أبوظبي -صوت الامارات
يصاب الشخص بحالة من الهلع والخوف عندما تمر قرب مسامعه عبارة أن شخصًا يسعى للحَجْر على والديه بدعوى عدم الأهلية، سواء كان ذلك طمعًا في أموالهما أو تقف خلفه نية حسنة من أجل مساعدتهما، فوقع الكلمة بحد ذاته ثقيل جدًا.
"كلمة" تحمل في طياتها ثقلًا أكبر من حِمل الجبال لمن يعرف معنى الأمانة، وأنه سيكون محاسبًا قبل القانون أمام خالقه، فالمسؤولية جسيمة، والتلاعب بها يجعل الإنسان على شفير هاوية، فالأمانة ربانية قبل أن تكون حكمًا قضائيًا لمصلحة رافع الدعوى.
هذا الثقل الكبير في حقيقة الأمر ليس كما يظهر لنا في المسلسلات والدراما العربية، إلا إذا كانت هناك حالة من الطمع الشديد وتزوير للحقيقة وافتراء ومخالفة للتعاليم الربانية، وهنا العقوبة ستكون قانونية وربانية.
ما يهمنا في هذا المقال إلغاء الصورة السابقة، والتأكيد على أن المُشرع الإماراتي لم يجعل أموال "المحجور عليهم" هباءً منثورًا، فقد وضع قيودًا مشددة تتطلب تقريرًا طبيًا من لجنة مختصة تثبت أن المحجور عليهم غير آهلين وفقًا للقانون، كما كلف في حالة القُصر بوجود قاضٍ يأتمن على أموالهم إلى جانب الشخص المؤتمن.
ووضع القانون شروطًا للحجر على الأشخاص الذين يحق الحجر عليهم، سماها في قانون الأحوال الشخصية ضمن المادة 174 "عوارض الأهلية" التي تتمثل في "الجنون"، والسفه (المقصود به المبذر لماله في ما لا فائدة فيه)، و"مرض الموت" وهو المرض الذي يعجز فيه الشخص عن متابعة أعماله، ويغلب فيه الهلاك، ويموت على تلك الحال قبل مرور سنة، فإن امتد مرضه سنة أو أكثر وهو على حالة واحدة دون ازدياد تكون تصرفاته كـ"التصرف الصحيح" ما يمنع التصرف في أمواله.
كل الحالات السابقة يلغي القانون الحجر فيها لحظة إفاقة الشخص من وضعه واستعادته للإدراك، لذلك فالحجر لا يأخذ صفة الديمومة ما لم يقع ضمن الحالات التي تنتهي بالموت.
وحفظ المُشرع الإماراتي صغار السن، كالجنين والصغير المجنون أو المعتوه أو السفيه أو المفقود أو الغائب، من ضياع حقوقهم، وتصدى لحفظ أموالهم.
وتميزت إمارة دبي في المحافظة على أموال القُصّر، وذلك بإصدار القانون رقم (9) لسنة 2007 بشأن إنشاء مؤسسة الأوقاف وشؤون القصّر، وأسهمت هذه المؤسسة في وضع أموال القُصّر في أيدٍ أمينة تحافظ عليها لحين بلوغها الرشد.
لذلك حفظ المُشرع الإماراتي حقوق المحجور عليهم، وقيدها بقوانين، ومن يسعَ للتحايل عليها عليه أن يدرك أنه سينال عقوبة قانونية لحظة كشف أمره، ناهيك عن ثقل هذه الأمانة الربانية.
أرسل تعليقك