بدأت صباح اليوم الثلاثاء أعمال المؤتمر العلمي لمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية بعنوان: "التغير المناخي ومستقبل المياه" الذي ينظمه بالتعاون مع "كلية السياسة والشؤون الدولية بجامعة مين" في الولايات المتحدة الأمريكية بحضور معالي الدكتور راشد أحمد بن فهد وزير البيئة والمياه وسعادة الدكتور جمال سند السويدي مدير عام المركز وعدد من أعضاء السلك الدبلوماسي وخبراء وشخصيات علمية وأكاديمية وباحثين في مجال البيئة والمناخ والمياه وذلك في قاعة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بمقر المركز في أبوظبي ويستمر يومين.
واستهل الدكتور جمال سند السويدي مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية لدى افتتاحه أعمال المؤتمر بكلمة ترحيبية نقل فيها تحيات الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة رئيس مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية للمشاركين في المؤتمر من خبراء وباحثين وأكاديميين وتمنيات سموه لهم بالتوفيق والنجاح وذلك لجهودهم في التصدي من خلال البحث والمناقشة لقضية تعد من أبرز التحديات البيئية والمناخية التي تواجه مخزون المياه في دولة الإمارات العربية المتحدة ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والمنطقة وبلدان العالم.
وأعرب عن اعتزاز مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية باستضافة فعاليات هذا المؤتمر الحيوي والمهم وتنظيمها بالتعاون مع "كلية السياسة والشؤون الدولية" في جامعة "مين" الأمريكية.
وقال إن المؤتمر يتناول واحدة من القضايا الاستراتيجية التي باتت تستحوذ على اهتمام دول العالم أجمع في الآونة الأخيرة لعلاقتها الوثيقة بقضايا التنمية والأمن وهي قضية "التغير المناخي ومستقبل المياه"..
وأنا على يقين أيها الإخوة والأخوات أن هذا المؤتمر بما يتضمنه من أوراق بحثية ومناقشات ومداخلات على مدار يومي انعقاده سيكون له مردوده الإيجابي في إثراء النقاش حول هذه القضية وبلورة رؤى استراتيجية تسهم في التعامل الفاعل والجاد معها خلال الفترة المقبلة.
وأضاف " أن موضوع مؤتمرنا اليوم يتناول واحدا من أخطر التحديات التي تواجه دول العالم أجمع ليس لما تشهده مناطق عدة حولنا من تغيرات مناخية حادة تعبر عن نفسها في ظواهر الاحتباس الحراري والتصحر وتلوث البيئة بالبصمة الكربونية فضلا عن مشكلات النقص المتزايد في المياه لازدياد الطلب عليها لأغراض مختلفة وإنما لخطورة الآثار المترتبة على هذه التحديات والمشكلات في قضايا التنمية الشاملة والمستدامة في العديد من مناطق العالم أيضا ".
وأكد أنه إذا كان البنك الدولي قد حذر مؤخرا من التداعيات الوخيمة لظاهرة التغير المناخي على مشكلة ندرة المياه وخاصة في منطقة الشرق الأوسط وما قد يترتب على ذلك من آثار سلبية في قطاعات التنمية بالعديد من دول المنطقة فإن من المؤكد أن الأمر قد يتجاوز ذلك في المستقبل لأن ندرة المياه مع ارتفاع الطلب عليها والتنامي المطرد في الزيادة السكانية في معظم دول المنطقة قد تؤدي إلى إثارة نزاعات وصراعات حول المياه في المستقبل ولا شك أن هذا يفرض علينا جميعا العمل على إيجاد حلول فاعلة لمواجهة مثل هذه التحديات والمساعدة على احتواء تداعياتها المستقبلية.
