استضافت العاصمة أبوظبي الخميس، الاجتماع السنوي الذي ينظّمه المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لتنسيق حملات التطعيم ضد شلل الأطفال في جمهورية باكستان الإسلامية وجمهورية أفغانستان الإسلامية، فيما أشادت الهيئة العالمية بالجهود التي بذلتها دولة الإمارات العربية المتحدة في شأن القضاء على المرض ونشر اللقاحات اللازمة لمكافحة انتشاره وتحديدًا في باكستان وأفغانستان، حيث أن المرض لم يعد يبقى إلا في هاتين الدولتين.
ويأتي الاجتماع تنفيذًا لتوجيهات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة ومتابعة الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة لدعم الأعمال الإنسانية لتعزيز الصحة العالمية، وفي إطار التزام دولة الإمارات العربية المتحدة بالنهج والمبادئ الإنسانية لمساعدة الشعوب المحتاجة والفقيرة وتطوير برامج التنمية البشرية والاهتمام بسلامة صحة الإنسان وفئة الأطفال المحتاجين للرعاية الصحية الوقائية في مختلف دول العالم، كما يأتي تنظيم هذا الاجتماع في إطار مبادرة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لاستئصال مرض شلل الأطفال من العالم، وبالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، ويعتبر جزءًا مكملًا للجهود الميدانية التي تقدمها المبادرة في باكستان وأفغانستان من خلال تقديم مئات الملايين من اللقاحات للأطفال الأبرياء خلال السنوات الماضية والسنوات القادمة.
ويهدف الاجتماع إلى بحث العديد من الجوانب المتعلقة بتخطيط وإدارة حملات التطعيم ضد شلل الأطفال بحضور ممثلي منظمة الصحة العالمية وممثلي وزارات الصحة وإدارات الحملات الوطنية في البلدين المعنيين، حيث تم دراسة ومناقشة عدة تقارير وخطط مستقبلية لإدامة السيطرة والقضاء على الفيروس في مراحله الأخيرة، وتبادل المعلومات والبيانات ومؤشرات الرصد اليومية لخريطة انتشار الفيروس، كما تم مناقشة خطط مراقبة نقاط العبور الحدودية بين البلدين والتأكد من تنفيذ الإجراءات السليمة التي تمنع انتقال الفيروس من خلال النازحين واللاجئين.
وشمل الاجتماع تشكيل لجان مختصة تعمل على إعداد وتنسيق الخطط السنوية لحملات التطعيم على المستوى الاستراتيجي، مع وضع أولية خاصة لمتابعة وإكمال تطعيمات أبناء اللاجئين الأفغان العائدين من باكستان لبلدهم، كما ناقش وضع حلول لأهم التحديات التي تواجه حملات التطعيمات والتي تتلخص في تراجع الأمن بشكل كبير في أفغانستان وطول الحدود بين البلدين وانتقال السكان عبر هذه الحدود وكذلك الشائعات التي يتناقلها المجتمعان حول مأمونية اللقاحات، فيما بينت نتائج الحملة مؤشرات إيجابية في عدد الحالات المسجلة للإصابة بشلل الأطفال حيث بلغ عدد الأطفال المستفيدين شهريًا من الحملة 12 مليونًا و622 ألفًا و44 طفلًا، وشارك في الحملة نحو 10 آلاف و462 مراقبًا و76 ألفًا و895 عضوًا من فرق التطعيم و25 ألف فرد أمن.
تحديات خاصة بالبلدين
وتحدث كريس ماهر مدير برنامج شرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية، قائلًا “لاحظنا خلال السنوات الأربع الماضية تطورًا كبيرًا في برنامج التطعيمات في أفغانستان وباكستان، إلا أن البلدين لديهما قدر كبير من التحديات التي تحول دون القضاء على مرض شلل الأطفال”، مشيرًا إلى أن أهم هذه التحديات هو أن البلدين كبيران وكذلك عدد السكان ضخم وهناك مناطق مكتظة مثل كراتشي وبيشاور وكذلك المناطق الحدودية بين البلدين.
