استحق «ثعالب» ليستر سيتي التتويج الصعب بلقب الدوري الإنجليزي، تعادله الإيجابي مع مانشستر يونايتد في عقر دار الأخير بهدف لكل منهما، وتعثُّر منافسه توتنهام هوتسبير بالتعادل أيضا أمام تشيلسي بطل الموسم الماضي، بهدفين لكل منهما رغم تقدم الديوك أولا، إلا أن البلوز قاموا بإنهاء الأمر وإهداء اللقب المستحق للثعالب.. وبلغ رصيد ثعالب ليستر 77 نقطة مقابل 70 نقطة للديوك.
جاء التتويج عن جدارة، بعدما صمد على القمة طوال 14 جولة، تمسك خلالها بالصدارة ولم يتنازل عنها مطلقاً بالفوز في 10 مباريات، و3 تعادلات، وهزيمة واحدة فقط.. وكافح ليستر كثيرا هذا الموسم، حيث لم يصل إلى القمة بالمصادفة، بل كان صاحب الصدارة في الجولة الثالثة عشرة، وتأرجح بين المركزين الأول والثاني خلال 10 جولات تلتها، أنبأت وقتها بأن هذا الفريق سيكون مفاجأة البريميرليج هذا الموسم، لكن كان فوزه باللقب بمثابة حلم خيالي، سواء لعشاقه أو لداعميه والمتعاطفين معه، لكن تحقق الحلم في النهاية بسبب واقعية وإصرار الإيطالي المخضرم كلاوديو رانييري ولاعبيه، الذين باتوا ضمن نجوم الصف الأول في الكرة العالمية.
فريق ليستر سيتي هو صاحب عدد مرات الفوز الأكبر في البطولة الانجليزية، وحقق 22 انتصاراً، بنسبة 61% من مبارياته التي خاضها حتى الجولة 36، كما انه أقل الفرق تعرضاً للخسارة، بعد هزيمته في 3 مباريات فقط، بنسبة 8% من تلك المواجهات، ويحتل الثعالب المركز الثالث من حيث قوة خط الهجوم، بإجمالي 64 هدفا ومعدل يصل إلى 1.8 هدف/ مباراة، كما أنه صاحب المركز الثالث أيضا من حيث صلابة الدفاع، واهتزت شباكه 34 مرة، بمعدل 0.94 هدف/ مباراة.
كل هذه الأرقام تؤكد أحقية الثعالب في هذا التتويج التاريخي، ويمكن الحديث عن قوة الفريق خارج ملعبه، وهو الأمر الذي يبدو أنه العامل المؤثر الأكبر في تحديد مسار لقب البريميرليج هذا الموسم، لأن المعروف عن الدوري الانجليزي هو صعوبة الفوز خارج الديار، وأن كل فريق على ملعبه، حتى لو كان ضمن المراكز المتأخرة، قادر على تحقيق الفوز على أعرق وأقوى الفرق الانجليزية صاحبة التاريخ..
ونجح ليستر سيتي في الانتصار 11 مرة خارج ملعبه كينج باور، ليكون هو أكثر الفرق فوزاً في ملاعب المنافسين، جامعا 33 نقطة، مقارنة بكبرى الفرق الانجليزية، مثل مانشستر يونايتد الذي فاز 6 مرات فقط خارج الديار، وأيضا حامل اللقب، تشيلسي، ومعه مانشستر سيتي، وكلاهما فاز 7 مرات فقط في ملاعب المنافسين، حتى أرسنال وليفربول، فاز كل منهما 8 مرات بعيدا عن ملعبيهما.
تلك النقطة كانت علامة فارقة في مسيرة الثعالب بكل تأكيد، أضف إلى ذلك أنه كان أقل فرق البريميرليج تعرضا للهزيمة أيضا خارج ملعبه، وتلقى خسارتين فقط من إجمالي 18 مباراة لعبها في عقر دار منافسيه، جاءت كلاهما بفارق هدف واحد أمام أرسنال (1/2) وفي مواجهة ليفربول (0/1)، كما أنه أكثر الفرق تسجيلا خارج أرضه، حيث هز الشباك 32 مرة، وهو ثاني أفضل فريق دفاعياً خارج الملعب بعدما تلقى 17 هدفا فقط..
أما على ملعبه، فهو ثاني أغزر الفرق فوزاً، بإجمالي 11 انتصاراً، لكنه تفوق على الجميع بعد تجنبه الهزيمة في 17 مباراة من أصل 18 خاضها وسط جماهيره في ملعب كينج باور، وتعرض لخسارة واحدة فقط.
