يبحث علماء من معهد مصدر إمكانية الاستفادة من الكميات غير المستخدمة من مياه الصرف الصحي المعالجة وبالتالي المساهمة في تلبية مختلف احتياجات المياه في الدولة بطريقة مستدامة وبتكلفة معقولة.
وتعتبر " تحلية المياه " أول الابتكارات التقنية الهامة التي ساعدت دولة الإمارات على تعويض ندرة مياه الشرب ورفع مستوى جودة الحياة غير أن معالجة مياه الصرف الصحي تعد الابتكار التالي المنشود الذي ينتظر أن يسهم في تعزيز أمن المياه في الإمارات وذلك حسب رأي فريق من علماء معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا.
وستبقى تحلية المياه المصدر الأكبر للمياه العذبة الصالحة للاستخدام المنزلي في الإمارات إلا أنها مكلفة ومستهلكة بشكل كبير للطاقة وهذا ما يحتم ضرورة البحث عن مصادر بديلة للمياه.
وفي هذا السياق يبرز الاعتماد على مياه الصرف الصحي المعالجة رغم محدودية استخداماتها بدلا عن المياه المحلاة في مجالات الزراعة والتبريد كحل فعال يمكن أن يحقق وفورات في الطاقة والتكلفة.
وفي حقيقة الأمر باشرت أبوظبي بإعادة تدوير مياه الصرف الصحي البلدية حيث تستفيد اليوم من 60 بالمائة من هذه المياه المعالجة في ري المسطحات الخضراء في الإمارة لكن نظرا لمحدودية شبكات الري المتوفرة يصعب استغلال كامل المياه المعالجة فيتم التخلص من الكمية المتبقية بتحويلها إلى الخليج العربي.
وقال الدكتور فاروق أحمد الأستاذ المساعد في هندسة المياه والبيئة ورئيس المشروع : "يستهلك ري الأراضي الزراعية 60 بالمائة من إجمالي المياه المستهلكة في أبوظبي ولهذا فإن النجاح في معالجة المياه العادمة سيوفر المزيد من مياه الري من جهة كما سيخفف الضغط على موارد المياه العذبة المحدودة في أبوظبي والحفاظ عليها لأغراض الشرب والتنظيف من جهة أخرى وفي هذا فائدة مضاعفة تتمثل في تعزيز الأمن الغذائي وأمن المياه في الوقت ذاته".
ويعمل إلى جانب الدكتور فاروق في هذا المشروع البحثي كل من الدكتور أندرياس هينشل أستاذ مساعد في علوم الحوسبة والمعلومات والدكتور خورخي رودريغز أستاذ مساعد في الهندسة البيئية والكيميائية ويرموت أمها مهندسة باحثة وخريجة معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا.
ويركز المشروع البحثي على تحديد مدى جودة مياه الصرف الصحي وسلامتها من الميكروبات الحيوية وما إذا كانت بحاجة إلى تنقية إضافية قبل استخدامها في ري المحاصيل الغذائية وإدخالها في سلسلة الإنتاج الغذائي.
وفي هذا الجانب قال الدكتور فاروق أحمد : " إننا نستهدف فحص مياه الصرف الصحي التي خضعت لمعالجة تقليدية وتعقيم بالكلور لإزالة الملوثات العضوية والبيولوجية منها فعملية التنقية التقليدية والكلور يزيلان معظم الملوثات البيولوجية إلا أنهما لا يضمنان بالضرورة صلاحية المياه المعالجة للشرب أو ري المحاصيل الغذائية".
وأضاف أنه " قبل استخدام المياه العادمة المعالجة في ري المحاصيل الزراعية يجب معالجتها وتنقيتها بشكل تام بحيث لا تتسبب بأي مخاطر صحية لمستهلكي هذه المحاصيل".
وانطلاقا مما سبق أكد الدكتور فاروق أحمد ضرورة اعتماد أساليب موثوقة تمكننا من تحديد جودة المياه المعالجة قبل الشروع في استخدامها في محاصيلنا الغذائية وكذلك العمل على تحديد مدى فعالية طرق المعالجة المتبعة لمعرفة ما إذا كانت تحقق المطلوب أم لا.
ويعمل فريق الدكتور فاروق أحمد على تطوير أساليب فعالة تكشف عن مختلف أنواع البكتيريا وغيرها من العناصر المسببة للأمراض في مياه الصرف الصحي المعالجة وذلك بالاعتماد على الجيل القادم من تكنولوجيا تسلسل الحمض النووي.
أرسل تعليقك