الشارقة - صوت الامارات
كشف الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، مساء أمس، بحضور الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي، ولي العهد نائب حاكم الشارقة، عن اكتشاف أثري جديد ومهم في مركز مليحة للآثار، ينطوي على أهمية تاريخية كبرى للمنطقة، ويتمثل في نقش جنائزي يرجع إلى القرن الثالث قبل الميلاد.
جاء ذلك خلال افتتاحه ، المرحلة الأولى من مشروع مليحة للسياحة البيئية والأثرية، الذي يشكل واحداً من أهم المشروعات السياحية والأثرية في دولة الإمارات العربية المتحدة، والأكبر من نوعه في المنطقة الوسطى التابعة لإمارة الشارقة.
ويتكون الكنز التاريخي الذي تم اكتشافه من قبل فريق بلجيكي من متاحف الفن والتاريخ في بروكسل، بالاشتراك مع فريق إدارة الآثار في دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، من نقش ينتصب فوق قبر كبير يتكون من حجرة دفن تحت سطح الأرض بقياس 5.20 أمتار مربعة، ويحمل النقش المكتوب باللغة الآرامية واللغة العربية الجنوبية، هوية وسلالة الشخص المتوفى، وهو عَمد بن جَر بن علي كاهن، ملك مملكة عُمان، والتاريخ الذي تم فيه بناء القبر، وهو العام 90 أو 96 حسب التاريخ السلوقي، أي ما يساوي العام 222/221، أو 216/215 قبل الميلاد، ما يجعله أقدم اكتشاف تاريخي حتى الآن يرد فيه اسم لعُمان، ويثبت كذلك أن ملك عُمان كان موجوداً في أواخر القرن الثالث قبل الميلاد. وتفضل حاكم الشارقة بافتتاح «مركز مليحة للآثار»، الذي يمثل المرحلة الأولى من المشروع، وتم إنشاؤه ضمن مبنى صمّم بطريقة مميّزة يتيح للزوار التجول داخله والاطلاع على مكوناته بطريقة سهلة وممتعة وتفاعلية، كما تعرّف سموّه إلى الخدمات التي يوفرها المركز للزوار من عروض وأنشطة ترفيهية، وغيرها من الخدمات السياحية الأخرى التي سيتم تقديمها للجمهور.
وتجوّل في أروقة المركز وتابع جانباً من العروض التثقيفية والأفلام الوثائقية عن الحقائق التاريخية للمنطقة والتي تقدمها شاشات تفاعلية في المركز، واطلع على أبرز المرافق التي يتضمنها المركز والتي تشمل مقهى، وردهات للجلوس، ومتجراً خاصاً بالعلامة التجارية «أنا أحب الشارقة»، إضافة إلى مكاتب إدارية لاستخدام العاملين في المشروع.
وزار حاكم الشارقة، عدداً من المواقع الأثرية في المشروع، وهي ضريح أم النار، الذي يقع ضمن مركز مليحة للآثار، حيث يعتبر من أكثر أبنية القبور إثارة للإعجاب مقارنة بما اكتشف في مواقع الجنازات القديمة في منطقة مليحة. وقد استُخدِم موقع الدفن هذا، والذي شُيِّد في تاريخ 2300 قبل الميلاد تقريباً لمدة تقارب 200 عام.
ويعتبر هذا القبر الدائري الذي يبلغ قطره 13.85 متراً من أكبر القبور خلال مرحلة أم النار في جميع إمارات الدولة. وتنقسم حجرة القبر إلى نصفين، نصف شرقيٍ ونصف غربيٍ، حيث تم تقسيم كل جزء إلى أربع وحدات مع مداخل تصل كل حجرة بالأخرى. كما زار وادي الكهوف، وقلعة مليحة، وقصر مليحة، وغرف الدفن، التي صممت جميعها بطريقة مميزة تتيح للزوار التجول داخلها والاطلاع على مكوناتها بطريقة ممتعة وتفاعلية. ويضم المشروع تضاريس طبيعية متنوعة، مثل الجبال، والصحراء، بالإضافة إلى احتوائه على تنوع كبير ونادر من النباتات الطبيعية.
ويعد مشروع مليحة للسياحة البيئية والأثرية نقطة ارتكاز جديدة ضمن رؤية واستراتيجية هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق) لتعزيز التأثير الإيجابي للمشروعات التنموية على المجتمع والاقتصاد والبيئة في الإمارة، عبر استقطاب الاستثمارات للمنطقتين الوسطى والشرقية، وتوفير فرص العمل، وإبراز المقومات السياحية والتاريخية لإمارة الشارقة ولدولة الإمارات، من خلال التعريف بالتراث الأثري والثقافي الغني للمنطقة، الذي سيعمل على جذب الزوار المحبين للحياة الطبيعية والمناطق الأثرية إليها.
وسيعزز مشروع مليحة للسياحة البيئية والأثرية خطط تنويع المنتج السياحي في إمارة الشارقة، وسيقدم للزوار وجهة سياحية جديدة وفريدة من نوعها، الأمر الذي سيسهم في رفد القطاع السياحي بالمزيد من المقومات التي تواكب تطلعات ومتطلبات السياح والزوار القادمين إلى الشارقة من داخل وخارج الدولة، كما أنه سيرسخ مكانة الإمارة المتقدمة في مجال السياحة البيئية وسياحة المواقع الأثرية، وسيسهم في تحقيق رؤية الشارقة السياحية 2021.
ومن المقرر أن تبدأ (شروق) قريباً بتنفيذ المرحلة الثانية من المشروع، والتي ستتضمن إنشاء متنزه مليحة الصحراوي على مساحة 450 كيلومتراً مربعاً، وإطلاق مجموعة من الحيوانات البرية، بالتعاون مع هيئة البيئة والمحميات الطبيعية بالشارقة، بالإضافة إلى إنشاء مجمع التخييم الليلي، و«استراحة مليحة»، وهي عبارة عن نُزل فندقي للمبيت والإفطار، وإنشاء مرصد فلكي، بالتعاون مع مركز الشارقة لعلوم الفضاء والفلك، وذلك لإتاحة الفرصة لهواة الرصد الفلكي للاستمتاع بمشهد النجوم والسماء من قلب مليحة.
أرسل تعليقك