شهدت الساعات الماضية تحركات ومشاورات بين أعضاء مجلس إدارة الاتحاد الإماراتي لكرة القدم، وذلك عقب خسارة المنتخب الأول بثلاثية نظيفة، الثلاثاء، أمام شقيقه السعودي، على ملعب "الجوهرة المشعة"، في جدة، ضمن التصفيات الآسيوية الحاسمة، المؤهلة إلى مونديال روسيا 2018، وذلك من أجل تقييم الموقف، ووضع المنتخب على الطريق الصحيح، من أجل العودة للمنافسة على نيل إحدى بطاقات التأهل، بعد توقف رصيده عند ست نقاط فقط. وشهدت المشاورات بين الأعضاء اختلافًا في وجهات النظر، حيث أيد البعض بقاء الوضع على ما هو عليه، وضرورة تجديد الثقة في الجهازين الفني والإداري، موضحين أن هذه المرحلة بحاجة إلى مزيد من الاستقرار، خاصة أن المنافسة لا تزال قائمة، كما أنه من الصعوبة بمكان اتخاذ قرار قد يزيد من تعقيد الأمور.
فيما طالب آخرون بضرورة التغيير، والبعض أفصح عن ذلك علانية، ويستند أصحاب هذا الرأي على أن الجهاز الفني لم يعد لديه جديد ليقدمه، وأن الأخطاء التي تحدث في المنتخب ناتجة عن القيادة الفنية للمباريات، وأن استمرار الوضع الحالي فيه استنزاف للوقت، وإهدار لفرصة إعادة الأمور إلى نصابها، من خلال الاستعانة بأحد الكفاءات العاملة في دوري الخليج العربي.
وتدور الترشيحات حول الروماني المتميز "كوزمين"، مدرب النادي الأهلي، والصربي "يوفانوفيتش"، المدرب الكفء لنادي النصر، ولكن الموقف لم يتحدد حتى الآن، وربما تستمر المشاورات، حتى السبت، وفق ما أكده مصدر مسؤول في اتحاد الكرة، حيث يتم حاليًا التشاور مع بعض القيادات، لإعادة تقييم الموقف، وفي حال تم التغيير، سيكون شاملاً للجهازين الفني والإداري، والسعي لإحداث روح جديدة في محيط الفريق، خاصة مع تزايد الشائعات في الفترة الأخيرة، عن وجود خلافات بين أعضاء الفريق.
وكلّف أعضاء مجلس إدارة اتحاد الكرة المهندس مروان بن غليطة، رئيس الاتحاد، بالاجتماع مع مهدي علي، مدرب المنتخب، خلال الساعات المقبلة، لبحث تداعيات خسارة "الأبيض" أمام السعودية بثلاثية، ومن المتوقع أن يتم اللقاء خلال الساعات المقبلة، في دبي، وسيتناول العديد من النقاط المهمة، والمتعلقة بمستقبل الجهاز الفني، خلال الفترة المقبلة.
وعلى جانب آخر، أظهر انهيار المنتخب الأول، في آخر ربع ساعة، أمام المنتخب السعودي، وتلقيه خسارة موجعة بالثلاثة، بوضوح، وجود خلل في الفريق، يستوجب التقييم والحساب، للصالح العام، وبالرغم من وجود أمل في التأهل إلى مونديال روسيا، إلا أنه، بهذا الأسلوب في العمل، وتلك الطريقة في التعامل، لن يتحقق طموح عشاق المنتخب.
وتمثلت طريقة أداء المنتخب أمام شقيقه السعودي في الحفاظ على تماسك الفريق، للخروج بنتيجة التعادل، وكان مرور نصف ساعة من بداية المباراة بدون أهداف، بداية التفاؤل بتحقيق الهدف، الذي زاد بانتهاء الشوط الأول، واستمر الحال على ما هو عليه، حتى بدأت التغييرات في صفوف المنتخب، حيث خرج أحمد خليل، خروجًا اضطراريًا، لإصابته بشد، ومشاركة حسن إبراهيم، وأصبح على مبخوت وحيدًا في الهجوم، أمام أربعة من مدافعي المنتخب السعودي، ومن ثم خروج طارق أحمد، ومشاركة حبيب الفردان، ولكن هذه التغيرات فتحت الإشارة الخضراء أمام لاعبي المنتخب السعودي، للتحرر من الضغوط التكتيكية.
ومن العوامل التي تلفت الأنظار في أداء المنتخب، طوال السنوات الماضية، هو تعدد الأخطاء الدفاعية، بصورة متكررة، دون إيجاد حل لعلاج تلك الأخطاء، ولكن الفوز ينسي الجميع إلقاء الضوء على الأخطاء المتكررة، إلا أن مباراة السعودية كشفت عن خلل واضح، ولذلك لا بد من وقفة حقيقية، لمعرفة ما آل إليه المنتخب، في الفترة الأخيرة، والذي تحول إلى منتخب أفراد، أكثر من منتخب وطن.
وأكد فاروق عبد الرحمن، نجم المنتخب الإماراتي، ولاعب نادي الوصل السابق، أن وقت التغيير قد حان في قيادة المنتخب، خلال المرحلة المقبلة، موضحًا أن الكرة باتت في ملعب اتحاد كرة القدم، فهو من يرى صالح اللعبة في الدولة، وقال: "من وجهة نظري الشخصية، أؤيد التغيير في الوقت الحالي، لأنه سنة الحياة، كما أنه سيعود بالنفع على الجانب النفسي للاعبين، بحيث سيشكل دفعة معنوية جيدة في المباريات المقبلة"، مشيرًا إلى أن كل المنتخبات عرفت طريقة لعب "الأبيض"، وتصيدت نقاط ضعفه.
