واصل مهرجان الخليج السينمائي الثالث الذي تنظمه وزارة الثقافة وتنمية المعرفة تحت رعاية معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة وتنمية المعرفة فعالياته بالعاصمة أبوظبي وسط زخم كبير من عروض الأفلام إضافة إلى الندوات والحوارات الجانبية بين كافة الفنانين المشاركين فيه.
وعرض المهرجان أمس الفيلم الوثائقي العماني "الواحات العمانية" للمخرج خالد الحضري والروائي الإماراتي "ساير الجنة" للمخرج سعيد سالمين والروائي القصير "غشاش" من الكويت للمخرج مساعد خالد والوثائقي الطويل قصة مهرة للمخرج العماني سالم بهوان والفيلم الكويتي "حبيب الأرض" للمخرج رمضان خسرو والفيلم الوثائقي القطري "شجرة النخيل" للمخرج جاسم الرميحي.
وشكل عرض الفيلمين الإماراتي "ساير الجنة" والكويتي "حبيب الأرض" حالة حوار ونقاشات مستمرة بين كافة المشاركين من فنانين وصناع السينما بالمهرجان باعتبارهما حالة سينمائية تنطلق من المشاعر الإنسانية والوطنية التي تعد الصورة السينمائية أهم معبر عنها في عصرنا الحالي.
ونظم المهرجان ورشة عمل في الإنتاج السينمائي قدمها الدكتور روبرت توتك مؤسس ورئيس أكاديمية "منهاتن فيلم" حضرها عدد كبير من الفنانين والوفود الخليجية المشاركة بالمهرجان.
وتناولت الورشة أساسيات كتابة السيناريو والإخراج في واحدة من أهم المدارس السينمائية على مستوى العالم وهي مدرسة هوليوود.. وتحدث الدكتور روبرت عن أهم العوامل التي تؤسس لسيناريو ناجح باعتبار السيناريو حجر الأساس في صناعة الفيلم إضافة إلى رؤية المخرج.. مؤكدا أنها جميعا تتبع مجموعة من القواعد والإجراءات لتقدم عملا يستطيع المنافسة على شباك التذاكر العالمي مهما اختلفت القصة والأحداث.
وأضاف أن كل قصة لابد ان تحمل مجموعة من الأحداث المنطقية التي تثير خيال المشاهد وتدفعه للمتابعة لاكتشاف غموض الاحداث.. موضحا أن السينما الأمريكية اعتادت على ان كل ورقة من السيناريو تمثل دقيقة على شاشة السينما وأن أول 10 صفحات من أي سيناريو مهما كانت قصة هي الدافع الأهم لإنتاجه كفيلم سينمائي.
وأكد أن البعد النفسي للشخصية الرئيسية في منتهى الأهمية لأنه يقود الفعل الدرامي من خلال الإحداث كما يرى إليا كازان.
وحول تقسيم السيناريو لفترات زمنية تنقلب فيها الأحداث اختار الدكتور روبرت الفيلم الأمريكي " الهارب" لهاريسون فورد وتوم لي جونز ليدلل على أن أول 10 دقائق من عرض الفيلم استطاع العمل تقديم قضيته الأساسية وهي مقتل زوجة دكتور كامبل واتهامه بقتلها والحكم عليه بالموت هذا هو " الحدث المحرك" ثم يظهر المنافس أو العدو للشخصية الرئيسية كصديق له وتتوالى الأحداث بشكل منطقي.. حيث يبدأ التحدي للشخصية الرئيسية - التي يجب عليها اتخاذ قرارات حاسمة - عندما يهرب أثناء انتقاله إلى السجن شديد الحراسة، ليبدأ البحث عن العدو الذي قتل زوجته وقدمه كقاتل وسط مطاردة الشرطة له مما يضيف جزأ كبيرا من الإثارة للأحداث وهنا تنقلب المشاهد تماما ويبدأ الصراع ضاريا بين البطل ومن زج به في السجن والشرطة حتى يصل البطل إلى دليله الأول نحو القاتل الحقيقي وهنا تبدأ احداث النهاية.
