صدر عن دار فيشيون ميديا في السويد للكاتب مؤيد عبد الستار, تسفير مترجمة إلى السويدية, حيث تتكئ على أحداث تهجير الكورد الفيليين في السبعينات والثمانينات ، نشرت كقصة قصيرة ضمن مجموعة قصصية باللغة العربية قبل عامين عن المركز الثقافي العراقي في ستوكهولم, حيث تمثل تسفير صورة المعاناة التي عاشها الانسان العراقي والتي اتسمت بالتهجير والتسفير القسري, اوائل الثمانينات يوم هجر الالاف من المواطنين بحجج لا علاقة لها بالواقع ، وأوهى تلك الحجج كانت اتهام المواطنين العراقيين بأنهم ليسوا من أبناء البلاد.
ويصور الكاتب مؤيد عبد الستار احداث قصته تسفير مستلهما الحقيقة والخيال في سبر ادبي لأحداث عاشها الجميع في زمن مضى ولم يزل مقيما بيننا .
ومن أجواء تسفير, "ليس غريبا الحديث عن تهريب الاغنام أو البضائع في هذه المقهى الواقعة على خط الحدود الفاصل بين العراق وايران ، غالبا ما تجد البضائع مثل الشاي والصابون طريقها الى عيلام من هنا ، وتأتي بضائع اخرى بدلا عنها مثل السجاد والزعفران والكرزات ، ومن يريد لقاء أي مهرب من الجانبين لابد وان يأتي الى هنا ، الى مقهى خسروي .
وكشفت الابتسامة العابرة التي ارتسمت على وجهه أثر السنين والاحداث التي عاشها ، فقد ظهرت الغضون والتجاعيد حول عينيه العسليتين لتظهر جبهته العريضة نافرة بسبب سمرة اللون الزائدة التي اظهرتها اكثر بروزا ووضوحًا من تقاطيع وجهه الباهتة والتي امتزج سمارها بصفرة تنم عن معاناة طويلة .
وتلفت الشيخ الذي كان يجلس وسط تلك الحلقة من الرجال بعباءاتهم السوداء وضحك بصوت عال وهو يشير الى كبش نزا على نعجة سمينة تركض وسط الاغنام التي عاد بها الراعي الصغير الى القرية ، فأثار المشهد الشبق تعليقات ساخرة من الشيخ وابتسامة كشفت عن اسنان اكبر من المعتاد كأنه استعارها من بعير عجوز.
وقضى جوامير وقتا يشرب الشاي ويتبادل حديثا متقطعا مع الشيخ الذي قلم اطراف شاربه وقص لحيته البيضاء بعناية جعلتها تبدو كجناح طائر فضي .
وظـل يـنـتـظر وسط هواجس القلق والترقب بينما هيأ صاحب المقهى شيئا من الطعام ، فما أن انتهت صلاة المغرب حتى وضع أمامهم طبقا من الخوص فيه أرغفة من الخبز وطاسة من اللبن الرائب وباقات من الفجل الابيض مع اوراقه الخضراء الكبيرة .
واقتربوا من بعضهم واخذوا يغمسون الخبز باللبن ويقضمون الفجل بتؤودة ويأكلون بـشهـية كبيرة .
وتمتد البراري أمام المقهى فسيحة وتنتهي عند الافق بسلسلة من التلال تنعكس عليها أشعة الشمس التي تتغير الوانها من بقعة الى اخرى فتجدها تارة صفراء ذهبية هنا ، وحمراء مشوبة بسواد كثبان التلال حول القمم البعيدة التي تبدو كلوحة فسيفساء حين تتناثر فوقها طيور زاهية الالوان عائـدة الى أعشاشها وقت الغروب.
أثارت الالوان الجذابة التي ترتسم أمامه رغبته في السير قليلا خارج المقهى ، الا ان الشيخ أخبره ان الوقت حان للمغادرة ، فطوى رغبته في السير لوحده وانتظر نهوض الشيخ".
للكاتب مجموعة من الكتب منها: الطريق الى بغداد : رحلة مترجمة عن الانجليزية, وامرأة من ورق : قصص قصيرة, والسيرة الذاتية في الادب العربي : دراسة نقدية, ورامايانا : ملحمة الهند مترجمة عن الانجليزية, والكلام المباح : مقالات في السياسة والادب, واجراس الرحيل : قصائد, واركالا .. المنفى الاول : قصائد , وحكايات لبغداد : قصص قصيرة, وتسفير : قصص قصيرة
أرسل تعليقك