علي ابو الريش
«الحقيقة والفضيلة، كتابان عظيمان يسكنان وسط الدمار والخراب»، عبارة ملونة بالحب، وشغف الانتماء إلى روح الإنسانية الشفافة، قالها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في افتتاح الدورة الثالثة والثلاثين لمعرض الكلمة، وهي بلا ريب، آتية من كون هذا الرجل الذي كرّس الجهد عاكفاً على تلاوة الحقيقة مرتلاً تفاصيل الفضيلة، معتنقاً عقيدة الحب، في تناوله مفاصل الحياة الإنسانية، وما يشوبها من شوائب وما يصيبها من خرائب، بفعل من نزقوا وتمزقوا وهرطقوا، وتدفقوا في مسارات التلال القاحلة، مصفقين للوهم، معتنقين الخرافة، مبدأ وقيمة.
سموه بعبارة موجزة، اختزل التفاصيل في ثيمة واعية، مبدعة أكد فيها أن الإنسانية، مهما بلغ بها المصاب الأليم، إلا أنها مثل نورس الفاءات العالية، مهما قصقصت أجنحته فهو لابد وأن يستعيد الشراع الأبيض ليحلق من جديد ويحدق في وجوه الناس، موقظاً الضمير البشري، مستدعياً كل طاقاتهم لإجهاض أحلام البؤساء وإعادة الكون إلى نصابه، وإضاءة نجوم الأفئدة ليستدل الإنسان إلى طريقه القويم، وينبذ حثالة الشراب المر، ليذوق طعم الحياة كما هي، لا كما يصورها المدعون، والمهووسون، بسكنى الكهوف المعتمة، والسقوف المظلمة.في هذه العبارة، يقرأ سموه الواقع، بنفس مطمئنة عامرة بالايمان والثوابت الطبيعية، بأنه لابد وأن تستعيد طيور الحقيقة والفضيلة أجنحتها، ليستعيد الإنسان أنصال فكره الناصعة، ويقطع دابر الشعوذة، وما تدبره العقول الكهنوتية، وما تشيعه من حطام الفكر الراجع خلْفاً حتى خطوة ما قبل الجمع والالتقاط.. في هذه العبارة.. يسرد سموه كروائي فذ ومؤرخ نافذ ما نطقت به السماء، بأن الإنسان خليفة الله في أرضه، وهو المنوط بتعميرها، ووضع الأزهار على أغصانها، وتلوين أوراق أشجارها، وفض الاشتباك ما بين الوهم والحقيقة، وما بين الفضيلة والرذيلة، والسير قدماً باتجاه تنوير العقل من دون الرجوع إلى ترسبات مسبقة تفسد قماشة الحقيقة، وكما قال روسو «الأفكار المسبقة مفسدة للعقل».. عبارة سموه، نقطة آخر السطر.