وقال جمال السويدي : " إننا في دولة الإمارات العربية المتحدة بل في دول الخليج العربي عامة نولي قضايا البيئة والتغير المناخي ومستقبل المياه اهتماما استثنائيا لأنه كما تعلمون جميعا ليس في مقدور أي دولة أن تواصل مسيرة التنمية والتطوير في المجالات كافة من غير أن تكون قادرة على تحقيق أمنها المائي والحفاظ على البيئة خاصة في منطقتنا التي تعاني ندرة واضحة في المياه وتشهد زيادة سكانية مستمرة ولا شك أنها عوامل تمثل ضغطا على الموارد المائية المتاحة وتتطلب في المقابل إدارة رشيدة ومستدامة لها" .
وأضاف " لقد عبر سيدي الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بوضوح عن واقع التحدي المائي الذي تواجهه دولة الإمارات العربية المتحدة ومنطقة الخليج بوجه عام حينما أكد في نهاية عام 2011 أن المياه تشكل أهمية كبرى تفوق أهمية النفط بالنسبة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة وأن شبه الجزيرة العربية بشكل عام تواجه مشكلة جدية في هذا الشأن لأننا إذا كان يمكننا حاليا الحصول على الماء من خلال التحلية فإن الوضع سيختلف بعد عقود من الزمن حيث لا توجد في المنطقة أنهار ولا تقنية تساعد على تلبية الحاجة من المياه العذبة ولهذا دعا سموه إلى ضرورة تركيز الجهود على إجراء الدراسات والبحوث ووضع الخطط والاستراتيجيات والحلول الملائمة التي من شأنها إيجاد السبل الكفيلة بتلبية احتياجات المستقبل وحفظ الموارد الطبيعية وصونها للأجيال القادمة ثم جاء اقتراح سموه عقد قمة عالمية سنوية للمياه تستضيفها العاصمة أبوظبي ويشارك فيها نخبة من أصحاب القرار وصانعي السياسات والخبراء والمهتمين بالشأن المائي من مختلف أنحاء العالم للبحث عن حلول مستدامة للمشكلات ذات الصلة بالمياه العذبة ليؤكد الاهتمام الاستثنائي الذي توليه دولة الإمارات العربية المتحدة لهذه القضية الحيوية وحرصها البالغ على تنسيق الجهود الرامية إلى إيجاد حلول شاملة ومستدامة لها".
**********----------********** وأكد أن الإدارة الرشيدة للموارد المائية والتعامل السليم معها أصبحت من المتطلبات الرئيسية للحفاظ على الأمن المائي وحماية البيئة من أي تغيرات مناخية مستقبلية وهذا ما تدركه دولة الإمارات العربية المتحدة وتترجمه في خططها وسياساتها المائية بل إن "رؤية الإمارات 2021" تسعى ضمن أهدافها إلى تعزيز استدامة الأمن المائي وحماية البيئة والحفاظ على مواردها وضمان استدامتها.
ونوه إلى أن خبرة السنوات الماضية أثبتت أن قضايا المياه والتغير المناخي باتت في مقدمة أولويات المجتمع الدولي ومنظماته المختلفة التي تسعى إلى توحيد الجهود الرامية إلى مواجهة التحديات المرتبطة بها وتنسيقها.. وقال " ولهذا فأنا على ثقة بأن مؤتمرنا هذا سيدعم هذه الجهود وسيعززها من خلال الحلول المبدعة والمبتكرة التي سيقدمها في هذا الشأن والتي يمكن لصانعي القرار في دول المنطقة الاستفادة منها في بناء استراتيجيات وسياسات مائية مستدامة ومتكاملة تواكب متطلبات التنمية من ناحية وتأخذ في الاعتبار التحديات المناخية وكيفية التعامل الفاعل معها من ناحية ثانية.
بعدها ألقى معالي الدكتور راشد أحمد بن فهد وزير البيئة والمياه الكلمة الرئيسية للمؤتمر وأكد فيها أن دولة الإمارات العربية المتحدة اتبعت نهجا متعدد المسارات يستند إلى مبادئ الإدارة المتكاملة للموارد المائية ويستهدف إدارة الطلب المتزايد على المياه والتقليل من مستويات الإجهاد التي يتعرض لها مخزون المياه الجوفي.. وقد جاءت الاستراتيجية الوطنية للمحافظة على الموارد المائية التي أعدتها وزارة البيئة والمياه في عام 2010 لتؤكد هذا النهج فضلا عن أنها كثفت في السنوات الأخيرة جهودها الرامية إلى المحافظة على تلك الموارد مراعية - إلى أقصى حد ممكن - انسجامها مع المعايير البيئية وتدابير التخفيف من تغير المناخ والتكيف مع تأثيراته.