ليستر هز الشباك في 33 مباراة من أصل 36 خاضها في البطولة هذا الموسم، بنسبة 92% تقريباً من مبارياته، وهى نسبة كبيرة للغاية تعكس قدراته الهجومية حتى لو كان التأمين الدفاعي القوي العنيد بالصبغة الإيطالية المعروفة هو سمة أداء الفريق، وما يعكس تلك القوة الهجومية هو قدرته على هز الشباك في 17 مباراة من أصل 18 خاضها خارج ملعبه، مقابل 16 مباراة نجح خلالها في التسجيل على ملعبه ووسط جماهيره.
كما نجح الثعالب في الخروج بشباك نظيفة في 15 مباراة، بنسبة 42% من المواجهات، وخلال آخر 10 جولات من البطولة نجح ليستر في الحفاظ على نظافة شباكه 7 مرات، أي في 70% من تلك الأسابيع الأخيرة الحاسمة في عمر البطولة، ووسط صراع تنافسي هائل بينه وبين توتنهام، وقبله مع مانشستر سيتي وأرسنال، وهو أيضا ما يعكس شخصية الفريق القوية التي مكنته من المرور من هذه العقبات في ذلك التوقيت الحرج بخبرة وقدرة إعجازيتين، خاصة لفريق احتل في الموسم الماضي المركز الرابع عشر ولم يكن له أبداً تاريخ كبير في البريميرليج!
أما عن المواجهات مع كبرى الفرق الانجليزية هذا الموسم، فحدث ولا حرج، فأمام منافسه المباشر توتنهام هوتسبير، خرج الثعالب بتعادل إيجابي في الدور الأول قبل تحقيق الفوز في ملعب الديوك بهدف نظيف.. وفي مواجهة مانشستر سيتي تكرر نفس المشه،د لكن بتعادل سلبي في الدور الأول قبل فوز الثعالب الكبير بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد في ملعب الاتحاد!
وفاز ليستر على تشيلسي بهدفين مقابل هدف واحد في الدور الأول، كما تبادل الفوز مع ليفربول، حيث خسر في الدور الأول بهدف ورد الدين بهدفين في مباراة الدور الثاني، وتعادل ذهاباً وإياباً مع مانشستر يونايتد بنفس النتيجة (1/1)، بينما كان التعثر الوحيد أمام مدفعجية أرسنال، بعد الخسارة في المواجهتين.
كلاوديو رانييري الإيطالي المخضرم صاحب الـ 64 عاما كان له الفضل الأكبر فيما وصل إليه الثعالب هذا الموسم، تأثر بالتأكيد بلعبه كمدافع ومع خبرته بالكرة الإيطالية، مال مع ليستر للعب بطريقة 4/4/2 القديمة، وسط تأمين دفاعي هو الأساس مع ترك الاستحواذ في أغلب المباريات للخصم، ثم شن الهجمات السريعة التي ساعد فيها تواجد كل من جيمي فاردي ورياض محرز لتحويلها إلى أهداف حاسمة وقاتلة.. وسواء تغيرت الطريقة أحيانا إلى 4/3/3 أو 4/3/2/1، فإن رانييري رفع شعار الدفاع أفضل وسيلة للهجوم وقاد مجموعة كانت مغمورة من اللاعبين لمنصات التتويج، وبات أغلبهم من أهم اللاعبين الدوليين في منتخباتهم.
الفريق سجل 64 هدفا كان منها 38 في الشوط الثاني مقابل 26 هدفا في الشوط الأول، وهو ما يعكس سيطرة وتحكم وقدرة المدير الفني الإيطالي في إدارة المباريات خلال شوط المدربين كما يطلق عليها، وكانت أغزر فترات التهديف للفريق في آخر ربع ساعة من عمر المباريات، وسجل خلالها 14 هدفا (22%) وهو ما يشير إلى الإصرار الكبير الذي تمتع به الفريق، خاصة في تلك الفترة القاتلة من أي مباراة.
واعتمد الفريق في استراتيجيته الهجومية على اختراق العمق أو الضغط على قلب دفاع المنافسين من قبل مهاجميه ولاعبي الوسط، وسجل عبره 29 هدفا (45%)، وهو ما يظهر أيضا من خلال نسبة التهديف من داخل منطقة الجزاء، والتي بلغت 95% عبر تسجيل 61 هدفا من داخلها.. مع توازن هجومي على الأطراف، حيث أحرز 19 هدفا من الجبهة اليمنى و16 عبر اليسرى، مكن الفريق أيضا من إحراز 12 هدفا عبر التسديدات الرأسية والألعاب الهوائية.
كما سجل ليستر 18 هدفاً بنسبة 28%، عبر الكرات الثابتة، منها 9 ركلات جزاء تؤكد قدرات الفريق في التوغل ومغالطة قلب دفاع المنافسين، واستغل الركلات الركنية في إحراز 5 أهداف مقابل 4 أهداف عبر ركلات حرة غير مباشرة، وتلك الركلات التسع سكنت فيها الكرة الشباك 6 مرات برؤوس لاعبيه.
أرسل تعليقك