لندن ـ كاتيا حداد
وجدت دراسة حديثة أنّ الأمور التي يقوم بها الآباء، تحدّد أساليب حياة الأبناء الخاصّة، والصحة حتى في سن البلوغ، وشملت الدراسة 21 ألف مشارك أعمارهم 50 وما فوق من 13 دولة أوروبية، من بينهم المدخن والبدين والذي لا يمارس الرياضة، بجانب معرفة وظائف والديهم، وطول العمر، وما إذا يتعاطون الكحول أو يدخنون، حين كانوا أطفالا، وأظهرت النتائج أن ما قام به الوالدين أثناء فترة طفولة المشاركين، حين كانوا في سن العاشرة، تؤثر عليهم بنسبة تتراوح بين 31% و78% حين أصبحوا بالغين، ومن بين أكثر البلدان تأثرًا بطباع والديها، الجمهورية التشيكية 78%، وألمانيا 72%، وإسبانيا 70 %، وفرنسا %، والنمسا 64 في المائة%، ومع ذلك، كانت العوامل الأبوية أقل أهمية في بلجيكا 31 %، وهولندا 34%، وسويسرا 41%.
ويتم شرح أهمية خصائص الوالدين على صحة أطفالهم من خلال آليتين، أولا، الظروف المعيشية السيئة في مرحلة الطفولة تقود إلى الفقر في مرحلة البلوغ مما يؤثر على الصحة، وثانيا، انتقال الصحة من الآباء إلى الأطفال، وبعيدا عن الميراث الجيني المشترك الواضح عبر الأجيال، فإن نمط حياة الوالدين يؤثر أيضا على صحة أطفالهم من خلال نقل العادات، ووجدت الأبحاث أنه إذا كان أحد الوالدين يدخن، حين كان طفله صغيرا، فإن الطفل أكثر عرضة للتدخين حين يصبح شخصا بالغا، وذلك في جميع البلدان باستثناء السويد، وأتت السمنة بعد ذلك، حين كان الطفل يعاني حياة أكثر توترا، بجانب تدخين الوالدين أو تعاطي الكحول حين كانوا صغارا، وذلك في ألمانيا واليونان والنمسا، وفي الدنمارك، كانت السمنة مرتبطة فقط مع الآباء الذين يعانون من مشكلة مع الكحول، وفي فرنسا كان مرتبطة مع الآباء المدخنين، وإذا كانت الأمهات مدخنات، فيزيد ذلك من خطر تدخين بناتهن، ولكن ليس أبنائهن، وكذلك ترتفع نسبة التدخين بين الأبناء الذين كان والديهم عمال يدوين، والذين عاشوا في فقر خلال طفولتهم.
ويجب الوقوف عند هذه النتائج والتفكير لوضع خطط جديدة لمساعدة المدخنين في التوقف عن التدخين أو من يعانون من السمنة المفرطة، حيث عدم إجراء العمليات الجراحية إلا إذا أقلعوا عن التدخين أو فقدوا أوزانهم، ولكن حين يفترض القرار أن صحة هؤلاء المرضى السيئة هي نتيجة عواقب في نمط الحياة أو إظهار التزامهم بالتغيير، وهذه الأنواع من سياسات الصحة العامة لا تأخذ في الاعتبار نمط الحياة والظروف الخارجة عن سيطرة الشخص، خاصة أثناء فترة الطفولة، فإن تقييد إمكانية حصولهم على العلاج أمر غير عادل، خاصة حين لا تتوافر لهم فرص متساوية مع أصحاب الصحة الجيدة والذين اعتمدوا أسلوب حياة صحي.
ووفقا للاقتصادي الأميركي، جون رومر، فإن طريقة ضمان تكافؤ الفرص هي احترام المسؤولية الحقيقية للناس عن جهودهم بشكل مستقل بعيدا عن عوامل خارجة عن إرادتهم، وبعبارة أخرى، لن يكون الناس مسؤولين إلا عن الحصة التي لا ترتبط بظروف طفولتهم أو خيارات آبائهم، وتبين الدراسة أنه حتى من دون أن يكون هذا التمييز بين المسؤولية والمسؤولية الحقيقية، فإن مراقبة الناس على خياراتهم الصحية وحالتهم الصحية أمر محدود، فظروف الأسرة والآباء أكثر أهمية في معظم البلدان الأوروبية، وفي حين وجود حملة للتشجيع على تناول خمسة فواكه أو خضروات يوميا، أو التجارب الخاصة للإقلاع عن التدخين، وتوجيه الناس نحو نمط حياة صحي دون إلقاء اللوم أو فرض حظر على العمليات بسبب نمط الحياة وتقسيم المرضى الذين يستحقون والأقل استحقاقا، هو خطأ واضح.
أرسل تعليقك