دبي - محمود عيسي
المدرب الجيد، ليس فقط من يستطيع وضع تكتيك مناسب للمباريات، وليس هو من يحقق الانتصارات المتتالية، ولذلك فحتى المدربون الذين يستطيعون تحقيق الانتصارات. والذين يقدمون مستويات متميزة، تأتي اللحظة وينهار كل شيء بسبب افتقاد ذلك المدرب بعض عناصر الترجيح، ويتحول محبوب الجماهير فجأة إلى جاذب لصيحات الاستهجان، ومثلما كان هو سبب النجاح يتحمل وحده سبب الإخفاق.. المثال لدينا هو رودولفو أروبارينا الأرجنتيني مدرب الوصل.. فترى ما هي العناصر التي جعلته قوياً والأشياء التي افتقدها وجعلت كفاءته محل شك؟
1اللعب على المعنويات والتعامل النفسي إحدى أهم المميزات التي ترجح كفة مدرب على آخر، فلاعب الكرة يتعب ويمل، وأحياناً تصيبه حالة يأس، ويصبح دور المدرب أن يخرج لاعبيه من تلك الدوامة، ويستطيع التعامل نفسياً مع كل لاعب على حدة للابتعاد عن دائرة اليأس.. الوصل خسر بعض النقاط وتراجع ترتيبه مبكراً منذ بداية الدور الثاني.
ولكن أروبارينا لم يوفق في إخراج لاعبيه من تلك الحالة، وكان المشوار أمامه لا يزال طويلاً ويمكنه التعويض، ولكنه لم يستطع، ففقد اللاعبون الدافع، وتسرب لهم اليأس والملل، فواصلت نتائج الإمبراطور التراجع.
2تثبيت التشكيل أمر رائع، وفي كثير من الأحيان يحسب كنقطة قوة للمدرب، ولكن دائماً هناك أعراض جانبية، فتثبيت التشكيل لا يعني الاعتماد على تشكيلة دون غيرها ولاعبين بعينهم دون إعطاء الفرصة لآخرين، وتجهيز البديل الدائم، لأنه بمجرد أن يتراجع مستوى عنصر أو عنصرين من عناصر قوة الفريق، دون وجود البديل الجاهز تبدأ النتائج في الانهيار، وأروبارينا ثبت طريقة أداء وتشكيلة لا تتغير.
وعندما بدأ ضغط المباريات، وانتصف الموسم وبدأ في عده التنازلي للنهاية، بدأ الإرهاق في التسلل للاعبي الوصل، وتراجع مستوى الأداء بشكل ملحوظ، ولأن البديل لم يكن جاهزاً، واصل أروبارينا الاعتماد على نفس العناصر، دون إيجاد حلول تعيد الفريق إلى درب الانتصارات.
وفي عالم التدريب هناك ما يسمى بالمدرب أحادي الفكر، وهو ذلك المدرب الذي لديه رؤية معينة، وطريقة لعب ثابتة، قد تكون مفاجئة وجيدة في الدور الأول، حيث كل مواجهة هي الأولى للمنافس معه، وبالتالي تؤتي ثمارها وتحقق النتائج الجيدة، ولكن دائما القاعدة تقول إن الآخرين أيضا يفكرون، وبالتالي يستطيع مدربو الفرق المنافسة تفكيك طريقة اللعب تلك، ومعرفة نقاط القوة والضعف فيها.
وبالتالي ما كان مرعباً في يوم ما سيصبح سهلاً التعامل معه فيما بعد، أروبارينا فعل ذلك، وأوجد طريقة لعب كانت مرعبة في الدور الأول، ولكنه لم يستطع تغيير تلك الطريقة في الدور الثاني، فباتت الكثير من الفرق تدرك جيداً كيف توقف مفاتيح لعبه، وتحرج الفهود حتى على أرضه ووسط جماهيره، فخسر الفريق سباق الصدارة باستمراره في نزيف النقاط دون قدرة لمدربه على إحداث التغيير الواجب.
أرسل تعليقك