انتهت عمليات التصويت في الانتخابات الكويتية، بعد إغلاق صناديق الاقتراع، لاختيار خمسين نائبًا، يشكلون مجلس الأمة 2016، وذلك إثر حل المجلس الحالي بمرسوم أميري.
وشهدت مراكز الاقتراع في الدوائر الانتخابية، تزايدًا ملحوظًا في إقبال الناخبين، وذلك قبل أقل من ساعة واحدة، على إغلاق الصناديق، وتفاعل الناخبون خلال الفترة المسائية مع الحدث الديمقراطي، لاختيار ممثليهم في البرلمان المقبل مقارنة بأعدادهم في الفترة الصباحية. ويتنافس في الانتخابات 293 مرشحًا ومرشحة فيما يحق لـ483 ألفا و186 مواطنًا ومواطنة التصويت في الانتخابات، لاختيار عشرة مرشحين عن كل دائرة انتخابية.
وأكد وزير الإعلام الكويتي سلمان الحمد الصباح، أن الساعات الأولى من فتح صناديق الاقتراع في انتخابات مجلس الأمة شهدت إقبالًا كبيرًا. وشدّد الصباح على دور أجهزة الأمن في تأمين العملية الانتخابية.
وكان الكويتيون توجهوا إلى صناديق الاقتراع لانتخاب مجلس الأمة الخامس عشر منذ استقلال البلاد عام 1961، لولاية نيابية مدتها أربع أعوام، وسط توقعات بارتفاع المشاركة في الاقتراع بنسبة تتراوح ما بين 60 و65 في المائة، مقارنة مع آخر انتخابات عرفتها البلاد عام 2013، إذ بلغت نسبة المشاركة 51.9 في المائة. وعزت مصادر كويتية متطابقة لمصادر صحافية توقع ارتفاع نسبة المشاركة إلى انخراط المقاطعين للانتخابات السابقة في العملية الانتخابية الراهنة، وقد بلغ عدد المسجلين في القوائم الانتخابية الرسمية، الذين يحق لهم المشاركة في الاقتراع، 483 ألفا و186 ناخبا وناخبة مقسمين على 230 ألفا و430 من الذكور (47.68 في المائة)، و252 ألفا و756 من الإناث (52.31 في المائة). ويتنافس على المقاعد الـ50 لمجلس الأمة 293 مرشحا، ضمنهم 15 امرأة، تجدر الإشارة إلى أنه توجد في الكويت خمس دوائر انتخابية، خصص لكل واحدة منها 10 مقاعد. ويشرف على تأمين عملية الاقتراع 15 ألف عنصر من رجال الأمن والمدنيين العاملين في وزارة الداخلية.
وأوضح الدكتور محمد الرميحي، الكاتب والإعلامي ورئيس مركز دراسات الخليج العربي في الكويت، إن انتخابات اليوم، هي انتخابات "لم الشمل"، نظرًا لأن معظم التيارات والقوى السياسية في البلاد والأفراد المهتمين تشارك فيها، وذلك بعد تلكؤ عرفته السنوات الثماني الأخيرة، إضافة إلى أن الانتخابات الحالية تعرف مشاركة عدد كبير من الشبان وبروح جديدة.
وذكر الرميحي، الذي كان يتحدث الليلة قبل الماضية في ندوة نظمتها وزارة الإعلام والشباب الكويتية، بمناسبة الانتخابات أن ما سيشهده اليوم هو أن الشعب سيقول رأيه بوعي مختلف من أجل ما سماه "مرسوم الحل"، المتعلق بحل مجلس الأمة السابق. وكان أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح قد أصدر في 16 من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي مرسوما أميريا يقضي بحل مجلس الأمة، وفقا للمادة 107 من الدستور نظرا للظروف الإقليمية الدقيقة، وما استجد من تطورات، وما تقتضيه التحديات الأمنية وانعكاساتها المختلفة، من ضرورة مواجهتها بقدر ما تحمله من مخاطر ومحاذير، وهو الأمر الذي يفرض العودة إلى الشعب، مصدر السلطات، لاختيار ممثليه للتعبير عن توجهاته وتطلعاته، والمساهمة في مواجهة تلك التحديات.
