الإمارات – محمد القرنشاوى
أكد المدرب الوطني لكرة السلة عبدالحميد إبراهيم، أن عدم ظهور أسماء جديدة من العناصر المواطنة في مجال التدريب، ينبئ بانقراض قريب للمدرب المواطن خلال السنوات المقبلة، على حد تعبيره، وسط انحسار أعداد المدربين المواطنين في الأندية، التي يدفعها هاجس البحث عن الألقاب إلى تفضيل المدربين الأجانب على حساب بناء أجيال من لاعبيها الحاليين لامتهان التدريب.
وقال عبدالحميد إبراهيم، الذي يمتلك خبرة 30 عامًا في مجال تدريب كرة السلة، لـ "الإمارات اليوم" إن "معوقات كبيرة دفعت الجيل الذهبي في فترة الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، للابتعاد عن مهنة التدريب، وتفضيل مناصب إدارية، لا تؤثر مواعيد الالتزام بها في سيرتهم المهنية أو الوظائف التي يشغلونها، خصوصًا أن كرة السلة لا تحظى بدعم كبير مقارنة بكرة القدم اللعبة الشعبية الأولى في الدولة، فضلًا عن التراجع المستمر في أعداد الأندية التي تمارس نشاط اللعبة".
وتابع "ظروف مختلفة ساعدت في ظهور هويتي كمدرب مواطن، يجب توافرها حتى نتمكن من رؤية جيل جديد من المدربين المواطنين على مستوى الدولة، أولها الدعم والثقة الكبيران اللذان حظيت بهما من إدارة ومسؤولي نادي الوحدة في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، حين كانت سلة الوحدة تنافس خارجيًا وتهيمن على الألقاب المحلية، التي أسهمت لاحقًا في قدرتي على الاحتراف خارج الدولة، وتولي مهام تدريب فريق الجيش السوري، ومن ثم الاتحاد السعودي الذي حققت معه إنجازات محلية وآسيوية، قبل التألق مع الوصل، ومن ثم الانتقال إلى الشارقة وحصد ألقاب محلية وإقليمية من أبرزها بطولة الأندية العربية 2011، وآخرها النصر وبلوغ خمسة نهائيات لبطولات محلية في عامين، ما ساعدني على اكتساب خبرات كبيرة، أسعى بصورة دائمة إلى توظيفها في خدمة وتطوير السلة المحلية.
وأردف "هناك أسماء كبيرة سطعت في سماء السلة الإماراتية سابقًا، ونجحت في نقل خبراتها إلى أجيال أخرى، إلا أن التطور المستمر على صعيد اللعبة، وانشغالات الحياة أبعدت أغلبهم عن الاستمرار في هذه المهنة، خصوصًا تلك الأسماء التي مثلت الجيل الذهبي لسلة الإمارات في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، إذ فضلت الابتعاد عن هذه المهنة لمعوقات أخرى كثيرة، أبرزها الانحسار المستمر لأعداد أندية السلة على مستوى الدولة، ووصولها إلى خمسة فقط مع انطلاقة الموسم المقبل، وثانيها الدعم القليل الذي تحظى به اللعبة مقارنة بالاهتمام والدعم الكبير الذي يصرف على كرة القدم، فضلًا عن أن مهنة التدريب تحتاج إلى التزام وتفرغ دائم، الأمر الذي يجعل من هذه المهنة وسط الالتزامات الحياتية، صعبة للغاية على العنصر المواطن في مزاولة مهنة التدريب، وكل ذلك ينبئ بانقراض قريب للمدرب المواطن خلال السنوات المقبلة"، مؤكدًا أن أغلبية العناصر المواطنة التي فضلت الاستمرار في كرة السلة، اتجهت إلى تولي مناصب إدارية، لكونها من وجهة نظرهم، أقل التزامًا، فضلًا عن كون المنصب الإداري لا يؤثر بالدرجة ذاتها في المستقبل المهني أو الوظيفي، وجل ما يحتاجه هو ترتيبات وإجراءات يمكن تنفيذ أغلبيتها عبر الهاتف، بالإضافة إلى وجود محدود في الأندية يقتصر على فترات المساء سواءً خلال المباريات والتدريبات، وهو أمر من وجهة نظري غير صحي للغاية، لأسباب عدة أولها عدم نقل خبرات هؤلاء اللاعبين السابقين إلى الأجيال المستقبلية بالصورة الصحيحة، فضلًا عن أن المنصب الإداري لا يقل أهمية عن مسؤوليات المدرب، لكونه يمثل عاملًا أساسيًا في توجيه وتطوير ثقافة اللعبة، بالإضافة إلى أن وجود بطل سابق مقرب من المراحل العمرية الصغيرة، يمثل عامل إلهام دائم لهذه الأجيال للاقتداء به، وبالتالي زيادة عنصر الشغف على عناصر ومكونات اللعبة محليًا.
