اقر مجلس الوزراء السعودي "برنامج التحول الوطني 2020" الوارد ضمن رؤية المملكة للاصلاح الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل بحلول 2030، وخفض الاعتماد على ايرادات النفط في ظل تراجع اسعاره عالميا.
وجاء الاعلان عن البرنامج فجر الثلاثاء. ويندرج في اطار "رؤية السعودية 2030" التي اعلنها ولي ولي العهد الامير محمد بن سلمان في 24 نيسان/ابريل، الهادفة الى اجراء اصلاحات طموحة في البنية الاقتصادية السعودية.
ويمتد البرنامج في مرحلة اولى حتى سنة 2020، وينص على توفير 450 الف وظيفة في القطاعات غير الحكومية، وخفض نسبة كلفة الاجور من الموازنة الى 40 بالمئة، وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص.
وأعد البرنامج، كما الرؤية، مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الذي يرأسه بن سلمان، الامير الشاب الذي يقود عملية الاصلاح في البلاد.
واقر مجلس الوزراء البرنامج في جلسة عقدها قرابة منتصف ليل الاثنين الثلاثاء برئاسة الملك سلمان بن عبد العزيز في المقر الصيفي للحكومة السعودية بمدينة جدة.
وتلا الجلسة مؤتمر صحافي لوزراء عرضوا خلاله ابرز نقاط البرنامج.
وقال وزير الدولة محمد بن عبد الملك آل الشيخ ان برنامج التحول الوطني عملت عليه "24 جهة حكومية بمشاركة مجموعة من الوزراء لمعرفة التحديات التي تواجه عمل كل قطاع ومواجهتها".
واوضح ان المرحلة الاولى منه ستنفذ من خلال 543 مبادرة بموازنة تبلغ زهاء 270 ريال سعودي (72 مليار دولار) خلال السنوات الخمس المقبلة.
واكد ان "مرحلة إطلاق البرنامج تعد مرحلة أولى لمعالجة التحديات"، وان تكلفتها لن يكون لها "أي أثر مالي كبير" على ميزانية السعودية.
واعلنت السعودية في نهاية العام الماضي تسجيل عجز قياسي بلغ 98 مليار دولار في ميزانية 2015، وتوقعت تسجيل عجز اضافي يبلغ 87 مليارا في موازنة سنة 2016. ويعود هذا العجز بشكل رئيسي الى الانخفاض الحاد في اسعار النفط عالميا منذ منتصف العام 2014.
- زيادة تنافسية قطاع الطاقة -
وتهدف "رؤية السعودية 2030" الى القيام باصلاحات تتيح خفض اعتماد المملكة، اكبر الدول المصدرة للنفط عالميا، على الايرادات النفطية، مقابل تعزيز الاستثمارات ومساهمة القطاع الخاص وغيرها من البنود.
ومن ابرز بنود الرؤية طرح اقل من خمسة بالمئة من شركة "ارامكو" النفطية الوطنية للاكتتاب العام، والافادة من ايرادات الطرح لتغذية صندوق سيادي سيصبح الاكبر عالميا، وتقدر قيمته بألفي مليار دولار.
واعلن وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية خالد الفالح في المؤتمر الصحافي ان وزارته تسعى لتعزيز القدرة التنافسية لقطاع الطاقة ومضاعفة إنتاج الغاز الطبيعي وتعزيز الصادرات غير النفطية، مؤكدا الابقاء على قدرة بلاده الانتاجية من النفط عند 12,5 ملايين برميل يوميا.
واعتبر ان "الأهم في هذه المرحلة هو دخول المملكة بشكل منافس وقوي في قطاع الطاقة المتجددة"، موضحا ان البرنامج يتوخى زيادة الصادرات غير النفطية من 185 مليار ريال سعودي (زهاء 50 مليار دولار) إلى أكثر من 300 مليار ريال (زهاء 80 مليارا) بحلول سنة 2030.
وانخفضت اسعار النفط بشكل حاد منذ منتصف 2014، وتراجع سعر البرميل من اكثر من مئة دولار، الى مستويات اعلى بقليل من 40 دولارا. ويعود هذا الانخفاض بشكل اساسي الى فائض في الكميات المعروضة وتباطؤ في نمو الطلب عالميا.
واضاف الفالح أن الوزارة تخطط، في إطار البرنامج، لبناء مجمع دولي ضخم للصناعات البحرية من شأنه أن يوفر 80 ألف فرصة عمل، وخطط لانشاء مدن صناعية يتوقع ان توفر 150 ألف فرصة عمل.
وبحسب نص البرنامج، يتوقع ان تسهم مبادراته "في توليد اكثر من 450 الف وظيفة في القطاعات غير الحكومية بحلول عام 2020"، وان ذلك سيتم من خلال تعزيز دور القطاع الخاص "مما يوفر نحو 40% من الانفاق الحكومي على المبادرات ويساهم (...) في رفع مساهمة القطاع الخاص في اجمالي الناتج المحلي".
ويؤمل من برنامج التحول الوطني خفض معدلات البطالة من 11,9 الى تسعة بالمئة في 2020.
كما يسعى الى تطوير النشاطات الثقافية والترفيهية في المملكة المحافظة التي تطبق الشريعة الاسلامية. وبحسب البرنامج، تعتزم وزارة الثقافة انشاء "المجمع الملكي للفنون" ومدينة اعلامية سعودية.
كما يورد خططا لتطوير السياحة في جزر فرسان في البحر الاحمر، وانشاء مجمعات تتيح للنساء مزاولة النشاطات الرياضية، وخصخصة خدمات البريد.
وابرز البرنامج اهمية تعزيز الشفافية في الاداء الحكومي. ويتعهد المسؤولون بموجبه "نشر المستهدفات والنتائج الخاصة بالجهات الحكومية، بما يمكن الجهات الحكومية والقطاعات الاخرى واصحاب العلاقة من متابعة وتقييم الاداء".
وسيتم عرض تفاصيل البرنامج من خلال الوزراء عبر مؤتمرات صحافية تبث مباشرة عبر القنوات التلفزيونية، ويتوقع ان تتواصل حتى مساء الخميس، في اسلوب غير معتاد في المملكة.
وكان ولي ولي العهد اكد بعيد الاعلان عن "رؤية السعودية 2030"، ان "الفساد موجود في كل المجتمعات وفي كل الحكومات وبنسب متفاوتة. الذي يهمنا اليوم ان نكون في مقدمة الدول في مكافحة الفساد".
واعتبر محللون في نيسان/ابريل بعد الاعلان عن الرؤية السعودية، ان الخطة قد تواجه شبكة من المصالح المتجذرة التي تجعل من تحقيقها مهمة صعبة تحتاج الى العمل بصبر وطول أناة.