اعتبر الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند أن الرئيس بشار الأسد هو أصل المشكلة في سوريا ، ولا يمكن أن يشكل جزءا من الحل.
وقال أولاند - في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة - إن الجميع يتفق علي أن الشعب السوري يعيش مأساة ، ولا بد من بلوغ الحل المناسب والتباحث حول الأمور التي لم يتم إنجازها.
وأضاف " أنا تحدثت منذ سنوات أمامكم ، وكان عدد الضحايا 30 ألفا ، أما اليوم فتجاوز 250 ألفا ، وهذه المأساة بدأت مع الثورة التي حاولت التخلص من ديكتاتورية بشار الأسد ، وحينها لم يكن هناك ارهابيون وأصوليون".
وأشار الى أزمة المهاجرين واللاجئين السوريين من رجال ونساء وأطفال والى الإرهابيين الذين يقتلون ويدمرون إرث البشرية، مؤكدا أن وجود مجموعة ارهابية لا يبرر وجود نظام دكتاتوري.
وشدد على أنه لا يمكن التوصل الى حل خارج العملية السياسية ، مشيرا الى أن فرنسا ، بفضل صلاتها في هذه المنطقة ، مستعدة لتحمل مسؤولياتها ، وهذا ما قامت به مؤخرا ، بما في ذلك من خلال تدابير قوية واللجوء الى القوة.
وأضاف " نحن نرغب في العمل مع كل من يريد العمل معنا ، نتحدث عن ائتلاف واسع النطاق ، وهو أمر ضروري لنضع حدّا لما حدث اليوم في سوريا ، ولكن هذا الائتلاف يجب أن يستند الى أسس واضحة ، وإلا لن يرى النور".
وأشار الى أهمية اتفاق جنيف لإحراز التقدم القاضي بتشكيل حكومة انتقالية ذات صلاحيات كاملة تضم أعضاء الحكومة الحالية وأعضاء من المعارضة استنادا الى توافق متبادل.
وأضاف أن هناك بعض الجهود الدبلوماسية يتم بذلها لإدماج بشار الأسد في هذه العملية ، ولكن لا يمكن أن يشكل بشار الأسد عنصرا في الحل ، فلابد من وضع حد لمعاناة الشعب السوري.
ومن ناحية أخرى ، أشار أولاند الى أن هناك الملايين من اللاجئين الذين يفرون من منطقة الشرق الأوسط والقارة الأفريقية بحثا عن الحماية وعن إنقاذ أرواحهم ، وهذا اضافة الى الإرهاب الذي يضرب المدنيين.
وقال " ما من دولة بمنأى عن هذه الآافة ، وهذا بالإضافة الى النزاعات التي ما زالت معلقة ولم نجد لها حلا منذ سنوات عديدة ، بينما نحن نعلم انه يمكن لهذه النزاعات أن تتدهور خاصة في الشرق الأوسط".
ولفت الى أن %80 من اللاجئين في العالم سواء بسبب النزاعات أو الحروب أو المناخ أو الفقر هم من الجنوب ، ودعا الى التحرك لمنع استغلال مهربي البشر لأزمة اللاجئين ، ونوه بأن أوروبا استقبلت أعدادا قادمة من اريتريا والعراق والسودان وسوريا ، وذلك تنفيذا لمبدأ الحق في اللجوء.
وطالب أولاند بمساعدة المفوضية السامية لحقوق اللاجئين ودعم برنامج الغذاء العالمي ، وقال " اذا أردنا الحد من مشكلة اللاجئين وإبقائهم بالقرب من دولتهم الأم ، فعلينا مساعدة الدول المجاورة مثل لبنان والاْردن وتركيا ، وإن فرنسا تقوم بما في وسعها وما يترتب عليها من واجبات ، وقررت زيادة مساعدتها بواقع مائة مليون يورو للدول المجاورة لسوريا".