وقال " يطيب لي بداية أن أرحب بكم وأن أعرب عن سعادتي بمشاركتكم في هذا المؤتمر الذي ينظمه مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية بالتعاون مع جامعة مين الأمريكية مثنيا على الجهود التي يبذلها المركز في حشد الخبرات العالمية المتميزة وتهيئة المناخات المناسبة لتوسيع دائرة النقاش حول القضايا العالمية ذات الأولوية".
وأضاف أن اختياركم للعلاقة بين تغير المناخ والمياه عنوانا لهذا المؤتمر يكتسب الكثير من الأهمية نظرا إلى تأثيرات تغير المناخ على حالة الموارد المائية من جهة ولارتباط قضية المياه بالتنمية والصحة والطاقة والأمن الغذائي والتنوع البيولوجي من جهة أخرى " .
وأكد أن حالة الموارد المائية العالمية شهدت استنزافا واضحا في العقود القليلة الماضية نتيجة للزيادة السكانية المطردة والنمو الاقتصادي وتغير أنماط الاستهلاك والاستخدام غير الكفء للمياه في القطاع الزراعي والصناعي والحضري فقد تم الوصول إلى حدود الاستدامة المائية أو تجاوزها في بعض الأقاليم وتضاعف سحب المياه إلى أكثر من ثلاثة أضعاف ما كان عليه قبل خمسة عقود فيما وصل معدل انخفاض المياه الجوفية العالمية إلى أكثر من الضعف.. ومن المنتظر أن تتفاقم حدة هذا الاستنزاف في العقود المقبلة نتيجة استمرار هذه الضغوط وتصاعدها في ظل سيناريو العمل كالمعتاد.
وأوضح أنه بغض النظر عن بعض جوانب عدم اليقين لاسيما ذات الصلة بالتقلبات الداخلية للنظام المناخي التي لا تزال قائمة فقد أصبح من المؤكد أن التغيرات المناخية المتوقعة في المستقبل ستلعب دورا مؤثرا في مفاقمة الضغوط التي تتعرض لها الموارد المائية في الكثير من المناطق.
وقال معليه أنه على الرغم من أن تغير المناخ ينطوي على آثار إيجابية تتمثل في ازدياد متوسط جريان الأنهار وتوافر المياه في مناطق خطوط العرض العليا وفي بعض المناطق المدارية فإنه ينطوي - بالمقابل - على آثار سلبية في بعض المناطق عند خطوط العرض الوسطى وفي المناطق المدارية الجافة حيث ستعاني كثير من المناطق القاحلة وشبه القاحلة نقصا في موارد المياه.. ووفقا للجنة الحكومية المعنية بتغير المناخ IPCC فهناك ثقة عالية بأن تفوق التأثيرات السلبية التي يلحقها تغير المناخ في المستقبل بنظم المياه العذبة المنافع الإيجابية. ولن تقتصر تلك التأثيرات على نقص الموارد المائية بل ستشمل استفحال كثير من أشكال تلوث المياه وتحمض المحيطات ناهيك عن تأثيراتها في النظم والقطاعات الأخرى" .