ويحق لأمير البلاد أن يحل مجلس الأمة بمرسوم يبين فيه أسباب الحل، في وقت لا يجوز حل المجلس لذات الأسباب مرة أخرى، وإذا جرى حله وجب إجراء انتخابات جديدة في موعد لا يتجاوز مدة شهرين من تاريخ الحل.
وتعيش الكويت الآمنة وسط محيط متوتر مضطرب، ففي الجوار هناك اقتتال طائفي (العراق)، ولذلك تعمل الحكومة الكويتية للحيلولة دون أن تمتد شرارته إلى أراضيها، وهناك أيضا تحدي الإرهاب، الذي تعمل الكويت أيضا على منع وصوله إلى شبابها. وكانت محكمة التمييز الكويتية قررت أول من أمس قبول طعن تسعة مرشحين، وبالتالي عودتهم إلى خوض غمار الانتخابات، كما أقرت المحكمة ذاتها شطب أسماء 13 مرشحًا، وقبلت تنازل كل من عبدالحميد دشتي وعبدالله زيد العازمي، عن الدعوى وترك الخصومة، وبالتالي عدم ترشحهما للانتخابات.
ويسود اعتقاد في الكويت مفاده أن الدائرة الانتخابية الأولى هي دائرة يتنافس فيها السنة والشيعة، وتوقع مصدر كويتي مطلع على الخريطة الانتخابية، فضل عدم ذكر اسمه، أن يحصل الشيعة فيها على أربعة مقاعد، بينما ينظر إلى الدائرتين الانتخابيتين الثانية والثالثة على كونهما "دائرتي فكر"، بمعنى أن البرنامج يشكل سيد الموقف فيهما يوم الاقتراع. أما الدائرتان الانتخابيتان الرابعة والخامسة، فهما، حسب نفس المصدر "دائرتان قبليتان بمرتبة الشرف"، والنتائج فيهما محسومة لصالح قبائل المطران والرشايدة والعنوز والعجمان.
وبخصوص الدوائر الانتخابية التي يتوقع أن يفوز فيها مرشحون إسلاميون، قال المصدر ذاته إنه يتوقع أن يحصل الإسلاميون في كل الدوائر على مقعد أو أكثر. أما المرشح الشاب عبد الكريم الكندري (35 عاما)، وهو أستاذ القانون التجاري في جامعة الكويت وخريج جامعة ستراسبورغ الفرنسية فقال "إن من بين أولوياته إذا فاز بمقعد نيابي العمل على مراجعة القوانين السابقة التي اعتمدها مجلس الأمة السابق".
ويرى الكندري، وهو أحد النواب السابقين الخمسة الذين استقالوا من مجلس الأمة السابق، بعد تسعة أشهر من ممارستهم العمل النيابي، أن هناك عدة معطيات تقف وراء قراره الترشح مجددا، ضمنها عودة المقاطعين للمشاركة الانتخابية. ونوه الكندري بالمشاركة الكثيفة للشباب في اقتراع اليوم، ولم يغفل بدوره الحديث عن ضرورة تعديل النظام الانتخابي، وعزا معاناة الكويت من العجز الاقتصادي، والعجز في الموازنة إلى الهدر المستشري، وليس إلى الأزمة الاقتصادية العالمية. وعلى صعيد ذي صلة، دعا أئمة مساجد الكويت الناخبين إلى اختيار المرشح القوي الأمين، الذي يقدم المصلحة العامة على مصلحته الشخصية أو الفئوية، والقادر على تحمل المسؤولية لتمثيلهم في مجلس الأمة.
وبيّن الأئمة في خطبة الجمعة "إن الشعب الكويتي بكل أطيافه مجتمع واحد، ويعيش في سفينة واحدة يجب المحافظة عليها، إن سلمت سلم الجميع، وإن تضررت تضرر الجميع"، محذرين من "تعريض هذه السفينة للأخطار التي قد تغرقنا"، ودعوا الشعب الكويتي إلى التكاتف والوحدة والتآلف باعتبار ذلك من أقوى دواعي حفظ الأمانة وترك النزاع والخيانة، مع الحرص على مراعاة مصالح الأمانة والابتعاد عن أسباب التنازع والفساد والخيانة.
أرسل تعليقك