وأضاف: "لابد من دراسة الوضع جيدًا، من قبل اتحاد كرة القدم، واتخاذ القرار، وأعتقد أن الوقت بات مناسبًا، واتحاد الكرة هو من في يده القرار، فهم من يعلمون حقيقة الأمور، ولديهم دراسات وتقييم لعمل المنتخب، في الفترة الماضية، مبينًا أن مستوى المنتخب بات متذبذبًا، حيث فاز على نظيره الياباني، في مستهل مشواره في التصفيات، ثم تراجع وخسر من نظيره الأسترالي، وهكذا، فالمسؤولية مشتركة على المدرب واللاعبين".
وقال نجم المنتخب الإماراتي السابق: "هناك لجنة المنتخبات في اتحاد كرة القدم، وهي الجهة المنوط بها اختيار اللاعبين، إلى جانب المدرب، فهو من يضع التشكيلة، وهو أدرى بمن يستحق المشاركة، بناءً على مدى جاهزية اللاعب، وعطائه في التدريبات، وعلى المدرب أن يستبعد اللاعب غير المستعد، وأن يستبدله بغيره فورًا، ولا يجب أن يضمن لاعب مركزه في التشكيلة الأساسية، بل لابد من مراقبة اللاعبين، وأن تكون عملية التغيير مستمرة، حتى يقدم اللاعب أفضل ما لديه".
وأضاف: "من أسباب الخسارة الثقيلة أمام الأخضر السعودي، من وجهة نظري، أن لدى المنتخب السعودي لاعبين لديهم القدرة على صنع الفارق، وأعتقد أن الشوط الثاني هو شوط المدرب، وعليه دور كبير في علاج الأخطاء، من خلال إجراء تغييرات جذرية ومؤثرة، تنعكس على أداء اللاعبين، وتغير من نتيجة المباراة، وعلى المدرب كذلك أن يعرف نقاط القوة والضعف لدى منافسيه، وأن تكون لديه الورقة الرابحة، بحيث يتدخل عند اللزوم، وليس إجراء تغيير لمجرد التغيي"ر. واختتم "عبد الرحمن" حديثه بالقول: "نتمنى التوفيق لأبيضنا، والمهم ليس الخسارة، لكن الأداء هو الأهم، وأن تعود الروح للاعبين".
واجتمعت الجماهير السعودية، التي حرصت على الحضور مبكرًا لمؤازرة ومساندة "الأخضر، في مباراته أمام الإمارات، على مائدة إفطار، بعد صيام يوم عاشوراء، وذلك على جنبات ملعب "الجوهرة المشعة" في جدة، وكان منظر الجماهير أشبه بإفطار شهر رمضان الجماعي. وحصد نجم المنتخب السعودي نواف العابد جائزة أفضل لاعب في المباراة، حيث قدم مستوى مميزًا للغاية، وصنع خطورة بالغة على المرمى، كما نجح في تسجيل هدف الأخضر الثاني، من تسديدة رائعة ومميزة على يمين الحارس، ليرفع "العابد" رصيده التهديفي إلى أربعة أهداف في التصفيات، وسابع أهدافه في مبارياته الدولية، البالغة 36 مباراة.
وأكد جميع المحللين والنقاد، ومتابعي التصفيات الآسيوية، أن هدف فهد المولد الأول في الشباك الإماراتية، هو أجمل هدف في التصفيات، منذ بدايتها، كما أنه أجمل هدف سعودي في السنوات الأخيرة، فيما اتفق الجميع على كونه نسخة من هدف النجم الهولندي الشهير ماركو فان باستن، في نهائي يورو 1988، أمام المنتخب الروسي، وفي شباك حارسه العالمي "داساييف".
وغرد القطب العيناوي عوض بن حاسوم الدرمكي، على حسابه الشخصي على موقع "تويتر"، عقب انتهاء اللقاء، قائلاً: "المشوار مازال طويلاً، نعم، الفرصة قائمة، نعم، بالإمكان الوصول، نعم، لكن بشرط، أن تكون متجهًا في الاتجاه الصحيح". وبارك ياسر المسيليم، حارس مرمى المنتخب السعودي، للشعب السعودي ولزملائه، على صدارة مجموعتهم، في تصفيات المرحلة النهائية المؤهلة لكأس العالم 2018، بعد مرور أربع جولات، وقال المسيليم: "أتمنى تحقيق نتيجة إيجابية في المباراة المقبلة ضد اليابان، وأن نستثمر الحالة المعنوية العالية للاعبين، في مواصلة تصدر قمة المجموعة الثانية".
وأشاد حارس مرمى المنتخب السعودي بأداء منتخب الإمارات، خاصة في الشوط الأول، وقال: "الفريق قدم جهدًا جيدًا، ولكن تعدد الأخطاء الفردية، خلال الشوط الثاني، أدى إلى تعثر الفريق، وتلقيه الخسارة، التي لا تقلل منه أبدًا كمنتخب قوي، يضم لاعبين متميزين".
أرسل تعليقك