**********----------********** وأكد أن دولة الإمارات العربية المتحدة تقع في حزام المناطق الجافة التي تتميز بارتفاع درجات الحرارة وقلة معدل هطول الأمطار.. ونظرا إلى انعدام مجاري المياه العذبة المتجددة فقد واجهت دولة الإمارات ضغوطا مهمة تمثلت في الزيادة السكانية الكبيرة التي حدثت بالتزامن مع البدء بتنفيذ الخطة التنموية الشاملة في سبعينيات القرن الماضي وما تلاها من سنوات وزيادة عدد المشاريع التنموية واتساع الرقعة الزراعية وتغير أنماط الاستهلاك.. وقد أسفرت هذه الضغوط الطبيعية والبشرية مجتمعة عن اتساع واضح في الفجوة بين معدلات تغذية المياه الجوفية والضخ من مخزون المياه الجوفي ما أثر في نوعية المياه الجوفية وانخفاض منسوبها. وجاءت ظاهرة التغير المناخي لتشكل ضغطا إضافيا على الموارد المائية في الدولة.
ونوه إلى أنه في مواجهة هذه الضغوط اتبعت دولة الإمارات نهجا متعدد المسارات يستند إلى مبادئ الإدارة المتكاملة للموارد المائية ويستهدف إدارة الطلب المتزايد على المياه والتقليل من مستويات الإجهاد التي يتعرض لها مخزون المياه الجوفي. وقد جاءت الاستراتيجية الوطنية للمحافظة على الموارد المائية التي أعدتها وزارة البيئة والمياه عام 2010 لتؤكد هذا النهج.
وقال معاليه إنه انطلاقا من إدراكها حساسية الموارد المائية للتغيرات المناخية كثفت دولة الإمارات في السنوات الأخيرة جهودها الرامية إلى المحافظة على تلك الموارد مراعية إلى أقصى حد ممكن- انسجامها مع المعايير البيئية وتدابير التخفيف من تغير المناخ والتكيف مع تأثيراته فتبنت خيار تحلية المياه وتعزيز كفاءة استعمال المياه في قطاع الزراعة وتعظيم الاستفادة من المياه العادمة المعالجة وتنظيم حفر الآبار الجوفية وحظر تصديرها بصورة مباشرة وغير مباشرة والتوسع في بناء السدود والحواجز المائية لحصاد مياه الأمطار والعمل على تعديل أنماط الاستهلاك غير الرشيد في القطاع الحضري للوصول بمعدلات استهلاك المياه إلى المعدلات العالمية وذلك من خلال الاهتمام المتزامن بآليات التوعية والآليات الاقتصادية والحلول التقنية.
وأضاف أنه ربما لم تحظ قضية تأثير التغير المناخي على الموارد المائية بقدر كاف من الاهتمام حتى عهد قريب وقد يعود السبب في ذلك إلى أن الجهات المعنية بالمياه كانت مشغولة بتحديات أكثر إلحاحا.. لكن يبدو أن تأثيرات تغير المناخ كانت أقرب من المتوقع وأن تراكم الأدلة والبراهين العلمية حتى مع وجود بعض جوانب عدم اليقين- كانت أوضح من أن يتم تجاهلها .
وأشار إلى أنه بالمثل لم تحظ مسألة التكيف مع تغير المناخ بالقدر نفسه من الاهتمام الذي حظيت به مسألة التخفيف التي استحوذت على قسط وافر من النقاش العالمي.. ومع تأكيدنا للأهمية الخاصة للتخفيف وتفهمنا لدوافع هذا الاهتمام فإننا نشدد على ضرورة إيلاء قدر أكبر من الاهتمام في المرحلة المقبلة لخيارات وتدابير التكيف التي يجب أن يتم إدماجها في كل البرامج والخطط الوطنية ذات الصلة بالموارد المائية وخاصة أن خفض الانبعاثات بالمعدلات التي تضمن نجاح سيناريو الدرجتين المئويتين لن تظهر آثاره قبل عقود وبالتالي ستظل الموارد المائية عرضة لمخاطر تغير المناخ ومخاطر الهدر والاستنزاف.
