مالطا جمال طبيعي لا ينفصل عن تاريخ غني
آخر تحديث 22:58:49 بتوقيت أبوظبي
 صوت الإمارات -

"مالطا" جمال طبيعي لا ينفصل عن تاريخ غني

 صوت الإمارات -

 صوت الإمارات - "مالطا" جمال طبيعي لا ينفصل عن تاريخ غني

مالطا
القاهرة - ندى أبوشادي

ثمّة جوهرة تكاد تكون منسيّة في عرض البحر المتوسط. تكثرّ فيها سبحة التاريخ إلى ما قبل الأهرامات، وتمتزج خضرة زيتونها العتيق بزرقة المياه المتهالكة على سواحلها المتعرّجة بين الأخاديد التي يحبس جمالها الأنفاس.

 إنها مالطا... واحة من السكينة والتاريخ عائمة على مرمى حجر من جزيرة صقلية... وعلى مقربة من تونس التي أخذت عن لهجتها ثلث لغتها الهجينة بين الإنجليزية والإيطالية ولغة الضاد في مزيج ما زالت الألسنية حائرة عن فك ألغازه.

منذ أن انضمت مالطا إلى الاتحاد الأوروبي عام 2004 أصبحت من الوجهات السياحية المفضّلة لدى الأوروبيين. تنافس جزيرتي كريت وايبيثا، وتستقبل ما يزيد عن 4 ملايين سائح سنويا مقابل عدد سكانها الذي لا يصل إلى نصف مليون موزّعين على مساحة لا تزيد عن 200 كيلومتر مربع.

 لكن تكفي جولة سريعة في العاصمة فاليتا، وهي بمثابة الحي القديم في الجزيرة، ليتبيّن الزائر مفاتن مالطا ويدرك لماذا تجذب هذا العدد المتزايد من السيّاح.

جمالها لا يمكن فصله عن تاريخها، بل هو ثمرة هذا التاريخ الذي تعاقب عليها منذ آلاف السنين الفينيقيون والإغريق والرومان والعثمانيون والبريطانيون.. كلهم مرّوا من هنا وتركوا بصمات ما زالت إلى اليوم تشهد على تنوّع هويّة هذه الجزيرة وتعدد مشاربها الثقافية والعمرانية.

فاليتا هي أول مدينة أوروبية بُنيت وفقاً لمخطط عمراني متكامل في القرن السادس عشر، وفيها ما يذكّر بشوارع القدس العتيقة وبالأحياء القديمة في قرطبة عاصمة الخلافة الإسلامية في الأندلس.

 دروب ضيّقة تظللها الشرفات الخشبية المغلقة، مرصوفة بالحجارة القديمة. وعلى جوانبها تقوم المباني الأنيقة التي سكنها النبلاء وفرسان مالطا الذين تأسست المدينة على أيديهم. 

واجهات المتاجر والحوانيت الصغيرة تبدو طالعة من الأفلام السينمائية الأولى أواخر القرن التاسع عشر، والحجر الصخري نفسه يطالعك في كل الأبنية المزخرفة بالتماثيل والمنحوتات، والتي تفاجئك من حين لآخر بإطلالة أخّاذة على الشاطئ اللازوردي الذي يزنّر الجزيرة.

- أهم مناطق الجذب فيها

من الأماكن التي لا بد من زيارتها في فاليتا قلعة سانت إيلمو المبنية أواسط القرن السادس عشر والتي أصبحت اليوم مقرّ قيادة الشرطة، لكنها مفتوحة للسيّاح طوال أيام الأسبوع. ومن موقعها في أعلى نقطة من العاصمة، تشرف على أجمل المناظر والمباني الأثرية مثل نزل قشتالة الذي كان مقرّ الفرسان الإسبان والبرتغاليين المكلّفين بحماية الجزيرة.

ثم كاتدرائية القديس يوحنا التي تضمّ متحفا يحوي مجموعة من أعمال الرسام الإيطالي الشهير كارافاجيو الذي عاش فترة قصيرة في مالطا واضطر للهرب منها لاتهامه بالضلوع في جريمة قتل.

