطلق رصاصة واحدة من جانبها صوب المنطقة التي يسيطر عليها الجهاديون من ذلك الحين، منوهًا عن أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، كان قد وصف هذه الميليشيا ذاتها العام الماضي بأنها لا تختلف في شيء عن تنظيم داعش، الذي يرجح المراقبون أن أنقرة توصلت لتفاهم معه هو الآخر.
واختتم «جاردنر» قائلا: «في ظل هذه»الفوضى النسقية«والأجزاء المتحركة والتحالفات المتحوّرة، فإن العديد من أطراف المنطقة لم يعودوا يثقون كثيرًا في تطمينات واشنطن، لا سيما في ظل عدم وضوح الرؤية الأمريكية لمستقبل المنطقة في مقابل امتلاك إيران استراتيجة تبدو واضحة وعنيدة.
أرسل تعليقك