تستعد اليونان الاربعاء لتصويت البرلمان على اصلاحات تقشفية قاسية تطالب بها الجهات الدائنة مقابل خطة مساعدة ثالثة لاثينا، وذلك بعد ساعات على كشف تقرير لصندوق النقد الدولي ينتقد الاتفاق الذي استغرق اشهرا من المفاوضات الصعبة.
وادى الاتفاق الى انقسام حزب سيريزا المتطرف لانه يتضمن تعديلات لقوانين العمل والتقاعد والضريبة على القيمة المضافة وغيرها من الضرائب التي كان الناخبون رفضوها في الاستفتاء الذي جرى في 5 تموز/يوليو.
وشهدت حكومة رئيس الوزراء الكسيس تسيبراس اولى الاستقالات الثلاثاء حيث قدمت نائبة وزير المالية نادية فالفاني استقالتها وقالت للصحافيين "لن اصوت لصالح هذا التعديل وهذا يعني انني لا استطيع البقاء في الحكومة".
وقبل تسيبراس استقالتها.
وبدت نتيجة التصويت غير واضحة تماما بعد تقرير صندوق النقد الدولي الذي حذر من ان اليونان بحاجة الى اجراءات اكثر لتخفيف الدين لتفادي خروجها من منطقة اليورو.
وشهد القطاع العام في اليونان تباطؤا الاربعاء بسبب اضراب لمدة 24 ساعة بدعوة من نقابة الموظفين الرسميين (اديدي) المعارضة لاجراءات التقشف الجديدة. وهو اول اضراب منذ وصول حزب سيريزا اليساري المتشدد الى الحكم في كانون الثاني/يناير الماضي.
ويفترض ان يصادق البرلمان اليوناني على الاتفاق الذي توصل اليه تسيبراس مع الجهات الدائنة، قبل ان تبدأ دول منطقة اليورو الـ18 المفاوضات على ما ستحصل عليه اليونان في المقابل، وهو عبارة عن خطة مساعدة لثلاث سنوات قد تصل قيمتها الى 86 مليار يورو (95 مليار دولار)، وستكون بمثابة خطة الانقاذ الثالثة خلال خمس سنوات.
ووفق الخطة الجديدة فان دول منطقة اليورو ستساهم بما بين 40 و50 مليار يورو، فيما سيقدم صندوق النقد الدولي مبلغا ضخما آخر، والمبالغ المتبقية ستكون نتيجة بيع اصول حكومية ومن الاسواق المالية، وفق مصدر اوروبي.
وتوقع تسيبراس ان تدعم "الغالبية الكبرى من الشعب اليوناني" الاتفاق، ولكنه اقر في الوقت ذاته بانه "لا يمكن ان يؤكد" ما اذا كانت الخطة كافية لمنع اليونان من الخروج من منطقة اليورو حتى توقيع اتفاق الانقاذ الاخير.
ووفق مصدر في صندوق النقد الدولي فان الصندوق سيساهم في خطة مساعدة ثالثة اذ وضعت الجهات الدائنة في الاتحاد الاوروبي خطة واضحة. واعتبر ان الاتفاق الحالي "ليس متكاملا باي شكل من الاشكال، وليس مفصلا".
وقدم صندوق النقد الدولي دعما لتسيبراس بتأكيده ان على الاتحاد الاوروبي ان "يمضي ابعد" من الخطوات التي ينوي اتخاذها بهدف تخفيف دين اليونان، وربما شطب قسم من هذا الدين.
وقال الصندوق في هذه الوثيقة التي سلمت للقادة الاوروبيين السبت قبل التوصل الى تسوية مع اليونان الاثنين، ان "دين اليونان لا يمكن ان يكون قابلا للمعالجة الا عبر اجراءات لتخفيف الدين تذهب ابعد بكثير مما تنوي اوروبا القيام به حتى الان".
واكد الصندوق ان الدين اليوناني "لا يمكن معالجته على الاطلاق" وتوشك نسبته ان تناهز 200 في المئة من اجمالي الناتج الداخلي لاثينا "في العامين المقبلين"، علما انها تبلغ حاليا نحو 175 في المئة.
ويتساءل محللون سياسيون لماذا لم يؤخذ تقرير صندوق النقد الدولي، الذي قدم قبل يومين من الاتفاق مع اليونان، في الاعتبار.
وفي اليونان اضطر تسيبراس الى اللجوء الى احزاب المعارضة الموالية لاوروبا للمساهمة في تمرير الاجراءات في البرلمان بعدما واجه رفضا من نحو 30 نائبا في حزب سيريزا اليساري.
