أوضحت الأخصائية النفسية سمر قويدر أن زرع الثقة في نفس الطفل تعتبر من أهم القضايا وأخطرها في حياة الطفل نفسه، أو في التركيب الاجتماعي للأسرة على حد سواء، مؤكدة على أن الثقة المكتسبة في شخصية الطفل تعد بداية النجاح لهذا الإنسان في مختلف نواحي الحياة، سواء الاجتماعية أو الدراسية، بالإضافة إلى الحياة العملية التي سيدخل معتركها بعد ذلك.
وأشارت قويدر إلى أن الثقة بالنفس شعور مكتسب من البيئة المحيطة بالطفل، ويكتسبها من خلال تفاعله مع الآخرين، وخصوصًا من الأشخاص المقربين منه، مضيفة: "عندما يكبر الطفل تبدأ تتكون لديه صورة مبدئية عن ذاته وإحساسه بالرضا أو عدم الرضا عنها من خلال تفاعل الأسرة معه، وأساليب معاملتها له إذ تعتبر الأسرة مرآة الطفل التي يرى فيها ذاته".
وشددت قويدر على استخدام أساليب محفزة للطفل تعمل على إكسابه الثقة بنفسه من خلال الصورة الايجابية التي كونها عن نفسه، وأن الطفل لو سمع من الأشخاص المقربين منه، خصوصًا الأبوين أنه ذكي، وسريع التعلم، فإنه سوف يحب نفسه ويثق بها، وأنه على العكس من ذلك إذا تعامل معاملة قاسية كلما اخطأ أو فشل وقوبل بالرفض والضرب فإنه سيكره نفسه ويفقد الثقة بها وسيشعر بالإثم والذنب تجاه نفسه.
وتابعت: "وليس هناك أخطر من أن يكره الطفل نفسه لأن ذلك سوف يعرضه إلى العديد من المشاكل السلوكية والنفسية، في محاولة يائسة لإثبات ذاته بطرق سلبية، بعد أن فشل في إثباتها بطرق ايجابية، وإن استخدام أساليب تربية خاطئة مع الطفل تعمل على انعدام الثقة عندهم، ونجد أن العديد من الآباء يستخدمون أسلوب الضرب والعقاب البدني أو التمييز في المعاملة بين الأطفال والتي تؤدي إلى مشاكل نفسية قاسية تظهر على الطفل مع مرور الأيام".
ولفتت قويدر إلى أن لحظة دخول الطفل المدرسة تبدأ المرحلة الثانية في تعزيز خطوات الأسرة من خلال تقوية الشعور المكُتسب لدى الطفل بغض النظر إذا كان إيجابيًا أو سلبيًا، وأن التحصيل العلمي يساعد في تحديد الطفل الذي يمتلك ثقة بنفسه.
وبينت أن معظم الدراسات أثبتت أنه من أهم أسباب مشاكل تدني التحصيل الدراسي لدى التلاميذ هو تدني مستوى مفهومهم لذاتهم ومستوى تقديرهم لهذه الذات، مؤكدة على ضرورة تنمية المفهوم الايجابي لدى الأطفال سواء أكان ذلك في البيت أو المدرسة وأنه أمر في غاية الأهمية.
واعتبرت قويدر أن الأزمات والحروب المختلفة التي شهدها أطفال قطاع غزة أدت إلى خلق ثلاثة مستويات للثقة عند الأطفال، أولها من زادت ثقته بنفسه من خلال الدعم الذي وجده من قبل الأسرة وتشجيعه، والمستوى الثاني فهي الثقة المتأرجحة بمعنى أن الطفل في لحظات يُشعر المحيط فيه بأنه يمتلك ثقة وأحيانًا يظهر بإحساس الخوف والتوتر وهي من مؤشرات الانعدام بالثقة، والثالث فهو الطفل المعدوم الثقة نهائيًا سواء في تعامله مع أسرته أو حتى في المدرسة، حيث يكون الطفل انطوائيًا ولا يتعامل مع الأطفال من سنه وحتى تحصيله العلمي يكون سيء.
وأوضحت أن الطفل الذي يمتلك شخصية وثقة تجده يفخر بانجازاته يتمتع بالاستقلالية، وأن بعض الأطفال عند عودتهم من المدرسة يخبر أمه أو أباه أنه أجاب على سؤال المعلم وزملائه صفقوا له، بالإضافة إلى أن الطفل يحب تحمل المسئولية ومن الممكن أن يحب المبادرة مثل رفع المساعدة في رفع الأطباق بعد الانتهاء من الطعام.
وذكرت أنه من علامات الثقة لدى الطفل هو إقباله على الخبرات الجديدة بحماس، خصوصًا في ظل التطور التكنولوجي، وأن بعض الأطفال أصبحوا يستطيعون التعامل مع الهواتف أو أجهزة الكمبيوتر، ويصل لدرجة أنه فعلاً يستطيع التعامل مع هذه الأجهزة، بالإضافة إلى قدرته على التأثير في الآخرين، وأنه في كثير من الأحيان يُشاهد أسلوب الأطفال في الحديث أو إلقاء الشعر بانطباع كبير في نفوس الكبار قبل الصغار.
وعبرت قويدر عن مظاهر انعدام الثقة عند الطفل، قائلة: "تجد الطفل يتجنب المواقف التي تسبب القلق مثل عدم رغبته في حل واجباته المدرسية أو الذهاب إلى المدرسة أصلاً ودائماً يشعر بأنه لا فائدة له ولا قيمة، وكثيراً ما يلوم الآخرين، بالإضافة إلى تأثره بناجية سلبية من البيئة المحيطة به مثل الكذب أو السرقة وغيرها".
ووجهت قويدر نصيحة إلى الآباء والمعلمين بضرورة الاهتمام بالأساليب التي من شأنها تعزز شخصية الطفل وتعمل على زرع الثقة فيه، مشددة على استخدام الطرق التحفيزية والابتعاد عن طرق العقاب والتوبيخ التي تنعكس بصورة سلبية على نفسية الطفل.
أرسل تعليقك