للمرة الأولى في تاريخها تطرح شركة "آستون مارتن" طرازا رياضيا من فئة “دي بي” بمحركين يختار من بينهما المشتري، فقبل شهور عرضت الشركة الجيل الجديد من فئة “دي بي 11” بمحركها القوي سعة 5.2 لتر المكون من 12 أسطوانة وتمت تجربته على طرق شمال إنجلترا حينذاك. أما الفئة الأحدث التي كشفت عنها الشركة للإعلام الدولي في منطقة كتالونيا شرقي إسبانيا مؤخرا فهي تأتي بمحرك أصغر حجما وأكثر ديناميكية سعته أربعة لترات مكون من ثماني أسطوانات بشاحن توربيني مزدوج.
المحرك من صنع القسم الرياضي في شركة مرسيدس بنز “إيه إم جي” الذي تربطه بشركة آستون مارتن اتفاقات تعاون تقني، ولكن كافة ملحقات المحرك ونظام إدارته وحتى صوت العادم الصادر منه كلها من جهود شركة آستون مارتن نفسها، ويوفر المحرك الجديد 503 أحصنة من القدرة و675 نيوتن/ متر من عزم الدوران. وعلى رغم من أنه يقل بنحو 97 حصانا عن قدرة المحرك الأكبر فإنه في الإنجاز لا يقل إلا بأحد أعشار الثانية في الانطلاق إلى سرعة مائة كيلومتر في الساعة، والتي يقطعها في أربع ثوان بدلا من 3.9 ثانية. وتصل السيارة بالمحرك الصغير إلى سرعة قصوى تبلغ 187 ميلا في الساعة أي أقل بنحو 13 ميلا فقط من الفئة التي تحمل المحرك الأكبر.
وسر هذا التقارب في الإنجاز أن الفئة الأحدث ذات محرك الثماني أسطوانات تدخل عليها تعديلات تقنية متعددة مثل تخفيف الوزن وزيادة انسيابية الجسم. فهي اخف وزنا من فئة 12 أسطوانة بفارق كبير يصل إلى 115 كيلوغراما. وهي تقطع بغالون الوقود الواحد نحو 28 ميلا ولا تفرز من العادم أكثر من 230 غراما لكل كيلومتر تقطعه. وتتفوق هذه الأرقام قليلا عن ما تحققه فئة الاثنتي عشرة أسطوانة، فيما يرتبط المحرك بناقل حركة أوتوماتيكي بثماني سرعات بتقنية نقل الحركة إلكترونيا. وهو مركب في المحور الخلفي للسيارة وتصنع أجزاء منه من خلائط الكربون لتخفيف الوزن.
من المزايا الأخرى أيضًا أن موقع المحرك الصغير يأتي قريبا من وسط السيارة خلف محور العجلات الأمامي مما يزيد من معادلة توزيع الوزن بين طرفي السيارة الأمر الذي يزيد من ديناميكية وتأهب السيارة في الانطلاق والمناورة. وكان هذا واضحا في التجربة على الطرق الجبلية الإسبانية، وهناك الكثير من اللمسات التي أضافتها الشركة إلى السيارة مثل حواف الأضواء الأمامية التي تأتي داكنة في هذه الفئة وتصميم العجلات الرياضية وفتحتي التهوية أعلى غطاء المحرك بدلا من أربع فتحات في الفئة ذات المحرك الأكبر.
ولكن ما الذي دفع شركة آستون مارتن إلى هذه الخطوة غير المعهودة لإصدار فئة بمحرك أصغر؟ الإجابة يقدمها رئيس مجلس إدارة الشركة اندي بالمر الذي قال إن خيار الثماني أسطوانات يفتح آفاق جاذبية السيارة لقطاعات أوسع من المشترين. من ناحية لأنها أرخص ثمنا وتجتذب المزيد من الشباب ومن ناحية أخرى لأنها تتجنب ضرائب باهظة تفرضها بعض الدول مثل الصين على المحركات التي يزيد حجمها عن أربعة لترات، ويضيف بالمر أن المشتري ما زال يحصل على سيارة ذات إنجاز جبار وديناميكية عالية تختلف عما يمكن أن يختبره في أي سيارة أخرى. وهي لا تختلف في الشكل العام عن أختها التي تحمل المحرك الأكبر ولذلك لا يمكن التفرقة بينهما بسهولة.
