هدى مصطفى ـ الدار البيضاء
الأزمة المالية، مصطلح أصبح يتردد كثيرًا على مسامعنا، بسبب الأوضاع المادية المتدهورة التي يعيشها العالم، والتي وصل صداها إلى لعبة كرة القدم، خصوصًا البطولة الاحترافية، والتي شهدت في الآونة الأخيرة، خروج العديد من مسؤولي الفرق، للحديث عن الوضعية المادية المزرية، التي يرزح تحتها الفريق، ما يتسبب في تأخر الإفراج عن مستحقات اللاعبين، والعديد من المشاكل. وفتح "مصراليوم"، الموضوع للنقاش، للتعرف
عن الأسباب المؤدية لمثل هذه الأزمات، ومدى انعكاسها على مردود الفرق والكرة المغربية بصفة عامة.
وكانت الفرق الكبيرة أول المتضررين
"الرجاء البيضاوي" يقع في فخ الأزمة المادية
لم تستثنى الفرق الكبيرة، التي لها مكانتها داخل البطولة الوطنية، من مخلفات الأزمة المالية، بل يمكن اعتبارها أول المتضررين، نظرًا للمبالغ المالية الكبيرة، التي يتم صرفها في جلب لاعبين، من المستوى العالمي، إضافة إلى الأجور المرتفعة، والتنقلات من النوع الفاخر.
وأعلّن قطبا كرة القدم في مدينة الدار البيضاء، فريقي "الوداد" و"الرجاء" البيضاوي، في أكثر من مناسبة تضررهم من الأزمة المادية، وأكدّ المدير الإداري لفريق "الرجاء البيضاوي" محمد الناصيري، لـ"المغرب اليوم"، أنّ فريق "الرجاء"، يعاني من أزمة مادية، كباقي فرق البطولة الوطنية، والتي تعاني بدورها من أزمة مادية خانقة.
وأشار إلى أنّ فريق "الرجاء"، لا يحظى بدعم أي مؤسسة حكومية أو عمومية، وأنه يتكفل بمصاريفه من خلال المستشهرين، والتي يمكن إجمالها في نسبة سبعين أو ثمانين بالمائة، نسبة كبيرة لكنها لا تكون متوفرة في العديد من الأحيان، بسبب الأزمة المالية العالمية، التي تنعكس بشكل سلبي على المستشهر الذي يمد الفريق بالموارد المالية، وأوضح أنّ نسبة عشرين بالمائة، تكون من خلال مداخيل الجماهير، والتي يعتبرونها خلال هذا الموسم كارثية، ونقطة سوداء، لأن مشجعي الرجاء البيضاوي، يغيبون بشكل كبير، عن مركب محمد الخامس، الشيء الذي أدى بالمكتب المسير، لعمل دراسة واستنتاج أسباب هذا الغياب، والتي تم إرجاعها إلى العديد من النقاط، كالنقل التلفزي، وتفضيل الجماهير مشاهدة المباراة في المنزل أو المقهى، إضافة إلى توقيت برمجة المباريات، والذي يكون في الغالب في الثامنة مساء، مما يعيق تنقل الجماهير إلى الملعب، بسبب غياب وسائل المواصلات، في ذاك الوقت. بالإضافة لأسباب وأخرى، جعلت فريق "الرجاء"، يسقط في فخ الأزمة المالية، كباقي أندية البطولة الوطنية، رغم تربعه على عرش ترتيب القسم الأول، وفوزه بالنسخة الأخيرة، من كأس العرش.
"الوداد" يعاني ولاعبوه يحتجون
بدوره، كان فريق "الوداد الرياضي"، على موعد مع الأزمة المالية، التي وقفت دون الإفراج عن مستحقات لاعبيه المادية، ما أدى إلى امتناعهم عن إجراء التدريبات، من أجل إيصال صوتهم إلى المسؤولين في الفريق، الذين بادروا، إلى الإسراع في حل المشاكل المادية للاعبين قبل تفاخمها، وحدوث ما لا يُحمد عقابه، خصوصًا مع وجود جماهير مُنظمة، تقف وراء الفريق، وتتدخل في حالة وجود مشاكل من هذا القبيل، من أجل إنقاذ النادي، الذي يعتبرونه الهواء الذي يتنفسونه.
وكان وراء الأزمة المالية العديد من المسببات، والتي سردها الكاتب العام لفريق "الوداد" المعطي واريث، لـ"المغرب اليوم"، والذي اعتبر من أول المسببات، تأخر المستشهرين عن أداء مستحقات النادي، مما يؤدي إلى اندلاع المشاكل المادية، وخصوصًا أنّ المستشهر أول داعم للأندية، ثانيًا الانتدابات التي قام بها الفريق مؤخرًا، والتي أرهقت موازنته قليلاً.
وأضاف الكاتب العام للوداد، أن مداخيل الجمهور، لم ترقى بدورها إلى ما هو مطلوب منها، مقارنة بالمواسم الفارطة، والتي كان مدخول الجماهير الودادية، شيء يعتمد عليه بنسبة كبيرة.فرق لا تعاني من الأزمة
عكس الكبار، عبر مجموعة من مسؤولي الفرق الوطنية، المتواجدين في ماخرة أو وسط الترتيب، ان فرقهم لا تعاني من آية أزمة مالية، وأنهم يسيرون النادي، بشكل بسيط، وحسب مواردهم المالية، ولا يدخلون أنفسهم، في دوامات لا يستطيعون الخروج منها.