وأضاف “إن التحديات تشمل أيضًا الأمن وعدم وجوده في بعض المناطق، علاوة على مقاومة المرض مناعيًا لدى التركيبة السكانية في هذه المناطق، وهناك أيضًا عامل مهم جدًا يمثل تحديًا كبيرًا وهو حركة انتقال السكان بين أفغانستان وباكستان الأمر الذي يعوق وصول التطعيمات إلى العديد من الأطفال في البلدين، إلا أن النتائج تعكس الجهد المبذول. وفي العام الماضي 2017 تم تسجيل 22 حالة إصابة في البلدين (14 في أفغانستان و8 في باكستان)، وآمل أن يشهد عام 2018 توقف انتقال المرض بين البلدين إذا استطعنا أن نستمر في الأسلوب ذاته من العمل في الحملات للقضاء نهائيًا على المرض”.
دور الإمارات
وأشار ماهر إلى أن العام الجاري لم تُسجّل فيه أي حالة إصابة بمرض شلل الأطفال في باكستان، فيما تم تسجيل 7 حالات فقط في أفغانستان وذلك في المناطق المعرضة لانتقال السكان منها إلى مناطق أخرى وهذا ما يؤدي لاحتمال أن ينتقل المرض، وأهم نقطة هي مناقشة كل هذه النقاط في الاجتماع التنسيقي نصف السنوي الذي تستضيفه أبوظبي الآن، مشيدًا بدور الإمارات في هذه الحملة والتي شارفت على عامها السابع خاصة في باكستان والمنطقة والعالم أجمع، وذلك بفضل جهود الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة والتبرعات المخصصة التي بلغت 200 مليون دولار للبرنامج العالمي، وفي باكستان فقط تم توجيه نسبة كبيرة من المخصصات المالية للبرنامج.
ولفت إلى أن هناك آمالًا في ألا يتم تسجيل حالات في باكستان العام الجاري، موضحًا أن أهم ما يمكن عمله هو تقييم المرحلة السابقة، وكذلك العمل على إيصال اللقاحات لجميع الأطفال وهي مهمة ليست بالسهلة كما يتخيلها البعض، إلا أن هناك جهودًا كبيرة تبذل وإنجازات تم تحقيقها بالفعل في الاتجاه إلى القضاء على شلل الأطفال
ويٌعقد الاجتماع الممتد على مدار يومين، في فندق "غراند ميللينيوم" أبوظبي، بحضور ممثلين عن الجهات الصحية في أفغانستان وباكستان والمشروع الإماراتي لمساعدة باكستان ومنظمة الصحة العالمية ونخبة من الخبراء في شؤون الحملات الخاصة بالتوعية الصحية على مستوى البلدان التي ما زالت تحوي أمراض مثل شلل الأطفال، وقال عبد الله جمعة الغفلي مدير المشروع الإماراتي لمساعدة باكستان، في تصريحات صحفية أمس “إن المشروع الإماراتي يعمل مع باكستان وأفغانستان، وأهمية الاجتماع هو التنسيق بين الجهات في البلدين حيث إن هناك أعدادًا كبيرة من السكان في المناطق الحدودية في كل من أفغانستان وباكستان يتناقلون عبر الحدود وهو الأمر الذي يؤدي إلى انتقال مرض شلل الأطفال حيث إنه لا يبقى إلا في هاتين الدولتين فقط في العالم”، وأضاف “إن حملات التطعيم مستمرة على مدار العام ومتزامنة في البلدين ووصل عدد المناطق التي وصلت إليها الحملات 83 منطقة”، مشيرًا إلى أن الدولة نجحت في أن تكون عاصمة للجهود الإنسانية في المنطقة من خلال العمل على هذه الحملات بهدف استئصال مرض شلل الأطفال والذي لم يعد يبقى إلا في باكستان وأفغانستان.
ويضم اليوم الأول من الاجتماع التنسيقي استعراضًا للوضع القائم الآن في الدولتين وتقييمًا لأداء الحملات علاوة على مناقشة التحديات التي تواجه الحملات، كما تم تنظيم مجموعات عمل إقليمية لمناقشة خطة العمل للمناطق الشمالية والجنوبية وكيفية تنفيذ خطة عمل الممر الشمالي المشترك، ومجموعة أخرى لاستعراض تنفيذ خطة العمل الجنوبية ووضع التوصيات، بالإضافة إلى مجموعات الاتصال.