وفي الداخل تتماثل كل سيارات “دي بي 11” في التصميم والتجهيز بغض النظر عن المحرك الذي تحمله وهي توفر أحدث نظم الملاحة والترفيه والتكييف المنفصل لجانبي السيارة. ولكنها تقل في السعر بنحو 13 ألف إسترليني (17 ألف دولار) عن أختها ذات المحرك الأكبر، ويصل ثمنها في أوروبا إلى 144.900 إسترليني (188.3 ألف دولار). وتصل السيارة إلى الأسواق في بدايات عام 2018، ولكن الشركة تتلقى الحجوزات من الآن.
- تجربة القيادة
تتميز منطقة كتالونيا في شمال شرقي إسبانيا بالجمال الطبيعي وتنوع جغرافيتها بين السهول والجبال. وهي قريبة من الحدود الفرنسية حيث تقع جبال البيرانيس بطبيعتها الفريدة وتمتد جنوبا حتى شواطئ البحر المتوسط والساحل السياحي كوستا برافا، وانطلاقا من مطار برشلونة، وهي عاصمة الإقليم، يمكن الوصول إلى قلب الإقليم في رحلة بالسيارة مدتها 90 دقيقة. ومنها امتدت تجربة القيادة لتغطي الكثير من الطرق السريعة والريفية ولكن بالتركيز على الطرق الجبلية ذات المتعرجات الصعبة والزوايا الحادة، فالهدف من اختيار الطرق الجبلية هو التعريف بإمكانيات السيارة من حيث خفة الحركة والتأهب والتحكم الدقيق، وهي أهم المزايا التي تبرزها الفئة الجديدة بالمقارنة مع “دي بي 11” ذات المحرك الأكبر.
وفي مثل هذه المناطق تتميز “دي بي 11” ذات المحرك الأصغر بثماني أسطوانات بأنها تجمع بين سهولة التحكم في ظروف الطرق المتعرجة صعودا وهبوطا وبين الانطلاق السريع بلا هوادة على الطرق السريعة. ولن يحتاج أي سائق للسيارة أن يقترب من سرعة السيارة القصوى (187 ميلا في الساعة) تحت أي ظروف حيث يحتاج ذلك إلى مضمار سباق خالي من السيارات الأخرى.
ولعل أهم الانطباعات من قيادة هذه السيارة أنها آستون مارتن حقيقية ولا تقل في قدراتها عن السيارات المرموقة الأخرى التي تنتجها الشركة. ويعتمد الاختيار على ما يفضله المشتري بعد تجربة السيارتين. وقد تناسب هذه الفئة الشباب الذي يقبل على سيارات آستون مارتن للمرة الأولى بينما قد يفضل المخضرمون في منطقة الخليج “دي بي 11” ذات المحرك الكبير. فهناك درجة من “البرستيج” مرتبطة بعلامة “12 أسطوانة” على جانبي السيارة.
- مدير خط الإنتاج في “آستون مارتن”: 60 % من إنتاج “دي بي 11” سيكون بثماني إسطوانات
بدوره، أكد بول باريت مدير خط إنتاج سيارات آستون مارتن أن نسبة 60 إلى 65 في المائة من إجمالي إنتاج سيارات “دي بي 11” سوف تكون لسيارات تحمل محركات بثماني إسطوانات والنسبة الباقية لسيارات من فئة 12 أسطوانة. وأضاف باريت أن الصين هي أهم الأسواق التي سوف يتوجه إليها الطراز الجديد بالمحركات الأصغر لأسباب ضريبية. وتتوجه السيارة أيضًا إلى أنحاء آسيا والمحيط الهادئ، بينما ستكون نسب بيع السيارات ذات المحركات الأكبر أعلى في الولايات المتحدة وفي دول الشرق الأوسط. وأضاف أنه في الواقع لا تعرف الشركة بعد مدى الإقبال على نوعي المحركات لأنها لم تفعل ذلك من قبل - أي إنتاج طراز واحد بخيار أحد محركين.
أرسل تعليقك