واكد أن السيناريو الناجح هو ذلك السيناريو الذي يركز على ان كافة مشاهده مهمة للغاية وان نسبة الأهمية لا تقل عن 100% لكل حدث حتى يتماسك العمل وهنا تأتي الرؤية الإخراجية التي عليها تحويل هذا الورق الجيد إلى صورة تنقل كافة تفاصيل الورق وتحافظ على معدل الإثارة عن المشاهد طوال مدة العرض.
من جانبه أكد دكتور حبيب غلوم عضو اللجنة العليا للمهرجان أن الورشة كانت مهمة للغاية وتضع رؤية مختصرة على إنتاج فيلم ناجح وفق معاير محددة يمكن الاخذ بها او تطويرها لتناسب طبيعة المجتمع.. مشددا على أن التفاعل الإيجابي بين المحاضر والمخرجين والممثلين وصناع الأفلام الذي حرضوا على الحضور أثرى الورشة بشكل كبير وطرح العديد من الرؤى التي تتناول عملية الإنتاج بكافة مفرداتها.
وأشار الفنان إبراهيم سالم إلى أهمية هذه النوعية من الورش التي يتحدث فيها متخصصون وأكاديميون عن صناعة الفيلم السينمائي بما يعد إضافة حقيقية لصناع السينما والعملين فيها حتى يتمكن كل واحد منهم من ادواته من أجل إنتاج سينمائي يمكن ان يقبل عليه الجمهور.. مؤكدا أنه استفاد كثيراً من الورشة ومن المداخلات القيمة والمهنية من جانب الحضور.
وأعرب الفنان عبد الله صالح عن تقديره لإدارة مهرجان السينما الخليجية التي حرصت على وجود هذه النوعية من الورش والندوات ودعت إليها متخصصين في مجال صناعة السينما لأنها تقدم رؤية تقنية وفنية حول الإنتاج السينمائي الذي يعد السيناريو والإخراج من اهم أدواته لتحقيق النجاح.
واشار إلى أن السينما الخليجية في حاجة إلى عشرات بل مئات المتخصصين في كتابة السيناريو لتقديم أعمال أكثر عمقا وتستطيل صناعة جمهورها سواء في منطقة الخليج أو في محيطها العربي.
وعلى صعيد متصل .. قال سعد سليمان النصبان مدير إدارة الثقافة للأمانة العامة لدول مجلس التعاون ان دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية خطتنا خطوات متسارعة في الاهتمام بالعمل السينمائي الذي صور دول المجلس في إطارها التاريخي من خلال إنتاج أفلام سينمائية أبرزت وجسدت دور المختصين من أبناء المجلس في العمل السينمائي الذي عمق الشعور بمكانة ودور السينما والفنون الثقافية والمرتبطة بها ودوام تأثيرها في الحياة الاجتماعية بالمنطقة كما شجع المواهب الجديدة على نيل الشهادات العليا في المعاهد المتخصصة بفن السينما وعزز التواصل الفني على المستوى الاقليمي والعالمي.
ووجهت النصبان الدعوة لمنتجين أفلام السينما في دول مجلس التعاون بأن تحقق أفلامهم التفاعل والتفكير والمسائلة ليصبح الجمهور مشاركا بفعالية في الفعل الإبداعي ولنصل بالفيلم الخليجي إلى خارطة السينما العالمية والتركيز في انتاج الأفلام على إبراز هويتنا الخليجية وعلى مكافحة الارهاب وان نركز في انتاج أفلامنا على إبراز هويتنا الخليجية وان نجعل من حضورنا الخليجي حدثا ثقافيا هاما.
وأشاد النصبان باستضافة دولة الامارات العربية المتحدة للمهرجان وبالتنظيم الجديد وحسن الاستقبال والضيافة معربا عن تطلع الامانة العامة لمجلس التعاون إلى مزيد من التقدم والتطور في العمل المشترك لتحقيق التكامل بين المؤسسات الثقافية في دول مجلس التعاون وأن تكون المهرجانات الثقافية منفذا ثقافيا يؤسس لشراكة وحضور إقليمي وعالمي يعزز من مكانة دولنا وشعوبنا.
أرسل تعليقك