ومن بين هؤلاء الأندية، نجد فارس دكالة، فريق الدفاع الحسني الجديدي، الذي أصر مسؤولوه، أنهم لا يعانون من أية أزمة مالية، وذلك من خلال تصريحات، نائب رئيس الفريق، عبد اللطيف مقترض، لموقع المغرب اليوم، والذي قال إن المكتب المسير للفريق، يعمل بشكل جدي، لكي لا يقع فارس دكالة، في الأزمة المالية، التي تعرفها معظم الأندية الوطنية، وذلك من خلال التسيير الجيد والسليم، إضافة إلى توفرهم على محتضن رئيسي، وهو مؤسسة المكتب الشريف للفوسفاط، الذي يقوم بتزويد النادي، بمبالغ مالية مهمة، على راس كل ثلاث أشهر.
وأشار إلى أنّه إلى جانب المكتب الشريف، هناك مداخيل أخرى، رغم ضآلتها، إلى أنها تساهم، في تعزيز خزانة النادي، وهي منح الجامعة، وانتقالات بعض اللاعبين، كاللاعب كارل ماركس.بالإضافة إلى فريق "الدفاع الحسنس الجديدي"، هنالك فريق "أولمبيك آسفي"، والذي أكدّ كاتبه العام، عبد الرحيم الغزناوي، لـ"المغرب اليوم"، أنهم لم تصلهم بعد، نيران الأزمة المالية، التي تكوي ظهور الفرق المغربية، بفضل المحتضن الأول للفريق، وهو المكتب الشريف للفوسفات، الذي يقدم للنادي مبالغ مالية، من شأنها أنّ تبعده هن دوامة الأزمة المالية.
وتطرق كاتب عام "أولمبيك آسفي"، إلى أن المكتب المسير للنادي، لا يعمد إلى جلب انتدابات كبيرة للنادي، رغم الترتيب الذي يحتلونه داخل البطولة الوطنية، وأنه لو كان فريق آخر في الترتيب ذاته، لقاموا بتغيير اللاعبين جميعهم، إلا أنهم ارتأوا تكوين شباب من داخل فريق الأمل، لتعزيز الفريق الأول، وهو الشيء الذي تمكنوا منه، في الآونة الأخيرة.
وهناك قاسم مشترك واحد، جعل فريقين من داخل البطولة الوطنية، يفلتون من بوتقة الأزمة المالية، التي يرزح تحتها جل الفرق المغربية، وهو محتضن رئيسي، يقوم بتزويد خزانة تلك النوادي، بمداخيل مالية، وبشكل منظم، إضافة إلى النجاعة في التسيير، وعدم الاعتماد على انتدابات كبيرة، من أجل تقوية صفوف الفريق، واللجوء إلى تكوين لاعبي فريق الأمل، من أجل تعزيز الفريق الأول. الشيء الذي يعني، أنّ الفرق الوطنية، بحاجة إلى محتضنين ومستشهرين، يضخون مبالغ مالية مهمة، في خزائن النادي، إضافة إلى النجاعة في التسيير، وعدم الاعتماد بشكل كبير، على الانتدابات التي تدار بمبالغ خيالية.
المستشهرين بين مقبل ومدبر
فباعتبار تواجد المستشهر ضرورة حتمية، من أجل إنعاش الموارد المالية للفرق، يسعى كل نادي يسعى إلى جلب مستشهر، يساعده على تغطية المصاريف، لكن بالمقابل هناك مستشهرين يسعون إلى احتضان فرق لكنهم يقابلون بالرفض، وكمثال على ذلك، نجد شركة "إل جي ماروك"، التي سعت إلى احتضان فريق "الوداد" الرياضي، لكنهم قوبلوا بالرفض، حسب تصريح المسؤول عن قسم الإشهار بالشركة، لـ"المغرب اليوم"، والذي أكدّ أنهم عقدوا اجتماعات عدة مع فريق "الوداد"، من أجل أن يكونوا محتضنين، لكنهم طولبوا بمبلغ مالي ضخم، إضافة إلى عدم ملائمة المبلغ، مع موقع "لوغو" الشركة، في أقمصة النادي، وأوضح أنهم بعد تلك التجربة الفاشلة مع كتيبة الحمر، قرّروا عدم التعامل من جديد مع فرق كرة القدم.
بالمقابل، نجد شركة "بلانيت سبور"، التي تبدي ارتاحًا كبيرًا، في تعاملها مع الفرق الوطنية، وتعبر من واجبها، مساندة نوادي البطولة الوطنية، ودعمهم من أجل الرقي بكرة القدم الوطنية.
وأشارت المسؤولة عن قسم الإشهار في الشركة غيثة البشاوي، أنهم لا يتوانون في دعم واحتضان فرق البطولة، وأنهم يقدمون الدعم كله من أجل ذلك، ولا يرغبون إلا في رؤية نتائج جيدة، تساهم في رقي الكرة المغربية، وجلب الجماهير إلى الملاعب.
للألترا رأي آخر
أفاد أحد أفراد ألترا الوينرز، أنّ المشاكل المادية، لفريق "الوداد" الرياضي، والتي طفت على السطح مؤخرًا، نتيجة التسيير غير المعقلن للمكتب المسير، وأنّ هذه المشاكل المادية، تؤثر بشكل كبير على النادي، مما سيفرض المحاسبة، بعد انتهاء البطولة، على المكتب المسير برمته، والذي سيكون مطالبًا بتبريرات.
الرأي ذاته، شاطره عضو من ألترا مكناس، الذي أكدّ أنّ الأزمة المالية، نتيجة عدم التسير الجيد، بالإضافة إلى عدم دعم الجهات في مدينة مكناس للفريق، واستهداف الجامعة الملّكية المغربية لكرة القدم، للنادي الإسماعيلي.
وأشار إلى أنّ الأزمة المالية، تعيق تقدم النادي، لأن اللاعبين لا يتوصلون بمستحقاتهم، ما يدفعهم إلى التماطل في اللعب، وعدم تقديم مستواهم الحقيقي.
أرسل تعليقك