كشف صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة في حوار تلفزيوني مع قناة الوسطى عن معاني مسميات بعض المناطق في المنطقة الوسطى لإمارة الشارقة وما تتمتع به من طبيعة وآثار وعادات وتقاليد وأسلوب حياة ونظام بيئي وقبلي.
وقد تحدث سموه لقناة الوسطى من الذيد التابعة لمؤسسة الشارقة للإعلام، في حوار تلفزيوني مع المذيع راشد أحمد المزروعي حول طبيعة المنطقة الوسطى الصحراوية البدوية حيث قال كلمة «الصحراء» عربية وإذا أعدناها إلى أصلها الثلاثي قلنا «صَحِرَ» أي تغير لونه غُبْرَةً بِحُمْرَة، حتى الأسد والذي يتميز بلون الصحراء يسمى المصحر وهو أحد أسماء الأسد، واللغة العربية واسعة ولذلك شملت الصحراء من دون تحديد، فقيل صحراء نسبة للونها فقط، وفي الدنيا صحارٍ كثيرة مثل صحراء نيفادا، صحراء كلهاري في أفريقيا، صحراء فيكتوريا في أستراليا، صحراء الكبرى في شمالي أفريقيا، كل ذلك يبيّن كما قيل أنّ الأرض تصحّرت، وكلمة «تَصَحّرَتْ» تعني زال النبات منها وبقيت الأرض بلونها الطبيعي، والتّصحّر موجود في الصحراء الكبرى في أفريقيا نلاحظ أن العشب والخضرة تنزاح وتصبح الأرض صحراوية، أي ليس بها نبات ولا عشب ولا شجر.
صفات البادية
ولكن المقصود هنا في كلمة صحراء، هو البادية والبادية هي الصحراء، ولكن البادية لها صفات، مثلاً بادية الشام وبادية نجد، هذه المناطق لها معنى، فما هي؟ البادية من بَدَأ، والبدء هو إظهار أو إشهار العداوة.
تبادى القوم بالعداوة، أي جاهروا بالعداوة، كيف أتى هذا الاسم؟ ذلك لأن أهل المنطقة قبل الإسلام كانوا يجاهرون بالعداوة في قصائدهم وأشعارهم لذلك سمّيت البادية.
وهي اسم على مسمى نظراً لأطباع أهل المنطقة. فيقولون على سبيل المثال (يا فلان افعل ما بدا لك) بمعنى أظهر العداوة وجاهر بها.
أما السكان فيُطلق عليهم اسم «بدو» نسبة للبادية، ومفردها «بَدَوي» أو «بِدْوي» ومؤنثها «بَدَوِيّة».
وتطرق سموه في الحوار إلى التكوين البيئي والتضاريس وجغرافية المنطقة الوسطى وقال سموه: في القديم كانت الأودية تنزل من الجبال وكل الخيران الموجودة على الساحل هي مصبّات أنهر، ولكن من بعد ذوبان الجليد تصحّرت الدنيا لأنها كانت خضراء، مثل ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك تحركت الرمال من المناطق الوسطى بالجزيرة العربية (الربع الخالي) ووصلت لهذه الأماكن.
ألا تلاحظون الأتربة التي تغطي مركباتكم عندما تهب الرياح وقت سهيل، فما بالكم بحدوث ذلك لملايين السنين، إما عن طريق الهواء أو التدحرج، فكانت هذه الرمال تتدحرج وتصل لهذه الأماكن وتُسمى هذه التلال الرملية بالسوافي أي يسفي أي ينثر.
وقد قمت بتجربة من مدينة الشارقة وصولاً إلى الجبال في الإمارة، عند مطار الشارقة الدولي هناك رقعة اسمها (الرقعة الحمراء)، مروراً بمنطقة الصجعة، أرض ممتدة هي ذاتها طينية بطبيعتها، ومنطقة السيوح ومنطقة الرقاع كلها تمثل الامتداد القديم للأرض الطبيعية.
جبال الوسطى
وبين سموه الفرق بين الجبال الظاهرة في المنطقة الوسطى وسلسلة جبال الجير الممتدة على الساحل الشرقي بقوله: هذه الجبال ناتجة عن فلق وليس عن احتكاك لذلك لا نرى فيها حدوث أي نوع من الزلازل، ويعتبر ما يفصلها فلقاً كبيراً، وقد تكون في هذه المنطقة مياه جوفية كثيرة من بعد هذا الفلق.
وأوضح سموه المواقع الغنية بالمياه الجوفية في المنطقة الوسطى وسبب وفرة المياه فيها قائلاً: هناك بقعتان مميزتان فقط، البقعة الأولى هي الفاية (الفاجّة)، لذلك نلاحظ منطقة البحايص (كانوا يبحصون الماء ويشربون)، والمنطقة الثانية عجارب (عقارب) بها كميات مياه كثيرة موجودة، هاتان المنطقتان فقط اللتان حجزتا مياه الوديان بسبب وجود الجبال الناتج من الفلق.
