أظهرت دراسة موسعة أن كل الوظائف المعتمدة على تقنيات الذكاء الاصطناعي في كل معالجات الهواتف الذكية الجديدة تعتبر بدائية، ولاتزال «مضطربة ومرتبكة»، كما أن أداءها صعب القياس، ولا يمكن الوثوق به.
ويأتي ذلك وسط الضجة التي تثيرها الحملات التسويقية للهواتف الذكية الجديدة باعتبار أن لها قدرات وخواص تتعلق بالذكاء الاصطناعي والشبكات العصبية المتطورة.
دراسة سويسرية
وقد صدرت هذه الدراسة عن «المعهد الفيدرالي السويسري للتقنية»، الذي يعد أحد أبرز مؤسسات سويسرا العلمية، ويدرس فيه نحو 18 ألف طالب. ويعتبر فخر سويسرا من حيث التعليم، ومصُنّف كأفضل المعاهد في أوروبا.
وأجرى الدراسة ثلاثة من علماء المعهد، هم: رادو تيموفتي، وآندري أجناتوف، ولوس فان جول، إضافة إلى باحثين في الشركات المنتجة لمعالجات الذكاء الاصطناعي للهواتف الذكية، هم: بريزمي سلو سزبانياك من شركة «غوغل»، وويليام تشاو من شركة «كوالكوم»، وتيم هارتلي من «إيه آر إم»، وماكس يو من «ميديا تيك»، وكي وانج من «هواوي».
واختبر هذا الفريق الكبير العشرات من طرز الهواتف المحمولة التي يدعي صانعوها أنها مزودة بوظائف الذكاء الاصطناعي والشبكات العصبية. وقد نشرت نتائج الدراسة كاملة في الثالث من أكتوبر الجاري على موقع «آركايف» arxiv.org، وهو مشروع علمي مفتوح، ينشر البحوث العلمية الكاملة من مختلف أنحاء العالم، في مجالات الرياضيات، والفيزياء، وعلم الفلك، والهندسة الكهربائية، وعلوم الكمبيوتر، وعلم الأحياء الكمي، والإحصاءات، والتمويل الكمي، ويتلقى ما يزيد على 10 آلاف بحث علمي شهرياً.
حملات ترويجية
كانت الحملات الترويجية والتسويقية للعديد من الهواتف الذكية العاملة بالذكاء الاصطناعي حملت العديد من الادعاءات حول القدرات التي يمنحها الذكاء الاصطناعي للهواتف الذكية الجديدة، ومنها أن الهواتف الذكية المعززة بتقنيات الذكاء الاصطناعي ستمتاز بأداء منقطع النظير، بواقع 25 مرة مقارنة مع الأداء التقليدي لوحدات المعالجة المركزية، وبمستويات كفاءة أعلى بمقدار 50 مرة لهذا النوع من وحدات المعالجة، وستسمح أنظمة استشعار العواطف والحوسبة العاطفية للهواتف الذكية بأن تكتشف وتحلّل حالات المستخدمين المزاجية والعاطفية والاستجابة لها.
عملية الاختبار
اختبر الباحثون في هذه الدراسة تسع مهام تتعلق بوظائف الذكاء الاصطناعي في 10 آلاف هاتف محمول ذكي، مع أكثر من 50 نموذجاً مختلفاً للمعالج، يحتوي على العديد من مسرعات الشبكات العصبية ووحدات المعالجة الرسومية «جي يو آي»، وذلك على هواتف تعمل بنظام تشغيل «أندرويد».
وخلال الاختبارات، تتبع الباحثون أداء العديد من عناصر الشبكات العصبية الموضوعة بالمعالجات في القيام بالوظائف المتصلة بالذكاء الاصطناعي، مثل وظيفة تحسين مظهر الصور الملتقطة بواسطة الهاتف، وهي وظيفة تتم كتابتها بإطار البرمجة المعروف باسم «سينسور فلو» من «غوغل».
اضطراب وارتباك
توصل الباحثون إلى نتيجة عامة، وهي عدم التساوي في الجهود المبذولة لتشغيل الشبكات العصبية ووظائف الذكاء الاصطناعي على نظام تشغيل «أندرويد»، وأن تطوير الشبكات العصبية على الأجهزة المحمولة لايزال عملاً صعباً وبدائياً، ويستند إلى أطر برمجة غير مكتملة، وشرائح معالجات تلقى دعماً مختلطاً للشبكات، ولذلك، فالأداء يصعب قياسه بشكل موثوق به.
وركز الباحثون على إطار البرمجة «تينسور فلو» شائع الاستخدام في بناء تقنيات وأدوات الذكاء الاصطناعي، وقالوا إن هذا الإطار لا يمكنه العمل مع مكتبة حديثة تستخدم في برمجة وظائف الذكاء الاصطناعي، وتعرف باسم «إن إن إيه بي آي»، التي تساعد على كتابة وبرمجة واجهات تطبيقات الشبكات العصبية لنظام تشغيل «أندرويد».
وخلص الباحثون في النهاية إلى أنه من الممكن تحقيق نتائج إدراكية متشابهة جداً باستخدام شبكات أصغر بكثير وموفرة للموارد يمكن تشغيلها على أجهزة محمولة شائعة، مثل الهواتف الذكية أو الأجهزة اللوحية، وأن أن تسريع الأجهزة للشبكات العصبية «يتطور الآن بسرعة كبيرة»، لكن «النقص الحالي في المتطلبات القياسية والمواصفات المتاحة للجمهور لا يسمح دائماً بتقييم موضوعي لمزاياها وقيودها الحقيقية».
جمع البيانات
ركزت حملات تسويقية لشركات الهواتف على أنه يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في جمع الكثير من البيانات عن سلوك المستخدم وخصائصه الشخصية، ومن خلال ذلك يمكن الحصول على حماية ومساعدة أكبر بشكل ديناميكي، بالاعتماد على ماهية النشاط الذي يجري تنفيذه وبيئة الاستخدام التي هم فيها، ما يسهم في حماية البيانات المصرفية الموجودة على الهاتف الذكي.
أرسل تعليقك