إن في الجنون عقلاً

إن في الجنون عقلاً

إن في الجنون عقلاً

 صوت الإمارات -

إن في الجنون عقلاً

بقلم : علي أبو الريش

كيف يمكن أن نصنع عقلاً من غير جنون؟ هذه العبارة قد تفجر بحراً من الأسئلة في أذهاننا، فنحن نشأنا على أن العقل يقف في مواجهة الجنون، وأن الجنون حالة من تفكك في شبكة العقل المعقدة، وهذا ما يجعل الإيمان بأن العقل هو نقيض الجنون، وكان الجنون هو اللاعقل، وهذا محض خرافة كرسها العقل نفسه، واستأنست بشأنها الذات البشرية، حيث وجد الإنسان فرصته السانحة كي يتخلص من أضداده، فعندما يختلف شخص مع آخر، فإنه كي يتحرر من عقدة الهزيمة ينعته بالجنون، وكذلك المجتمع له نعوته الخاصة إزاء هذا الموضوع، فما أن تختلف جماعة مع أخرى، فإن خير سلاح يردع إحساسها بالضعف هو ميل كمية هائلة من الأوصاف الرديئة بحق جماعة أخرى، بينما في واقع الأمر، فإن جمال الحياة لا يتركب إلا على التناقض، وكذلك التآزر بين لونين، أو صفتين، أو ميزتين، أو قيمتين، فلا يمكن لليل من مضمون زماني لولا وجود النهار، وكذلك لم يكن للبحر من صفة معنوية وطبيعية، لولا وجود النهر، فكلاهما يسبغ الصفة المناسبة على الآخر، ليتم تأكيد وجوده، ولو بقي العقل وحدة في الوجود لما برز شيء اسمه الإبداع، فالأخير نتاج خروج الذات المبدعة من أسوار العقل، وكلما ارتفعت حدة الجنون، كلما كان للعقل صفته البيولوجية، وكلما بزغ الإبداع كإشراقة جمالية تضيء سماء العالم لتحرك المياه الآسنة في العقل، ولكون العقل في المعنى اللغوي للمفردة، يعني عقال الشيء، أي المأخوذة من الأغلال، أو الأصفاد، فإن المعنى العملي للعقل هو كبح العملية الإبداعية، وسجنها بين جدران معقوليته، وحضها دائماً على الوقوف في الظل، خشية من لهيب الجنون، بينما الجنون هو الإفصاح عن اللا معقول، الذي لا يحايث المعقول بل يستفزه، ويدفع به نحو البروز، وهو البروز الوجودي كما قال سارتر، وهو إثبات أن الكائن البشري موجود هنا في الوجود كما قال هايدجر. فالجنون هو الروح الجمالية التي تطغى على العقل، لتؤكد معقوليته الطبيعية، وتخرج من الجمود إلى الحركة، ومن القبح إلى الجمال، ومن الامتثال إلى الزهاء، ومن الصمت إلى البوح، ومن الإغماضة إلى التحديق، ومن السبات إلى الصحوة، وهي كما قال نيتشه: «القلق هو وعينا بالحرية». نحن نحتاج إلى الجنون، كما نحتاج إلى العقل، فتآزرهما يصنع وحدة الوجود، ويؤكد تماسك الذات.

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إن في الجنون عقلاً إن في الجنون عقلاً



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 19:18 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
 صوت الإمارات - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 19:21 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
 صوت الإمارات - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 05:35 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الذكاء الاصطناعي يساهم في انبعاثات ضارة تؤثر سلباً على البيئة
 صوت الإمارات - الذكاء الاصطناعي يساهم في انبعاثات ضارة تؤثر سلباً على البيئة

GMT 08:38 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 05:21 2015 الأربعاء ,11 شباط / فبراير

افتتاح معرض "ألوان السعودية" المتنقل في جدة

GMT 07:14 2015 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

الرميحي يزور جناح دولة قطر في معرض "اكسبو 2015"

GMT 20:48 2013 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

برنامج جديد فى إذاعة الشرق الأوسط عن التعديلات الدستورية

GMT 13:26 2015 الخميس ,22 تشرين الأول / أكتوبر

مقهى ثقافي ومسابقة تصوير في معرض كتاب شرطة دبي

GMT 11:40 2015 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

"أبوظبي للسياحة" تنظم معرض "ميادين الفنون"

GMT 07:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

جبل بوزداغ من أروع المناطق السياحية للتزلج

GMT 05:28 2016 السبت ,27 شباط / فبراير

HTC تنشر أول صورة تشويقية لهاتفها المرتقب One M10

GMT 11:02 2013 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

بحث تطوير مشروع جامعة عمان مع كامبريدج

GMT 03:34 2015 الإثنين ,21 كانون الأول / ديسمبر

معرض جدة الدولي للكتاب يستقطب أكثر من 600 ألف زائر

GMT 08:27 2015 الأحد ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميثاء الخياط تعرّف الأطفال بطرق قص مبتكرة في "الشارقة"

GMT 01:52 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كلوب يكشف السبب الرئيسي لسقوط ليفربول أمام ساوثهامبتون

GMT 12:49 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

ميسي يوضِّح تعرّضه للأذى في برشلونة سبب خروجه عن صمته
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates