حيّل وأكاذيب تتكرر وقصص يعاد سردها من جديد، يحاول من خلالها المتسولون أن يستعطفوا الأشخاص للحصول على جزء من أموالهم، مستغلين إقبال الناس على حب عمل الخير طوال الشهر الفصيل.
يتفنن المتسولون في حيلهم، فبعضهم يلجأ لاستخدام أوراق، غالباً مزيفة، لإقناع الناس بأنهم مرضى وفي حاجة للعلاج، والبعض الآخر يصطحب أطفاله معه لكسب تعاطف المحسنين، وفريق ثالث يزعم أنه قادم من بلده وتعرض لأزمات مالية أجبرته على مد يده طلباً للمساعدة، لتزويد سيارته بالبترول أو تسديد نفقات الفندق، وغيرها من الحجج المختلقة التي قد تنطلي على البعض فيصدقونها .
ولا ينكر أحد زيادة ظاهرة التسول وانتشارها خلال الفترة الماضية وخاصة بحلول شهر رمضان المبارك، وسط قناعة من ممارسيها وممتهنيها، بأن أهل الإمارات محبون للخير حريصون على أدائه، و في ظل الجهود التي تقوم بها الجهات المعنية للتصدي لهذه الظاهرة، أمعن محترفو هذا اللون من التسول في التخفي عن الأعين محاولين استعطاف زبائنهم والحصول على أموال، حتى لا يتم القبض عليهم. هذه الظاهرة تتكرر عاماً بعد عام، وفي كل مرة تظهر أشكال ووسائل جديدة، كأن تقوم عصابة بالاتجار بالبشر وجلب 35 شخصا من بلدهم، من بينهم 14 شخصاً معاقاً بغرض استخدامهم في التسول ،إلا أن يقظة أجهزة الأمن تجعلهم يسقطون تحت طائلة القانون.
"الاتحاد" تناقش هذه الظاهرة وتحاول الوصول لحلول للحد منها، وفي الوقت نفسه لا تحرم محبي العطاء وأهل الخير من تقديم صدقاتهم عبر الطرق السليمة ليطمئنوا تماماً بأنها ستذهب لمستحقيها.
بعيد عن أعين رجال الأمن
يقول علي عبد الله، (من سكان الشارقة) إن ظاهرة التسول أمر لا يخفى على الجميع، حيث تتزايد خلال هذا الفترة من كل عام تزامناً مع حلول الشهر الفضيل، فلا يخلو طريق رئيس من وجود حالة تسول، وغالباً ما يتعرض أي شخص يحتك بالشارع بصورة يومية بواحد منهم.
وذكر أسامة عبد الماجد(من سكان الشارقة) أن هناك متسولين غالباً ما يظهرون بصورة مستمرة في الشوارع، يحاولون من خلال قصص، لا يعلم إلا الله مدى صدقها، استعطاف المحسنين للحصول على صدقاتهم وزكاتهم، بحيلهم التي تكتسي بطابع إنساني، والتي غالباً ما تتضمن رعاية أيتام أو حالات مرضية صعبة.
أطفال لاستعطاف المحسنين
وأفاد ماجد عبد الرحمن بن درويش، من مواطني الشارقة، أنه تزداد خلال الفترة الحالية حالات التسول وبخاصة المترددين على المنازل طلباً للمساعدة، وغالباً ما يكونون من النساء وبرفقة أطفال.
وقال إن المتابع للجهود الأمنية خلال الفترة الماضية، يدرك تماماً أن هناك عصابات منظمة تعمل على جلب أشخاص من بلدانهم كتأشيرة زيارة لاستخدامهم في ممارسة التسول وكسب مبالغ كبيرة من ورائهم، مستغلين تعاطف الناس مع الحالات الإنسانية وحب مساعدة المحتاجين، وخير دليل على ذلك تلك العصابة التي تم ضبطها وجلبت 35 شخصاً، منهم 14 شخصاً من المعاقين، وأجبرتهم على ممارسة التسول في قضية صنفت بأنها اتجار بالبشر.
وأوضح أن مثل هذه الحالات، تدعو المواطنين لضرورة تحويل مساعداتهم وزكوات أموالهم وصدقاتهم للجهات الرسمية، والتي بدورها توجهها لمستحقيها سواء في الداخل أو في بلدان عديدة حول العالم.
"ساعد من يستحق"
وأكدت القيادة العامة لشرطة الشارقة، أنها ومن خلال جهودها، قامت بضبط 13 متسولاً، من جنسيات مختلفة، خلال حملة لمكافحة ظاهرة التسول المستمرة مع بداية شهر رمضان الجاري تحت شعار "كافح التسول.. وساعد من يستحق".
وأكد المقدم عبدالرحمن ناصر الشامسي رئيس قسم المطلوبين بشرطة الشارقة على الجهود المكثفة المبذولة من قبل الإدارات المعنية بالقيادة العامة لشرطة الشارقة، والتي أدت إلى تراجع أعداد المتسولين بصورة ملحوظة مقارنة بالسنوات الماضية، وانحسار نشاطهم في مناطق معينة في مؤشر على نجاح حملة التوعية المكثفة ومدى حرص ووعى أفراد الجمهور بالتفاعل والتعاون مع الحملة.
وناشد رئيس قسم المطلوبين بشرطة الشارقة مجدداً أفراد المجتمع بالتعاون المستمر معها للحد من هذه الظاهرة البغيضة وعدم التعاطف مع المتسولين والامتناع عن منحهم الأموال والصدقات وعدم السماح لهم باستغلال واستدرار عطفهم للحصول على المال بمختلف الطرق الاحتيالية، وذلك من خلال الاتصال الآمن على الهاتف رقم 80040 المخصص لحملة مكافحة التسول.
توجيه المساعدات لمستحقيها
ودعا عبدالله سلطان بن خادم المدير التنفيذي لجمعية الشارقة الخيرية، وعضو مجلس إدارتها، المواطنين والمقيمين على أرض الدولة، من المحسنين، إلى ضرورة توجيه زكاواتهم وصدقاتهم وتبرعاتهم الخيرية لصالح الجمعيات والجهات الرسمية بالدولة، لضمان توجيهها بالطرق السليمة وتوصيلها لمستحقيها.
اتجار بالبشر
قضت محكمة جنايات الشارقة، بالحبس عاماً والإبعاد عن الدولة، لأربعة أشخاص، ثبت جلبهم 35 شخصاً، بينهم 14 فرداً من ذوي الإعاقة، مبتوري الأطراف والبكم، بتأشيرات سياحية بغرض استغلاهم في التسول، خلال شهر مارس الماضي. وثبت للمحكمة أن الجناة، من الجنسية الباكستانية، أدينوا بجلب الأشخاص من ذوي الإعاقة، وإيهامهم بوجود فرص عمل لهم داخل الإمارات وهي فرص متنوعة تتعلق بأعمال مكتبية وفي متاجر للبيع، وغيرها، وبعد تواجدهم في أرض الدولة، تفاجأوا بأن أعمالهم تتعلق بالتسول.
ضبط 24 متسولاً في عجمان
ضبطت القيادة العامة لشرطة عجمان 24 متسولاً ومتسولة من مختلف الجنسيات العربية والآسيوية منذ انطلاقة الحملة في عدة مناطق بإمارة عجمان، وذلك ضمن حملتها السنوية لمكافحة التسول تزامناً مع بداية شهر رمضان المبارك.
وأوضح الرائد أحمد سعيد النعيمي مدير إدارة التحريات والمباحث الجنائية أن أفراد التحريات ألقوا القبض على 13 رجلاً و11 امرأة من المتسولين الذين كانوا يقومون بالتجول أمام المساجد والمحال والمراكز التجارية بالإمارة للتسول.
وأشار إلى أن إمارة عجمان تزخر بالجمعيات الخيرية التي تساعد الفقراء والمحتاجين، والمرضى، وبإمكان أي شخص اللجوء إلى تلك الجمعيات للحصول على المساعدات.
ودعا الرائد أحمد سعيد النعيمي أفراد المجتمع إلى التعاون مع شرطة عجمان وأن يكونوا على يقظة وحذر من هؤلاء، وعدم التعاطف معهم.
أرسل تعليقك