تهافت الاف المشجعين اليوم السبت الى ملعب "كامب نو" الخاص بنادي برشلونة الاسباني من اجل تكريم الهولندي يوهان كرويف الذي فارق الحياة الخميس بعد صراع مع مرض السرطان.وافتتح رئيس برشلونة جوسيب ماريا بارتوميو الساعة التاسعة بتوقيت غرينيتش وبعد دقيقة صمت قاعة مخصصة لاستقبال الزائرين القادمين لتكريم "الطائر" كرويف الذي توفي في مدينة برشلونة.
ووضعت في القاعة صورة كبيرة للاسطورة الهولندية وهو يبستم مع كرة في يده احاطت بها باقات كبيرة من الزهور."انها ايام حزينة لكافة الـ+برشلونيين+، انها ايام حزينة لكل من يحب كرة القدم"، هذا ما قاله بارتوميو، مضيفا: "بعد موافقة عائلة كرويف، افتتحنا هذا النصب التذكاري لكي يتمكن الجميع من توجيه كلمة وداعية اخيرة لهذه الشخصية".
وتهافت جمهور منوع من كافة الجنسيات، من اسبانيا والصين واليابان والمغرب وبريطانيا، من اجل تحية النجم الهولندي السابق الذي فارق الحياة عن 68 عاما بعد صراع مع السرطان الذي اصاب رئتيه.كما ارسلت العديد من المؤسسات اكاليل الزهور من اجل تكريم اسطورة كرة القدم الهولندية واياكس امستردام وبرشلونة، الفريق الذي توج معه كلاعب بلقب الدوري عام 1974 والكأس المحلية عام 1978، ثم عاش النادي الكاتالوني مع كرويف المدرب بعض اجمل ايامه الكروية اذ توج بلقب الدوري اربع مرات متتالية بين 1991 و1994 اضافة الى لقب الكأس المحلية (1990) والكأس السوبر المحلية (1991 و1992 و1994) وكأس الاندية الاوروبية البطلة (1992) والكأس السوبر الاوروبية (1992) وكأس الكؤوس الاوروبية (1991).
"جاء الى برشلونة حين كان برشلونة دون القاب. لقد منحه اسلوب لعب جديد، مع تمريرات قصيرة بهدف المحافظة دائما على الكرة"، هذا ما قاله ايغناس موسينغو، المشجع الكونغولي البالغ من العمر 45 عاما والذي جاء الى برشلونة من اجل الاحتفال مع زوجته بالذكرى العاشرة على زواجهما، مضيفا: "انه يقف خلف ما نحبه في برشلونة الحالي".
ولم يتردد موسينغو، العامل في احدى شركات الاتصالات الهاتفية في جمهورية الكونغو الديمقراطية، في تأجيل عودته الى بلاده من اجل تكريم كرويف الذي ترك اثره الكبير في اسبانيا بعدما لعب هناك من 1973 حتى 1978 مع برشلونة ثم عام 1981 مع ليفانتي قبل ان يعود اليها كمدرب للاشراف على "بلاوغرانا" من 1988 حتى 1996 ثم على منتخب مقاطعة كاتالونيا من 2009 حتى 2013.
وفي كتاب التعازي، كتبت مونتسي الباريدا (63 عاما) التي كانت اول الواقفين في الصف الطويل بانتظار الدخول الى القاعة برفقة زوجها وابنها وزوجته وفي يدها باقة زهور: "كنت الافضل لكن (النجم الحالي الارجنتيني ليونيل) ميسي خير خلف لك"، مستذكرة احد الانتصارات الكاسحة لبرشلونة على غريمه الازلي ريال مدريد بنتيجة 5-صفر في حقبة السبعينات حين كان كرويف لاعبا في النادي الكاتالوني.
وستبقى القاعة مفتوحة امام الجمهور حتى مساء الثلاثاء، فيما سيبقى برشلونة في حالة حداد حتى الثاني من نيسان/ابريل.
- بادرة تقدير واحترام -
وفي مواجهة الجمعة التي جمعت هولندا بضيفتها فرنسا في امستردام استعدادا لنهائيات كأس اوروبا الصيف المقبل، توقفت المباراة في الدقيقة 14 تكريما لكرويف الذي كان يرتدي القميص الرقم 14.وهذه المرة الاولى التي تتوقف فيها مباراة دولية بهذه الطريقة من اجل تكريم شخص ما.
