طرحت الجلسة الأولى من أعمال " ملتقى أبوظبي الاستراتيجي الثاني " التي عقدت تحت عنوان " الخليج في العالم الجديد " تساؤلات واضحة حول جملة من القضايا الأمنية والاستراتيجية بالغة الحساسية التي تضغط الآن - أكثر من أي وقت مضى - على صناع القرار الخليجيين وشعوب دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية للوصول إلى مقاربات تتجاوز توصيف الأزمات إلى رسم معالم لسياسات واستراتيجيات قادرة على حفظ الأمن والسلم الخليجيين وسط تحديات متجددة.
وقال الكاتب والمحلل السياسي السعودي عبد الرحمن الراشد - مدير الجلسة - إن منطقة الخليج العربي ذات الأهمية الاستراتيجية تشهد لأول مرة في تاريخها كما هائلا من الاضطرابات المحيطة بها والمتمثلة في حروب تنتشر في الجغرافيا السورية والليبية واليمنية فضلا عن الفوضى الأمنية التي تطبع المشهد العراقي منذ سنوات.
وأضاف الراشد - خلال الملتقى الذي بدأت أعماله اليوم في قصر الإمارات - أن ما يزيد الوضع تعقيدا هو الصعود المستمر للتنظيمات الإرهابية في المنطقة خاصة تنظيم " داعش " الذي أصبح لديه نشاطات عنيفة وإرهابية داخل بعض الدول الخليجية ومنها المملكة العربية السعودية .. لافتا إلى مخاطر وتبعات التدخلات العسكرية الأجنبية لاسيما الإيرانية والروسية في سوريا.
من جهتها قالت الدكتورة ابتسام الكتبي رئيسة مركز الإمارات للسياسات إن أحد الأهداف الأكثر حيوية وراء قيام المركز بإبرام شراكة بحثية استراتيجية مع " المجلس الأطلسي" كان محاولة التنبؤ بمستقبل الخليج والتحولات السياسية في المنطقة لتجنب التعرض إلى صدمات استراتيجية.
وأضافت أن الدول لا تستطيع الحفاظ على استقرارها ومصالحها في الإقليم بدون امتلاك مخالب عسكرية لذا كانت مشاركة دولة الإمارات في عملية "عاصفة الحزم" في اليمن متسقة مع المواثيق والقوانين الدولية لإنقاذ الشعب اليمني وحكومته الشرعية إذ تعلمت دول الخليج درسا قاسيا من التجربة العراقية بعد أن وقفت صامتة بينما كان بلد عربي كبير على حدودها يضيع.
من جانبه قال جيمس جونز المستشار السابق للرئيس الأمركي باراك أوباما لشؤون الأمن القومي رئيس مجلس إدارة "مركز برنت سكوكروفت للأمن الدولي في "المجلس الأطلسي" .. إنه يجب على الولايات المتحدة الأمريكية التوقف عن اتباع سياسة قائمة على رد الفعل واتخاذ قرارات متأخرة فيما يتعلق بشؤون الخليج والمنطقة.
وأكد جونز أن الاستخدام الأمريكي للقوة العسكرية في التعامل مع التحديات المتصاعدة في هذا الاقليم من العالم يجب أن يكون حاسما وسريعا فالضربات الجوية ضد تنظيم داعش الأرهابي وأخيرا القرار بإرسال / 50 / جنديا أمريكيا إلى شمال سوريا هذه الأفعال والقرارات الرمزية من شأنها أن تمد أمد المواجهة لسنوات طويلة دون إحداث تغيير حقيقي في المعادلة العسكرية في سوريا.
ودعا جونز دول الخليج العربي إلى تشكيل حلف عسكري فيما بينها شبيه بحلف الأطلسي حيث يعتبر التهديد لأي عضو فيه هو تهديد لجميع دول التحالف ..
مشددا على أهمية أن تتخذ الولايات المتحدة الأمريكية خطوات جدية في دعم حلفائها في هذا الحلف تعزيزا لمناخ الثقة الذي بات مهددا بين الجانبين وحماية أيضا لمصالح الولايات المتحدة نفسها.
وقال إنه لاتزال هناك الكثير من الشكوك تحوم حول السلوك الإيراني في المنطقة رغم توقيعها الإتفاق النووي .. معربا عن ثقته الشخصية في أن إيران لن تفي بإلتزاماتها المنصوص عليها في هذا الإتفاق فيما لاتزال تمارس سياستها التوسعية القائمة على التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة ودعم الميلشيات المذهبية والعمل على تأجيج حالة عدم الإستقرار في عدد من البلدان المجاورة.
من جهته طالب الدكتور إبراهيم آل مرعي الخبير السعودي في الشؤون الأمنية والاستراتيجية صناع القرار الخليجيين بمواجهة أسئلة حاسمة قبل التحدث عن وضع استراتيجيات لمواجهة المخاطر بأشكالها المتعددة من بينها .. هل تنظر دول الخليج نظرة واحدة ومتساوية الى الخطر الايراني كتهديد محتمل لوجودها.. وهل تتفق هذه الدول ايضا في رؤيتها وتعاملها مع ظاهرة الإسلام السياسي وتنظيم الإخوان المسلمين مثلا.
وأشار إلى ضرورة عدم لوم الآخرين حتى أولئك الذين في المعسكر المعادي للمصالح الخليجية على سياساتهم واستراتيجياتهم بل يجب أن يبحث الخليجيون في كيفية تطوير استراتيجياتهم على الدوام ليكونوا مستعدين للمواجهة على مستويات مختلفة.
أرسل تعليقك