نهج إنساني
إلى ذلك، وجّه الدكتور رنا محمد صفدار، مدير مكافحة مرض شلل الأطفال في باكستان، الشكر إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، معتبرًا مبادرة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة لاستئصال مرض شلل الأطفال في العالم مساهمة من ه في إطار النهج الإنساني لدولة الإمارات العربية المتحدة في التعاون مع المنظمات والمؤسسات الدولية المعنية بتوفير الخدمات الإنسانية والصحية للمجتمعات والشعوب المحتاجة وتقديم المساعدات لهم، ودعم الجهود العالمية لاستئصال مرض شلل الأطفال والتقليل من حالات الإصابة به بنسبة كبيرة في الدول المستهدفة بالمبادرة، وهما جمهورية باكستان الإسلامية وجمهورية أفغانستان الإسلامية.
وثمن جهود دولة الإمارات العربية المتحدة في الدعوة للبلاد الإسلامية والبلاد الأخرى للمساهمة في هذا المشروع الذي يهف إلى دحر والقضاء على المرض نهائيًا، مضيفًا أن مواطني باكستان وأفغانستان دائمًا ما يعتزون بتلك الصداقة الأخوية بين بلديهم وبين دولة الإمارات العربية المتحدة. وأضاف: “إن استضافة ممثلي منظمة الصحة العالمية وممثلي حكومات باكستان وأفغانستان وجميع الفرق العاملة في أبوظبي ستمد الجميع بفرصة لتعزيز الجهود العالمية الرامية للحد من انتشار الأوبئة والوقاية من التداعيات الصحية السلبية التي يعاني منها الأطفال، والتي تعد دليلًا على التزام دولة الإمارات بالنهج والمبادئ الإنسانية لمساعدة الشعوب المحتاجة والفقيرة وتطوير برامج التنمية البشرية، والاهتمام بسلامة صحة الإنسان وفئة الأطفال المحتاجين للرعاية الصحية الوقائية في مختلف دول العالم”.
وأوضح أن باكستان وأفغانستان تواجهان صعوبات عديدة ليست موجودة في أي دولة في عالم، أولها هو مساحة هائلة من الحدود تبلغ 2400 كم، وثانيها التحدي الأمني في البلدين، والتطورات الجيوسياسية التي تحدث في هذه المنطقة من العالم والتي خلقت تحديات خاصة للبرنامج، فضلًا عن المفاهيم الخاطئة حول مرض شلل الأطفال والتطعيم والبرنامج، لافتًا إلى تحقق الكثير في مكافحة شلل الأطفال، لأن في باكستان حتى عام 2014 كانت هناك مشاكل كبيرة في إمكانيات الوصول تعيق الفرق عن تطعيم نحو 600 ألف طفل تم التغلب على غالبيتها بما فيها المشاكل الأمنية، وتم تطعيم نحو 38 مليون طفل في مختلف مناطق باكستان تطلبت عمل 260 ألف مركز صحي متنقل لمنازل المواطنين في كافة أحوال الطقس الصعبة والعادية.
مؤشرات إيجابية
ذكر كتاب مبادرة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لاستئصال مرض شلل الأطفال في العالم بعض الحقائق التي حدثت خلال تنفيذ حملة الإمارات للتطعيم، حيث بلغ معدل الانخفاض في عدد حالات الإصابة بشلل الأطفال في باكستان من عام 2014 إلى عام 2017 نسبة 99%، حيث حققت نتائج الحملة مؤشرات إيجابية في عدد الحالات المسجلة بالإصابة، بعد أن انخفضت من 306 حالات في 2014 إلى 54 حالة عام 2015 و20 حالة في 2016 لتصل لعدد 5 حالات في أول 10 أشهر من 2017. كما بلغت النتائج الإجمالية لحملة الإمارات للتطعيم 219 مليونًا و851 ألفًا و553 جرعة تطعيم تم إعطاؤها لأطفال باكستان. وقد غطت الحملة من عام 2014 وحتى 2017 أربعة أقاليم في جمهورية باكستان تشمل تطعيم أطفال 66 منطقة.
أرسل تعليقك