"ما حصل كان مميزا"، هذا ما قاله مدرب فرنسا ديدييه ديشان الذي خرج ورجاله فائزين من هذا اللقاء الودي 3-2، مضيفا: "رجل رائع ككرويف يستحق تكريما مماثلا والملعب استجاب لذلك".وقد رفعت في ملعب "امستردام ارينا" يافطة كبيرة صورة كرويف بالقميص البرتقالي والرقم 14 الشهير، كما ترك مقعد شاغر في منصة كبار الشخصيات وضعت عليه الزهور والقميص رقم 14.
وتوج كرويف الذي خضع لعملية جراحية في القلب عام 1991 واقلع بعدها عن التدخين وكشف في تشرين الاول/اكتوبر انه مصاب بسرطان الرئة، بلقب كأس الاندية الاوروبية البطلة ثلاث مرات متتالية كلاعب في اياكس امستردام الذي احرز معه ايضا لقب الدوري المحلي 8 مرات والكأس المحلية 5 مرات والكأس السوبر الاوروبية وكأس الانتركونتيننل مرة واحدة خلال فترة دفاعه عن الوانه بين 1964 و1973 ثم بين 1981 و1983.
ومن المؤكد ان الحسرة الاكبر لكرويف كانت عدم تمكنه من قيادة بلاده الى اللقب العالمي الذي كان "الطائر" قاب قوسين او ادنى منه عام 1974 قبل ان يخسر النهائي امام المانيا الغربية 2-1 بقيادة "القيصر" فرانتس بكنباور الذي تحدث الخميس عن نظيره الهولندي قائلا: "لم يكن صديقا مقربا وحسب، بل كان بمثابة اخ بالنسبة لي. انا مصدوم".
ويعتبر كرويف تجسيدا للكرة الشاملة التي اعتمدها ناديه اياكس امستردام ملك اوروبا في السبعينات مع المدرب رينوس ميتشلز، وهي فلسفة اللعب التي نقلها ايضا مدربا لبرشلونة واسفرت عن بطولات وامجاد.وامتع كرويف الى جانب يوهان نيسكينز، رود كرول واري هان، العالم بفنياتهم، واحرز الى جانب هؤلاء جميع الالقاب الممكنة، ولم ينقصه الا التتويج مع المنتخب الهولندي.
ويصنف كرويف الذي درب اياكس ايضا وتوج معه بالكأس المحلية وكأس الكؤوس الاوروبية عام 1987، من بين مجموعة من العظماء الذين عرفتهم كرة القدم مثل البرازيلي بيليه والارجنتيني دييغو مارادونا والفرنسي ميشال بلاتيني اضافة بالطبع الى نجم برشلونة الحالي الارجنتيني الاخر ليونيل ميسي.
"لم اكن اعرف اي شيء عن كرة القدم قبل ان اتعرف على كرويف"، هذا ما اعترف به لاعب برشلونة ومدربه السابق جوسبب غوارديولا الذي يشرف حاليا على بايرن ميونيخ الالماني، مضيفا: "ساعدنا على فهم كرة القدم... شجعنا على الثقة بغريزتنا (الكروية)... على اتخاذ القرارات".
ونعت هولندا الخميس اسطورتها وكتب ملك البلاد فيليم-الكسندر في صفحته على فايسبوك: "خسرت هولندا رياضيا فريدا من نوعه وصاحب قلب كبير. لقد اغنى كرتنا واعطاها وجها جديدا. كان حقا ايقونة هولندية بامتياز".
اما رئيس الاتحاد المحلي للعبة ميكايل فان براغ، فقال بدوره: "لقد فقدنا اعظم لاعب على الاطلاق في تاريخ الكرة الهولندية، الصديق وصاحب القميص رقم 14 الشهير"، مضيفا: "لقد صدمنا بخبر وفاة كرويف، لقد حلق بالكرة الهولندية عاليا جدا والاتحاد الهولندي مدين له الى الابد".
وختم "شخصيا اقول... كرويف، صديقي، سأشتاق اليك".ونكست الاعلام في ملعب "امستردام ارينا" وقرر العاملون في متجر النادي استبدال جميع القمصان على تماثيل العرض بقميص كرويف رقم 14.واعلنت عائلة كرويف بانها ستنظم "وداعا خصوصيا ليوهان" دون ان تكشف عن المكان لكنها كشفت ايضا بانها ستعلن قريبا عن مراسم تأبين مفتوحة امام العموم.
أرسل تعليقك