وقال تسيبراس انه يتحمل "المسؤولية كاملة" عن توقيع اتفاق لا يؤمن به، "لكني وقعته لتجنيب البلاد كارثة" تتمثل بخروجها من منطقة اليورو وهو امر لا يمكن تقدير عواقبه.
واشار تسيبراس في مقابلة مع التلفزيون الحكومي اليوناني الى ان "اي رئيس للوزراء يجب ان يخوض المعارك ويقول الحقيقة ويتخذ القرارات ولا يهرب"، وذلك ردا على سؤال حول احتمال استقالته في حال لم يصوت البرلمان لصالح الاصلاحات التقشفية.
وحض حليف تسيبراس وزير العمل بانوس سكوليتيس النواب على "التصويت لمشروع القانون"، مشيرا الى ان الحكومة "ستخفف من النتائج المؤلمة لهذا الاتفاق".
الا ان المتشددين في حزب سيريزا وعلى رأسهم وزير الطاقة بانايوتيس لافازانيس قرروا التصويت رفضا للاجراءات التقشفية كما انهم سيدعون الى الخروج من اليورو والعودة الى عملة الدراخما، وفق ما نقلت وسائل اعلام يونانية.
ورغم التعب وصعوبة الاتفاق الذي تم التوصل اليه في بروكسل بدا رئيس الوزراء اليوناني واثقا بنفسه، وقد يكون احد اسباب ذلك نتائج استطلاع للرأي نشرت مساء الثلاثاء.
فقد اشار هذا الاستطلاع الذي اجراه معهد كابا سيرش لحساب صحيفة تو فيما وشمل 700 شخص ان اليونانيين منقسمون حول المسؤولية عن "هذه الاجراءات الصعبة" (48,7 بالمئة يروون انهم الدائنون مقابل 44,4 بالمئة يحملونها للحكومة) وفاعليتها (يعتبر 51,5 بالمئة انها ايجابية و47,1 بالمئة انها سلبية).
في المقابل يعتبر 72 بالمئة من هؤلاء ان الاتفاق "ضروري" ويؤكد 70,1 بالمئة ان البرلمان يجب ان يقره.
ورغم الجدال الدائر، يبدو ان تسيبراس يحافظ على شعبيته اذ يرى 68,1 في المئة انه في حال ادى الفشل في التصويت الى الاطاحة بالحكومة، يجدر بتسيبراس ان يشكل الحكومة الجديدة.
وبحسب تسيبراس فان المصارف اليونانية ستبقى مغلقة حتى التوصل الى اتفاق نهائي، ما قد يحتاج لشهر، على الارجح "لتجنب" ان يسحب اليونانيون كل اموالهم فجأة.
ويواصل البنك المركزي الاوروبي ضخ السيولة للمصارف اليونانية ولكنه قد يضطر الى وقف ذلك في حال تخلفت اثينا عن سداد دينها يوم الاثنين.
وفي الوقت نفسه، اختلفت الحكومات الاوروبية الثلاثاء حول الخيارات الافضل لمساعدة اليونان على ايجاد وسائل تمويل طارئة حتى يتم وضع الخطة الثالثة للمساعدة.
ودعمت المفوضية الاوروبية الاربعاء اقتراحا مثيرا للجدل لاستخدام الاموال الاوروبية المخصصة للازمات لدعم اليونان على المدى القصير.
وقال مسؤولون اوروبيون لوكالة فرانس برس ان المفوضية الاوروبية "جهزت هذه الاقتراحات وقدمتها للمجلس الاوروبي". واوضح مسؤول ان تلك الاقتراحات مرتبطة "في حال لم نجد اي حل آخر" لازمة اليونان بحلول منتصف آب/اغسطس.
ويفترض ان تؤمن اليونان 12 مليار يورو قبل نهاية آب/اغسطس لتسديد دفعات للبنك المركزي الاوروبي وصندوق النقد الدولي. وليل الاثنين الثلاثاء تخلفت اليونان عن احترام مهلة لتسديد اموال لصندوق النقد الدولي.
وفي اشارة الى القلق الدولي من الازمة، يتوجه وزير الخزينة الاميركي جاكوب لو الى المانيا وفرنسا الاربعاء والخميس لاجراء مباحثات.
وفي حال تصويت البرلمان الاوروبي لصالح الاتفاق، سيحين دور البرلمانات الاوروبية.
نقلًا عن وام
أرسل تعليقك