وقال معاليه إنه في الوقت نفسه أصبح من الضروري التركيز على تطوير شبكات الرصد وزيادة فاعليتها وتعزيز البحوث العلمية ذات الصلة بتغير المناخ باعتبارها من الشروط الأساسية لإدارة التكيف وسد الفجوات في المعارف وجوانب عدم اليقين خاصة أن تغير المناخ "يفند الافتراض التقليدي بأن الخبرات الهيدرولوجية الماضية تقدم مرشدا جيدا للأحوال في المستقبل" وفقا لإشارة الهيئة الحكومية المعنية بتغير المناخ.. وأود هنا أن أسجل إعجابي بمشاركة الباحثين الواعدين في قضايا المياه من الولايات المتحدة الأمريكية ومن الإمارات العربية المتحدة في هذا المؤتمر".
**********----------********** وأضاف أنه من المؤكد أن قطاع الزراعة ينبغي أن يكون على رأس القطاعات ذات الأولوية فهو القطاع الأكثر تأثيرا في حالة الموارد المائية وأكثرها حساسية وتأثرا بالتغير المناخي.. فقطاع الزراعة يستحوذ على نحو 80% من جملة الاستهلاك العالمي للمياه ويسهم في أكثر من 90% من البصمة المائية في حين أن 80% من المناطق الزراعية حول العالم تعتمد على مياه الأمطار وبالتالي فإن أي تغير في "تقلبية" أو معدلات الهطول سيكون له تداعيات واضحة على هذا القطاع وعلى حالة الأمن الغذائي العالمي.
وقال " من هنا فإننا نرى أنه لا بد من النظر بصورة جدية وعلى نطاق واسع إلى تطبيق الخيارات التقنية وأفضل الممارسات وتبني أنماط زراعية أقل استهلاكا للمياه وتطوير محاصيل جديدة ذات قدرة على التكيف مع ارتفاع درجات الحرارة ونوعيات مختلفة من المياه والتوسع في إعادة استخدام المياه وخيار المياه الافتراضية وتعزيز أنشطة البحث والابتكار وربط الإنتاج بوحدة المياه لا بوحدة المساحة.
ونوه إلى أن القطاع الآخر الجدير بالاهتمام هو قطاع صناعة تحلية المياه فالمياه المحلاة تعتبر اليوم مصدرا رئيسيا للمياه في العديد من الدول وفي مقدمتها دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي تستحوذ وحدها على أكثر من نصف إنتاج العالم من المياه المحلاة.. وفي ظل التناقص المستمر للمياه فمن المنتظر أن تمثل صناعة التحلية خيارا استراتيجيا للمزيد من الدول وخاصة في المناطق الجافة وشبه الجافة.
وأكد ابن فهد أنه بالنظر إلى الآثار المتبادلة بين صناعة التحلية والبيئة البحرية وتغير المناخ فإنه لا بد من العمل على تطوير المعايير البيئية ذات الصلة بهذه الصناعة وتكييف التقنيات المستخدمة فيها مع تغير المناخ.. وقال " أود أن أشير في هذا السياق إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة سبق أن دعت في الجلسة الحوارية رفيعة المستوى للتعاون من أجل المياه التي عقدت في مقر الأمم المتحدة في نيويورك في العام الماضي إلى استدامة صناعة تحلية المياه وزيادة مساهمتها في تحقيق أهداف التنمية المستدامة لما بعد عام 2015 وذلك بالتركيز على تطوير تقنيات التحلية واستخدام الطاقات المتجددة والبديلة والإدارة السليمة للمياه المرتجعة من محطات التحلية" .
وأشار إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة أعلنت في وقت مبكر التزامها بأهداف المجتمع الدولي المحددة في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ وبروتوكول كيوتو ومؤتمرات الدول الأطراف في الاتفاقية والبروتوكول وآخرها مخرجات الدوحة. وقد جسدت هذا الالتزام بصورة واضحة في رؤية الإمارات 2021 وهي رؤية وطنية طموحة تستهدف الارتقاء بمكانة دولة الإمارات لتكون من أفضل دول العالم بحلول عام 2021.. وانطلاقا من التزامها هذا عملت الدولة جاهدة على المساهمة في الجهود الدولية الرامية إلى التخفيف من التغير المناخي ومعالجة تأثيراته في القطاعات والنظم كافة فتبنت مجموعة من الخيارات المهمة في إطار ترسيخ نهج الاقتصاد الأخضر كالطاقة النظيفة والعمارة الخضراء والنقل المستدام والتطبيقات الخضراء. كما حرصت في الوقت نفسه على حشد الجهود الدولية للبحث عن حلول مستدامة للقضايا كافة ذات الصلة بالتغير المناخي.
وحذر من أن مستقبل المياه الذي تتهدده العديد من المخاطر مرهون إلى حد بعيد بما نتخذه من خيارات وفي مقدمتها خيارات التكيف.
وذكر معاليه أنه على الرغم من أن أمامنا اليوم حزمة عريضة من الخيارات والحلول التقنية والمبتكرة التي سيستعرض المؤتمر بعضها يمكن أن تسهم في معالجة تأثيرات التغير المناخي في الموارد المائية وتعزيز قدرتها على التكيف إلا أن تفاوت القدرات المادية والتقنية والبشرية بين دول العالم يحول دون الاستفادة من تلك الخيارات والحلول في الكثير من الأحيان.. ولهذا فإننا ندعو مجددا إلى ضرورة إيلاء المزيد من الاهتمام لمسائل التمويل وآلياتها ونقل التكنولوجيا وبناء القدرات وفق ما نصت عليه خطة عمل بالي وصناديق التكيف مع تغير المناخ وتأكيد مبدأ "المسؤولية المشتركة ولكن المتباينة" وتسريع وتيرة العمل نحو تعزيز التعاون الدولي في هذا المجال.
**********----------********** وقال معاليه : " نحن نأمل أن تكون قمة المناخ التي عقدت في نيويورك الشهر الماضي والتي كان لدولة الإمارات العربية المتحدة شرف التحضير لها والمشاركة فيها قد شكلت بداية جديدة لتعاون دولي أوثق في مجال التغير المناخي ومعالجة تأثيراته في مختلف النظم والقطاعات وفي مقدمتها قطاع الموارد المائية الذي يشكل عنصرا جوهريا من عناصر التنمية المستدامة راجين أن يكون هذا المؤتمر جزءا من حراك دولي فاعل يستثمر الزخم الذي ولدته قمة المناخ في نيويورك للدفع باتجاه وضع قضية تكيف الموارد المائية مع تغير المناخ على قائمة أولويات القضايا العالمية بصورة تضمن معالجتها بالقدر الذي تستحقه من الاهتمام في الاتفاق الجديد للمناخ الذي سيتم إقراره في باريس العام المقبل".
وأكدت سعادة رزان خليفة المبارك الأمين العام لـ "هيئة البيئة أبوظبي" في كلمتها الرئيسية التي ألقاها بالنيابة عنها سعادة الدكتور جابر الجابري نائب الأمين العام للهيئة"أنه وفقا لبرنامج المياه التابع للأمم المتحدة تؤثر ندرة المياه في جميع القارات تقريبا وفي أكثر من 40% من سكان كوكب الأرض وبحلول عام 2025 سيعيش 1.8 مليار شخص في بلدان أو مناطق تعاني ندرة تامة في المياه ويمكن أن يعيش ثلثا سكان العالم في ظل ظروف الإجهاد المائي.
وقالت: " نحن نرى ذلك بشكل واضح في المنطقة العربية فثماني دول من بين الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية تعد من الدول الأفقر في العالم من حيث نسبة كمية المياه الطبيعية لكل فرد وتقع دولة الإمارات العربية المتحدة وإمارة أبوظبي ضمن هذه الفئة وفي أبوظبي لدينا ثلاثة مصادر للمياه: المياه الجوفية التي تشكل 65% من إمداداتنا الحالية والمياه المحلاة وهي المصدر الرئيسي للمياه العذبة وتشكل نحو 30% من الإمدادات وأخيرا المياه المعاد تدويرها وتشكل نحو 5% مشيرة إلى أن المياه الجوفية في أبوظبي مصدر غير متجدد بالأساس حيث تبلغ نسبة إعادة الشحن الطبيعية نحو 5% فقط من الكمية التي نستهلكها سنويا فيما تقل مستويات المياه الجوفية بمعدل 5 أمتار في كل عام في المناطق ذات الكثافة الزراعية كما أن استخدامنا للمياه الجوفية العذبة يزيد من نسبة ملوحة الخزانات.. ومع معدلات الاستخدام الحالية ستنتهي كمية المياه الجوفية الصالحة للاستخدام في غضون بضعة عقود.