وتشهد فاليتا منذ سنوات ورشة كبيرة من الأعمال الترميمية والمشاريع الطليعية التي يشرف عليها المهندس الإيطالي الذائع الصيت رنزو بيانو، بمناسبة إعلان المدينة عاصمة أوروبا الثقافية لعام 2018.

وتبقى الشواطئ والمنتجعات الساحلية المقاصد الرئيسية للسياح في مالطا. 
أجملها يوجد في جزيرة غوزو الصغيرة المحاذية للجزيرة الكبرى، حيث توجد آثار فريدة من نوعها في العالم تعود إلى الألف الرابع قبل الميلاد. 

وتشتهر غوزو بشواطئها الجميلة وصفاء مياهها التي يرتادها هواة الغطس والاستكشاف تحت الماء، والموانئ الصغيرة المخصصة للصيادين الذين ما زالوا يستخدمون القوارب الخشبية المصنوعة على الطراز الفينيقي والتي تتميّز بالعينين المرسومتين على كوثلها. 

وقد ازدهرت في هذه الجزيرة مؤخرا السياحة الريفية في المناطق الزراعية الداخلية التي ما زال سكانها يمارسون طقوس الحياة القديمة في أجواء نادرة من الطمأنينة والهناء.

ولا بد قبل إنهاء الزيارة إلى مالطا من جولة على بعض متاحفها الفريدة، مثل المتحف الحربي الذي يعرض للمعارك التاريخية التي عاشتها هذه الجزيرة كالحصار العثماني المديد في القرن السادس عشر، والقصف العنيف الذي تعرضت له على يد الطيران النازي في الحرب العالمية الثانية حيث كانت من القواعد البحرية الرئيسية للحلفاء... أو متحف محاكم التفتيش التي بقيت ناشطة في مالطا حتى نهايات القرن الثامن عشر... أو متحف السيارات الذي يضمّ مجموعة فريدة في العالم من السيارات القديمة.

تغادر هذه الجزيرة مسكوناً بشعور من الغبطة تجاه سكانها الذين لا يعرفون مشكلة اسمها الحدود، وبدهشة من كثرة المفردات العربية التي تطالعك في لسان أهلها بما يدفعك إلى مخاطبتهم عفويّاً بلغة الضاد. 

وإذ تجول أمام كنائسها التي يزيد عددها عن الثلاثمائة ولا تقفل أبوابها أبداً، تدرك من أين جاء القول (كالمؤذّن في مالطا) ، علماً أن المالطيين هم الأكثر انفتاحاً على العرب والمسلمين بين أترابهم الأوروبيين.

emiratesvoice
emiratesvoice

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مالطا جمال طبيعي لا ينفصل عن تاريخ غني مالطا جمال طبيعي لا ينفصل عن تاريخ غني



 صوت الإمارات - بلينكن يطلب من إسرائيل السماح باستئناف التلقيح لأطفال غزة

GMT 20:59 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

تطوير مادة موجودة في لعاب السحالي للكشف عن أورام البنكرياس

GMT 20:58 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

شرطة نيويورك تبحث عن رجل أضاع خاتم الخطوبة

GMT 09:44 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد بن سعيد يدشن " فندق ألوفت دبي ساوث " فى الامارات

GMT 23:20 2017 الجمعة ,22 كانون الأول / ديسمبر

محمد الشامسي جاهز للمشاركة مع الإمارات أمام عمان

GMT 01:40 2016 الجمعة ,14 تشرين الأول / أكتوبر

حمود سلطان يطالب برحيل المدرب الاماراتي مهدي علي

GMT 10:48 2021 الإثنين ,06 أيلول / سبتمبر

الطاولات الجانبية في الديكور لتزيين غرفة الجلوس

GMT 19:49 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

سيفاس سبور يكتسح قيصري سبور برباعية في الدوري التركي

GMT 00:03 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحالف معظم الكواكب لدعمك ومساعدتك في هذا الشهر

GMT 08:50 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

شباب الأهلي يقهر عجمان بثلاثية في الدوري الإماراتي

GMT 00:38 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

شباب الأهلي يرغب في التعاقد مع الإكوادوري كازاريس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates