يحسب الجميع كلماته التي يطلقها، ويدرك كل الرياضيين أن له نظرة مختلفة للأمور، يلتزم الصمت والمراقبة والهدوء، ولكن حين يتحدث، فإنه يحب أن يقول الصراحة التي قد تؤلمنا أحياناً، وربما تشعرنا بالوضع الحقيقي الذي نعيشه، ولكنه يهدف من ذلك الصالح العام، انشغاله بهموم التكليفات والمهام الحكومية الضخمة التي على عاتقه لم يأخذه من الرياضة وكرة القدم التي يتابعها، ويقرأ أحداثها بشغف.
كلمته مسموعة وآراؤه تتسم بالقوة والواقعية المستندة على الصراحة التي يتهرب منها البعض، ابتعد عن الأندية، ولكنه لا زال قريباً منها، وخرج من اتحاد الكرة منذ أكثر من عشر سنوات، ولكنه يعرف طريقة عمله، وله النظرة التي تجعله دائماً ما يسعى لأن يضع يده على الجرح.
تحدث عن فنون الإدارة قائداً حكومياً محنكاً، وتطرق للجوانب المالية، وقال كلمته في حقيقة ما يحدث في الاحتراف، وأطلق رصاصة الصدق التي أصابت الهدف في كل الاتجاهات.
إنه مطر الطاير نائب رئيس مجلس دبي الرياضي في حوار الموسم، والذي افتتح حديثه حول الميزانيات، وقال: حكومة دبي تصرف في حدود المليار على الأندية، بالإضافة إلى مليار آخر أو 700 مليون درهم، من أصحاب السمو الشيوخ رؤساء الأندية، وللأسف لا توجد حوكمة ولا كنترول على الصرف، بسبب الصرف المبالغ فيه على كرة القدم، في معظم الأندية والأمر نفسه ينطبق على اتحاد الكرة.
ووصف الطاير الاحتراف بـ«الرجل المريض»، مؤكداً أنه توجد فوضى في الاحتراف، ومنذ عام 2006، تحدثنا عن الاحتراف، وحتى الآن غير مطبق، ولا يوجد احتراف حقيقي، ومعظم اللاعبين لا يلتزمون بعقودهم، والدليل على ذلك المستوى الفني للمباريات، والمبالغ التي تُدفع من الأندية لا توازي ما يحصل عليها من مردود فني.
وأضاف: لا زلت عند رأيي بأن شركات كرة القدم شكلية، بعد 9 سنوات من الاحتراف، والأندية صرفت مليارات ولم يتغير شيء، ولا يوجد فرق بينها وبين الهواية، وكنا نتوقع انضباطاً أكثر وأفضل من الوضع الحالي، بسبب الملايين التي تُصرف على اللعبة.
وقال: لا يوجد احترف في الإدارة، والبعض يفكر أن الإدارة هي مجلس الإدارة فقط، ولابد أن يكون هناك مقاييس أداء وخطة، ومعظم الأندية ليس لديها خطط ولا توجد مقاييس أداء بشكل احترافي، وللأسف لو قمنا بقياس عمر النادي بالتنظيم الإداري لا توجد مقارنة، ولا مقياس للتميز، ولا يوازي تاريخه، ولا اسمه.
وتطرق مطر الطاير إلى اتحاد الكرة، وقال: العمل داخل الاتحاد غير منظم، عشوائي، وهناك مشاكل كثيرة وعلى سبيل المثال، لا يعقل أن تلعب الدوري في 15 أغسطس «عز الحر»، وهذا ليس مناسبا للاعبين والجماهير، وهنا سوء برمجة، والمجاملات التي حدثت في لجان الاتحاد، وانتقال اللاعبين وتأجيل القرارات، و«المسخرة» التي حدثت، عندما عرضت حالة على لجان الاتحاد، ويتم تأجيل القرار لمدة 3 مرات، وفي المرة الرابعة يقولون إنهم ليسوا جهة اختصاص.