وأضافت " أننا ومن أجل تحسين كفاءة استهلاكنا لجميع أنواع المياه بدأنا في تطبيق حلول عملية لمعالجة هذه القضية أما بالنسبة إلى الأنشطة الخارجية فنحن نعمل على تثقيف عمال المزارع وتوعيتهم وتوفير معدات حديثة للري.. كما نتبنى تقنيات متطورة لري الحدائق والمنتزهات بحيث تحتاج إلى كميات أقل من المياه فضلا عن أننا نعمل على إنشاء البنية التحتية اللازمة لإعادة استخدام جميع المياه المعاد تدويرها لتحل محل المياه الجوفية والمحلاة في أغراض ري الغابات والمزارع. مدة العائد على الاستثمار لهذه البنية التحتية 3 سنوات فقط ما يجعلها مجدية من الناحية الاقتصادية إضافة إلى مساهمتها في الحفاظ على البيئة.
وفيما يتعلق بالتغير المناخي واستكشاف بعض التأثيرات المتبادلة بين المناخ والمياه هنا في أبوظبي والحد من البصمة الكربونية قالت سعادة رزان خليفة المبارك " إننا نعمل على تنويع مصادر الطاقة لدينا وبحلول عام 2020 نهدف إلى أن ننتج 30% من الطاقة عن طريق مصادر نظيفة ومنخفضة الكربون مثل الطاقة النووية ومصادر الطاقة المتجددة لافتة النظر إلى أنه في عام 2013 تم إطلاق برنامج لتحلية المياه باستخدام مصادر الطاقة المتجددة الذي يهدف إلى تطوير تقنيات مبتكرة لتحلية المياه لتقليل الطلب على الطاقة بشكل ملحوظ وجعلها قابلة للعمل مع مصادر الطاقة المتجددة. بالإضافة إلى تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة في أبوظبي ودولة الإمارات العربية المتحدة وهو أمر سيسهم في إيجاد حل مستدام للعديد من المناطق حول العالم. كما أنه يساعد على تحقيق ميزة إضافية تتمثل في بناء اقتصاد تنافسي قائم على المعرفة في دولة الإمارات العربية المتحدة وتوفير وظائف خضراء للأجيال القادمة لكن "مازال لدينا مشكلة الأملاح الناتجة عن عمليات تحلية المياه حيث يتم ضخها مرة أخرى في مياه الخليج العربي ما يزيد ملوحة المياه بدرجة أكبر. ويهمنا أن نتعرف على أي حلول لهذه المشكلة يمكن أن تكون قابلة للتطبيق على نطاق عملياتنا معربة عن أملها بمضاعفة الجهود العلمية والبحثية باتجاه إيجاد حلول ناجعة لما نعانيه من التغير المناخي وتأثيراته السلبية.
**********----------********** ومع بدء الجلسة الأولى التي ترأستها د. كارول كيم نائب الرئيس لشؤون الأبحاث عميد الدراسات العليا في جامعة مين في الولايات المتحدة الأمريكية وحملت عنوان "السياسات المائية المستدامة والتغير المناخي" قدم د. محمد داود مستشار الموارد المائية والجودة البيئية في "هيئة البيئة - أبوظبي" ورقة بحثية بعنوان "استراتيجيات الإدارة المستدامة لمصادر المياه في إمارة أبوظبي" أكد فيها الحاجة إلى مزيد من الخطط لدعم مخزون المياه الجوفية ولاسيما ونحن ليس لدينا مسطحات مائية أو أنهار ونعاني ندرة المياه مشيرا إلى أنه تم حفر الآلاف من الآبار خلال العشرين سنة الماضية واستخدمت مياه هذه الآبار في الزراعة في وقت لدينا نحو 25 ألف مزرعة في أبوظبي.