أما المناطق الأخرى ليس بها ما يحجز الماء مثل الذيد وفلج المعلا فالمياه تنحدر للبحر، فهناك مجرد حصاة (أثر حجر) بالقرب من (فريج ابن محيان في الخلف) ومنطقة قرون البر (طوي السامان).
(مجرى الوادي ليس به ما يحجز الماء) لذلك نجد المياه المنحدرة من الجبال تصل إلى البحر.
الأثافي
وحول بعض المسميات التي تطلق على مناطق في إمارة الشارقة بشكل عام والمنطقة الوسطى بشكل خاص قال سموه: أولاً البدوي في البادية لا يترك له أثراً، حتى ولو طبخ يدفن الرماد، لكن ما الآثار الموجودة في البادية؟ نلاحظ مثلاً الأثافي، وهو الحصى المستخدم في الطبخ والذي لم يُدفن.
أما الأثافي من أَثَفَ، أَثَفَ الرجل بالمكان أي أقام به. وعند الطبخ تحضر حصاتان وتُركن الجهة الثالثة للجبل، ويقال بالمثل (رماه بثالثة الأثافي) والثالثة هي الجبل وهي أشد شدة وأقوى من كل شيء.
وأضاف سموه معرّفاً بأسماء المناطق: كل الأسماء التي أطلقت على المناطق أو الآبار والتلال أو حتى الجبال استمدت من طبيعة وصفات الشيء المسمى عليه، ونتدخل فقط في إزالة الاسم الشائن لأنه لا يصح.
أما في تسمياتي فلم أتعمق لما هو أكثر من الأمور العامة، لذلك أسماء الطرق كطريق مليحة وطريق الذيد وطريق خورفكان وطريق كلباء، أعرّف البلد بالطريق المتجه إليه ليسهل على الشخص استخدام هذه الطرق، تعريفاً مسبقاً بالوجهة.
وقال سموه: وادي القرحة فاضت فيه بطحاء الرفيعة وأصبح وادياً، كنت أستفيد من علم ومعرفة سلطان بن ضيخان رحمه الله، وقد أخبرني أن البطحاء فاضت إلى أن وصلت وصبت في خور عجمان، فهذه البطاح تغير مجراها فمجرى البطحاء الأصلي وهي ذاتها منطقة الفاية لم يكن يصل إلى الرفيعة، فقد كان ينحرف قبل البيوت الشعبية الحالية بالاتجاه إلى الشارقة وهذا المجرى هو مكوّن سيح المصمود، ويصل هذا المجرى إلى بحيرة خالد ويصب فيها، وخلال الإنشاءات على بحيرة خالد وجدنا البحص أثناء عمليات الحفر دلالة على وصول الوادي محملاً بالبحايص لهذه المنطقة الساحلية.
أما بالنسبة لتسمية الوادي بهذا الاسم فنسبة لمائها القريح أي الحلو، يمتلئ الوادي بمياه الأمطار أي مياه حلوة بالتالي فإن البئر التي حفرت هناك ماؤها عذب وليس ماء من جوف الأرض تراكمت به الأملاح.
وحول طرق القوافل والكيفية التي كانت تقطع بها تلك الصحاري الجافة أوضح سموه قائلاً: الآبار دائماً تقع في درب القوافل ليتمكن الرحال من شرب الماء، والمنطقة الوسطى فيها اتصال الشمال بالجنوب يربط الطبيعة واتصال الشرق بالغرب يربط المدن، نلاحظ أن هذه المنطقة فيها ترحال، لنفترض أنك تريد الذهاب لرأس الخيمة، فهل ستسلك ند ابن غرير والمرقبات وهذه المناطق؟ بالطبع لا لأن البئر يصعب حفرها هناك لسمك الرمال إلى الأرض لذلك لا أحد يسلك هذا الطريق، الطريق المأهول يمر في منطقة سهيلة، فهناك مجرى وديان وعلى اليمين كلها جبال فهو مكان تجمع مياه وهنا تحفر الآبار، وهذا هو الحال لنقل البضائع من جنوبي عُمان إلى توام في العين، وتسمى أقدام الجبال لوجود المياه المحجوزة بها للوصول إلى توام، وكانت البضائع تنقل إلى بئر يطلق عليها اسم «بينونة» وهي في التلال الرملية وليس في الصباخ لأن الماء عذب يشرب.
أفلاج
تحدث صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة عن أفلاج المنطقة الوسطى وطبيعتها ذاكراً بعضاً منها ومسمياتها بقوله: هذه الأفلاج قديمة، واختراع تفصيل الماء أمر قديم، وخاصة أن طبيعة الأرض مائلة (منحدرة) من الذيد باتجاه الشارقة، هم حفروا آباراً موجودة (عيون الفلي) (ثقاب)، وهي ثقب في الأرض ليس له وظيفة سوى التنظيف إن كانت هناك انسدادات ولذلك حفروا للمياه ومشوا بها وجعلوا الماء ينساب بها
أرسل تعليقك