وعتب الطاير على الأندية، وقال: لماذا لا تطالب الأندية بحقوقها، في الجمعية العمومية، والعتب على الأندية، لأن من يحضروا الجمعيات العمومية ليسوا رؤساء المجالس، بل ممثلو النادي ربما لا يدركون المشاكل الموجودة، ولا يلمون بالموضوع، وليس لديهم دراية عن جدول الأعمال، ولا يمكن أن نطور الأندية بهذا الشكل.
وأكد مطر الطاير أن سر الإدارة الناجحة في التنظيم، والأندية ليست مهتمة بالجمعية العمومية، ولابد أن يكون هناك تحضير من جانب رؤساء الشركات، حتى يتم مناقشة الموضوعات بقوة طرح أكبر، ويجب أن يكون للجمعية دور أكبر من الوضع الحالي.
وعن رغبته في الدخول على منصب رئيس اتحاد الكرة، قال: لا أفكر في رئاسة اتحاد الكرة لعدم وجود وقت أمامي، نظراً لعملي في هيئة الطرق والمواصلات، ومجلس دبي الرياضي، وسبق لي العمل في الاتحاد وكنت أمين عام الاتحاد مع سمو الشيخ سعيد بن زايد آل نهيان، وتشرفت بالعمل معه، وكنت مدير بطولة العالم للشباب، عام 2003، وأرى أنني أديت دوري، ومن الصعب أن أعود مجدداً إلى الاتحاد.
وأشار مطر الطاير إلى أن يوسف السركال الرئيس الحالي، خدم كرة القدم، وحق من حقوقه أن يترشح من جديد لرئاسة اتحاد الكرة، وإذا ترشح نترك الصندوق هو من يحكم، ويختار، ولا ننسى أن كرة القدم اللعبة الشعبية الأولى وتشغل عقول المسؤولين والأضواء مسلطة عليها، وهناك دعم كبير من أصحاب السمو الشيوخ، ومتابعة سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان مستشار الأمن الوطني، الرئيس الفخري لاتحاد الكرة، والحكومة تدعم مالياً، والأجواء مهيأة للعمل، ولكن من الصعب أن تتعدد المسؤوليات عندما تعمل في اتحاد الكرة، ولا يمكن أن تضحك على الناس.
وأضاف: أنا مع تجانس فريق العمل، والانتخابات الماضية لم تفرز أفضل العناصر، وأفضل نظام القوائم ولا أفضل التوزيع الجغرافي، حتى ولو كانوا جميعاً من إمارة واحدة، والمهم أن درجة عالية من الاحتراف، من دون تأثيرات خارجية، ونحن نريد انتخابات حقيقية من دون لوبيات وتحالفات، فما كنا نسمع عنه سابقاً لا يجوز، ونريد أن يكون الاتحاد لكل أبناء الدولة، والمجال مفتوح لديهم لدخول الانتخابات، وفي النهاية فإن الأعلى كفاءة والمؤهل علمياً والأكثر خبرة ينتصر، مؤكداً أنه حان الوقت لوجود فكر جديد وقيادات جديدة، لتولي زمام قيادة، ومسؤولية اتحاد الكرة في الفترة المقبلة، وأن التغيير يجب أن يحدث على مستوى القيادات قمة ورأس الهرم الكروي في الاتحاد، فقد حان الوقت لمنح شباب الإمارات الفرصة، وهم مؤهلون لقيادة كرة الإمارات إلى العالمية، ومتأكد أنه يوجد شباب لدينا يستطيعون قيادة أكبر المؤسسات المحلية وأعقدها.
وحول ميزانية اتحاد الكرة التي تضاعفت في الفترة الأخيرة، قال مطر الطاير: إنه بالدعم المادي الكبير الذي يحظى به اتحاد الكرة خلال هذه الدورة، كان من المفترض أن يصبح أفضل اتحاد كروي عربي أو حتى الأفضل على مستوى القارة الآسيوية، ولكن للأسف لا أرى خططا استراتيجية، من خلال البرامج والخطط والمبادرات والمشاريع، ولا نشعر بوجود خطة استراتيجية واضحة المعالم، وبالتالي فإن هذا يقودنا لأن يكون فعلاً عمل هذا الاتحاد أشبه بالعشوائي، ويمشي بـ «البركة»، ولا أعتقد أنه يوجد لديهم مؤشرات أداء لقياس المستوى الإداري، ولو كان موجوداً لتطور الاتحاد، ولا أعتقد أن ذلك سوف يحدث، إلا إذا وجدت الكوادر الفنية المؤهلة لقيادة الاتحاد.