وأوضح الباحث أن 95% من المياه الجوفية تستخدم في الزراعة ولا تدخل ضمن الاستهلاك المنزلي كونها لا تتطابق مع المعايير العالمية للمياه الصالحة للشرب في الوقت الذي تواجه فيه دولة الإمارات العربية المتحدة زيادة في الطلب على مصادر المياه بسبب الزيادة السكانية وبسبب النمو الاقتصادي مستشهدا بما أكده الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بقوله: "يجب علينا إدارة المياه بشكل جيد.. اليوم لدينا المال للتعامل مع أزمة المياه لكن ما هو وضع الأجيال القادمة وكيف ستتعامل مع مشكلات المياه في حال عدم وجود المصادر المالية؟".
وأشار الباحث إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة تنفق نحو 700 مليون درهم لمعالجة مشكلة هدر المياه وأبوظبي تستهلك المياه بنسبة تبلغ ضعف ما هو متعارف عليه دوليا.
بعدها قدمت د. كيم رئيسة الجلسة الدكتور أريا أميربمان أستاذ الهندسة المدنية والبيئية أستاذ متعاون في كلية السياسات والشؤون الدولية في جامعة مين الأمريكية ورقة بحثية أشار فيها إلى أن هناك ثمة دلائل واضحة تؤكد أن التغير المناخي يؤثر في جودة المياه الأمر الذي يجب أن نجد له حلولا قبل أن نخسر مصادر مهمة في النظام المائي في وقت هناك مجموعة من الملوثات الطبيعية لمصادر المياه فضلا عن أن توفير المياه النظيفة للناس يتطلب مصادر مثل البحيرات أو المسطحات المائية لذلك يجب على الحكومة حماية مصادر المياه من التلوث بأنواعه كافة وذلك من خلال ضرورة توفير أنظمة مستديمة ومتكيفة لمعالجة المياه مؤكدا أهمية وجوب الحفاظ على كمية المياه وجودتها لأن ندرة المياه تتطلب حلولا مستدامة على المدى البعيد. ولكن عندما يتعلق الأمر بصحة الإنسان يجب أن يكون هناك تدخل فوري لذلك ولابد من أن تحظى جودة المياه بأولويات الحكومات.
وفي بحثه عن "الاستعداد للتغيرات الطويلة الأجل في الإجهاد المائي" تحدث توماس باريس نائب رئيس مؤسسة "آيسينس" في الولايات المتحدة الأمريكية بموضوعات شملت الاهتمام المتزايد باستدامة مصادر المياه حيث أظهر استبيان كبير في عام 2013 أن الشركات في الولايات المتحدة الأمريكية ترى أن مصادر المياه وكمياتها في خطر في وقت بات يدرك الجميع أن المياه أصبحت مسألة أمن قومي وفي الوقت نفسه فإن الضغط على مصادر المياه في مكان ما سيؤثر بشكل سلبي بالتأكيد في مصادر المياه في مكان آخر جغرافيا وأن ثمة تكلفة كبيرة جدا لجعل الموارد مستدامة وخصوصا إذا عرفنا أن الكميات المستهلكة للأغراض الصناعية والزراعية كبيرة ولا يمكن مقارنتها بما يتم استخدامه بشكل شخصي.
وبين الباحث أن الضغط على المياه خلال السنوات الـ 30 المقبلة سيكون كبيرا جدا وسيكون هناك إجهاد كبير للمصادر الحالية وهو أمر يحتم علينا مراعاة تخفيف الطلب على المصادر المائية من خلال تطوير الري وأساليبه في تخفيف الهدر والعمل على الحد من تلوث مصادر المياه وتخفيف الاستهلاك المائي في الصناعة بمزيد من الحلول التكنولوجية.
أرسل تعليقك