عائشة سلطان
تعيش العاصمة أبوظبي هذه الأيام طقسا احتفائيا بالقراءة والكتابة والكتاب، فخلال معرض أبوظبي الدولي للكتاب نحن إزاء احتفالات وليس احتفالا واحدا بالكتاب، جائزة الشيخ زايد تكرم فائزيها وتحتفي بفارس الكلمة وصاحب الرؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم شخصية الجائزة لهذا العام، وفرسان البوكر ينتظرون تكريم الاسم الأكثر حظوة، والذي سيحظى بالبوكر للعام الحالي، وبرنامج المعرض حافل بشكل لا يصدق بالبرامج المهنية والعروض والفعاليات والجلسات والدعم الذي يمكن للكتاب والناشرين أن يحصلوا عليه.
«أبوظبي تقرأ» فيقرأ العالم ويتثقف الجميع ويتحول الكتاب إلى منارة وزيت وضوء وقنديل، وحدهم الذين ساروا في طريق الكلمات كل أعمارهم يعرفون على وجه اليقين ماذا يعني أن تتحول مدينة إلى كتاب وطقس قراءة واحتفالات كريمة بأهل الحروف والورق والثقافة، ماذا يعني ان تعج قاعات الفنادق والمكتبات بحوارات حول القراءة، وماذا يعني أن تلغي مدينة كل اعتباراتها وحواجزها أمام المثقفين فتستضيفهم جميعا من كل البلدان ومن كل الثقافات والتوجهات ليجلسوا معنا ويحدثونا من عمق تجاربهم، وعمق قلوبهم ومن عمق صفحات كتبهم، لنعرفهم وننظر من النوافذ الواسعة التي ينظرون منها للعالم ولا يهم بعدها أن نتفق معهم على جمال المشهد أو نختلف، فهذا الفضاء الذي تفتحه أبوظبي أمام الكتاب والكتاب كفيل بأن يخلق عقولا محصنة ضد الفرقة والصدام والإقصاء، هذا الفضاء كفيل بأن يجعل قبول الاختلاف أمر محتوم.. ومحترم وهذا أول الغيث في سماء الحضارة والحضارات.
سيجني طلاب المدارس الكثير من هذا الاحتشاد وراء قيمة القراءة، لتتحول القراءة الى فضيلة ومشهد وسلوك اعتيادي في حياة المجتمع، لا نبالغ في ذلك ولا ندعي، لكننا نحلم ونعمل لتحقيق حلمنا، بمعنى ادق فان ابوظبي تعمل بجد واجتهاد وبذل حقيقي ليصير هذا الحلم واقعا وسلوكا يوميا، خاصة وقد رصدت إحصاءات مجلس أبوظبي للتعليم بلوغ نسبة القراءة بين طلاب مدارس أبوظبي الخاصة والحكومية مستويات عالية جدا قاربت الـ 88 % من النسبة العامة للطلاب، هذه نسبة مدهشة بالفعل لكنها لم تتحقق هكذا بسهولة بطبيعة الحال.
إن الشكوى والذم واللوم لا يفيد نفعا، هؤلاء الصغار لن يقرؤوا بالإهمال والسخرية منهم ودفع المزيد من الأموال إلى أيديهم ليشتروا مزيدا من العبث والأجهزة الالكترونية، هؤلاء الصغار سيقرؤون حينما سنتحول نحن الكبار إلى قدوة حقيقية لهم وحين سنعمل بحرص وجهد مضنٍ وتخطيط منهجي لندلهم على طريق الكتاب ونقنعهم به ونضعه بين أيديهم منذ الصغر!