وأضاف: إذا لم نتأهل إلى «المونديال»، في ظل هذه الظروف سيكون الفشل كبيراً، والطبيعي أن يتأهل المنتخب، لأن الحكومة تقف بقوة مادياً ومعنوياً، واتحاد الكرة حصل على دعم مادي لم يحصل عليه أي اتحاد من قبل، ودعم معنوي من القيادة، ومن صاحب السمو رئيس الدولة، وأصحاب السمو الشيوخ، ومنتخبنا جيد ومدربه جيد، ولا توجد أعذار.
وأوضح أن العمل في اتحاد الكرة أو أي اتحاد شرف كبير ومسؤولية وطنية، ومن يرى أن مستقبله الوظيفي تأثر أو تدمر لا يدخل الاتحاد وشباب الإمارات ينتظرون الفرصة، والشخص الذي يعتقد أنه لا يوجد له بديل مصيبة كبيرة.
وحول قضية الأخطاء التحكيمية التي أشعلت الساحة، قال الطاير: أرفض الحديث عن التحكيم على أنه لعبة أخطاء، والتحكيم لم يتطور بشكل كبير، و«كلام فاضي» أن أربط الوطنية بالتحكيم، وعندما نتحدث عن الاحتراف، لابد أن أتعامل مع اللاعب والإداري والحكم بشكل احترافي، ولا أتعامل مع محور واحد، ونعزف على وتر الوطنية، ولا أقول إننا نريد حكاماً أجانب، ولكن لا نزايد على الوطنية، ونحن بحاجة إلى احتراف حقيقي، وليس التفرغ، ويكفي أن اللاعبين لا يتدربون في الصباح والأندية خالية، وحتى أيام الهواية كان اللاعبون يتدربون الصباح.
واعتبر أن المنافسة على الدوري لا تستحق أن تدفع لها 250 مليون درهم، وقال:
مستوى الدوري لا يمنحه هذا المبلغ الكبير، رغم أن بعض الأندية تصل ميزانيتها إلى 400 مليون درهم، وهناك 4 أندية تتعامل مع اللاعبين مثل مزاد السيارات، ومن يدفع أكثر يحصل على اللاعب، وبعض اللاعبين أصيبوا بـ«التخمة»، وهناك إهدار للمواهب، لأن الأندية هدفها خطف اللاعبين، وليس مهما أن يلعبوا، ولا تدفع بهم في المباريات، واللاعب لا يهمه أيضاً طالما يحصل على حقوقه المالية، وبعدها نقول إن هناك ندرة مواهب، بجانب وجود مشكلة أخرى، وهي أن بعض الأندية تسمح بانتقال لاعبيها لأندية معينة، وليس كل الأندية، في الوقت الذي تتعامل بعض الأندية مع الأخرى على أنها «سوبر ماركت».
وتطرق نائب رئيس مجلس دبي إلى الاستثمار في الأندية، وقال: إدارة الاستثمار بالأندية ليست مفعلة بشكل جيد، باستثناء بعض الأندية، ولابد من تقليل الاعتماد على الحكومة لأن الصرف صعب أن يستمر بالأسلوب نفسه في المرحلة المقبلة، ولابد أن تكون هناك حوكمة أكثر في الصرف.
وأكد مطر الطاير أن معالي اللواء محمد خلفان الرميثي من الشخصيات الرياضية المعروفة في الرياضة لو دخل الانتخابات على رئاسة الاتحاد الآسيوي فسوف يفوز، حتى لو كانت هناك شخصيات خليجية أخرى، لأنه يستحق أن يرأس الاتحاد الآسيوي، وأختلف وأتفق مع الرميثي، ولكنه في النهاية من القيادات الرياضية المشهود لها بالكفاءة.
أرسل تعليقك