وأكمل " السلة الإماراتية كانت تمارس سابقًا من عناصر مواطنة أغلبيتها من خريجي الجامعات وأصحاب الوظائف، وكان يحركها الشغف إلى تمثيل الدولة والمنتخبات الوطنية للوجود بصورة دائمة في التدريبات وتطوير مستواهم الذي يضمن الوصول إلى قائمة المنتخب، مقارنة بمفهوم حالٍ غامض الهوية بين نهجي الهواية ونصف احتراف، لا يقدم مردودًا ماليًا مشجعًا للجيل الحالي من اللاعبين للانتقال لاحقًا إلى مهنة التدريب، خصوصًا أن النسبة الكبرى من لاعبينا الحاليين ليسوا من خريجي الجامعات، ويعولون في الحصول على مردود مادي عبر وظائف حكومية تتطلب دوامات طويلة، ما يصعب عليهم إيجاد الزمن الكافي للالتزام بالتدريبات وحتى المباريات، فكيف تقبل فكرة الانتقال لاحقًا إلى مهنة التدريب، متابعًا "نفتخر بالاتحاد المحلي لكرة السلة، لتنظيمه في كل عام دورة دولية للمدربين، تحظى باعتراف الاتحاد الدولي للعبة، ونجحت في تخريج كم هائل من المدربين العرب والأجانب، الذين كانوا لاعبين سابقين وأصبحوا اليوم من الأسماء الشهيرة في عالم التدريب على صعيد الوطن العربي، إلا أن هذه التجربة لم تنجح في جذب لاعبي الدولة خصوصًا الذين اقتربوا حاليًا من سن الاعتزال، وذلك للأسباب التي ذكرناها سابقًا.
واستأنف "هناك أندية تشجع العناصر المواطنة على امتهان التدريب، ومنها حاليًا وجود بدر إبراهيم مع الشارقة الذي حقق نتائج باهرة على مدار السنوات الماضية مع فرق المراحل السنية، بجانب مدرب شباب الوصل أيوب أحمد الذي يضم فريقه نخبة من لاعبي المنتخب الوطني، إلا أنه في الوقت ذاته هناك نهج آخر في الأندية يبحث في كيفية إبرام تعاقداته مع مدربين على خبرات كبيرة تضمن لفرقها حصد الألقاب، وذكر "إنجازاتي مع الوحدة في تسعينات القرن الماضي، وحصوله على لقب أول فريق إماراتي يحرز كأس الأندية الخليجية الأبطال عام 1994، بجانب تتويجي بلقب أفضل مدربي آسيا عام 2001 إثر قيادتي فريق الاتحاد السعودي لإحراز لقب بطل الأندية الآسيوية في نسخة ذلك العام، وصولًا لإنجازاتي المتوالية مع الوصل، التي أعقبت بانتقال ناجح مع الشارقة الذي توجت معه بلقب بطولة الأندية العربية، 2011، وآخرها قيادتي النصر إلى خمسة نهائيات في بطولات محلية على مدار موسمين متتاليين.
وأكد "مستقبل السلة الإماراتية غير مبشر، في ظل عدم تغيير النهج في تطوير كرة السلة محليًا وبقائها تدار بأسلوب زمن أهل الكهف، سواءً كان إداريًا أو فنيًا، أدى بتراجع اللعبة على مدار السنوات الماضية، وأتوقع استمرار هذا التراجع في حال لم نشهد قفزات كبيرة على صعيد تطوير كرة السلة، خصوصًا أن الأرقام تؤكد أن سلة الإمارات كمنتخبات وطنية كانت دائمًا من الأسماء الصعبة والمنافسة على ألقاب البطولات الخليجية، مقارنة بابتعادها في السنوات الماضية عن المقدمة على حساب تطور كبير تشهده حاليًا منتخبات البحرين، والسعودية، وآخرها التطور الكبير على مستوى السلة الكويتية رغم حظر المشاركات الخارجية عليها، على أثر اعتمادها حصرًا على لعب بطولاتها المحلية بالعناصر المواطنة، ودون الاستعانة بالمحترفين الأجانب".
أرسل تعليقك