وعلى جانب آخر ، أكد الرئيس الفرنسي أن شرعية منظمة الأمم المتحدة تستند الى مصداقيتها ، وإن لم يكن هناك من قدرات لديها لحل الأزمات التي بدأت منذ زمن بعيد ، وتلبية حاجات اللاجئين والمدنيين ، فهذا سيفضي الى نتائج سلبية ، داعيا الى اصلاح هذه المنظمة وتوسيع نطاق مجلس الأمن والزام كافة القارات بمسؤوليتها في اطار مجلس الأمن.
وأكد أن فرنسا ، كدولة دائمة العضوية في مجلس الأمن ، ترغب ألا يتم اللجوء الى حق النقض (الفيتو) في حالات ارتكاب الفظائع على نطاق واسع ، متسائلا" كيف يمكن أن نقبل أن الأمم المتحدة عاجزة عن التحرك عند وقوع هكذا مأسي ؟، فحق النقض حين تم إنشائه منذ ٧٠ عاما لم يكن هدفه منع التحرك بل ضرورة التحرك".
وحول ظواهر تغير المناخ ، تحدث الرئيس أولاند عن الكوارث الطبيعية مثل التسونامي والزلازل والجزر التي ستختفي بعد وقت قصير والسواحل المغطاة بالمياه وذوبان الكتلة الجليدية ، داعيا الى مواجهة هذه التحديات على كافة المستويات.
وأضاف " إن فرنسا أرادت أن تنظم مؤتمر المناخ لأنها تعي في ضوء إخفاق مؤتمر كوبنهاجن أنه كان ينبغي اتخاذ القرار الصائب وأنه كان يتعين أن يكون قرار المجتمع الدولي بأكمله ولكن علينا أن نطرح سؤالا واحدا على أنفسنا في باريس ، فهل نحن قادرون على اتخاذ قرار بالمحافظة على الحياة على كوكبنا ، إن مجرد هذا السؤال يضعنا على مستوى لم تبلغه في جيلنا ، وأؤكد لكم بكل وضوح إن لم يتم ذلك في باريس فسيكون قد فات الآوان".
وتابع أن الأمور في الأشهر الماضية أحرزت تقدما ، وكان هناك إعلانات قوية من قبل الدول الأكثر تسببا في تغير المناخ ، وهي الصين والولايات المتحدة الأمريكية ، وهي قطعت التزامات لتغيير هذا الوضع ، وهذا بالإضافة الى النداءات الآتية من كل القارات للتركيز على الحالة الطارئة والخطيرة لظاهرة تغير المناخ.
وأضاف "إن هناك ثلاثة شروط أساسية لنجاح مؤتمر باريس ، الأول هو أن نتوصل الى اتفاق عالمي ملزم للجميع لكي يقدم كل طرف إسهامه وفق حالته ، فنصف الدول في الأمم المتحدة (90 دولة) قدمت إسهاماتها الوطنية ، وهذا إسهام كبير ويمثل %80 من انبعاثات الغازات الدفيئة " ، داعيا الدول التي لم تبادر بعد بالاعلان عن خطتها بفعل ذلك حتى يتم تحديد الحدود التي سنرسمها لتغير المناخ.
والشرط الثاني هو العمل على المدى الطويل من خلال آلية تضاف الى الإتفاق الذي نتطلع اليه لإجراء عملية متابعة وتقييم كل خمس سنوات للتأكد من أن درجة حرارة الأرض لن تتخطى درجتين مئويتين بحلول نهاية هذا القرن.
والشرط الثالث هو أن تقدم الدول المتقدمة التزامات مالية ، ولقد تحدثنا عن مائة مليار دولار في كوبنهاجن لضمان التكيف في المرحلة الانتقالية ونقل التكنولوجيات " ، مشيرا الى السعي لجمع هذا المبلغ بحلول 2020 ، لكي تتأكد الدول النامية من حصولها على المساعدة ، وتكون هناك نقلة نوعية في تشاطر التكنولوجيات.
كما دعا الى حشد طاقات البنك الدولي والمصارف التنموية الكبيرة للاتفاق على جمع المائة مليار دولار قبل مؤتمر باريس ، لافتا الى أن التمويل السنوي لفرنسا للمناخ سينتقل من ثلاثة الى خمسة مليارات يورو في 2020.
أرسل تعليقك