ظهور اللاعبين المحترفين في ثوب الهواة في الدورات الرمضانية يثير دائمًا جدلاً بين مؤيد ورافض لهذه الظاهرة، التي يعتبرها البعض مجرد مشاركة ودّية وأحد مظاهر الاحتفاء بالشهر الفضيل، لكن البعض الآخر يرون أنها ظاهرة سلبية تشكل خطرًا وتهديدًا لمسيرة اللاعب، وأنه لا يجوز ظهور لاعبين محترفين يحصلون على رواتب بالملايين في هذه الدورات مهما كانت جوائزها المالية.
وتشهد الدورات الرمضانية مشاركة العديد من لاعبي دوري الخليج العربي، برغم أن لوائح الاحتراف والعقود التي تربطهم بأنديتهم تمنعهم من ذلك، حيث يجب على كل لاعب عدم المشاركة في أي مباراة خارج إطار مشاركات فريقه إلا بعد الحصول على ترخيص، كما يرى البعض أن مشاركة اللاعبين في مباريات خيرية أو في مناسبات اجتماعية أمر مقبول وجيد، ولكن اللعب في الحواري وفي الدورات الرمضانية أمر مرفوض ولا يتماشى مع عقلية الاحتراف، لأن مثل هذه المشاركات من الممكن أن تلحق باللاعبين أضرارًا كبيرة بسبب الإصابات أو الإرهاق، خاصة أن فترة الراحة الصيفية إجبارية، ليس الهدف منها تفرغ اللاعب لأنشطة رياضية أخرى، بل أخذ قسط من الراحة استعدادًا للموسم الجديد، وتجنب كل نشاط بدني يعرضه للخطر.
تطور ظاهرة مشاركة المحترفين في الدورات الرمضانية دفع بعض الأندية إلى اتخاذ إجراءات صارمة وفرض غرامات مالية كبيرة ضد لاعبيها الذين ظهروا في الدورات الرمضانية، وفي هذا السياق، أكد رئيس أكاديمية الكرة في النادي الأهلي، محمد مطر غراب، أن سلبيات مشاركة المحترفين في الدورات الرمضانية تبدو كثيرة بسبب غياب ثقافة الاحتراف، وقال غراب: "من الخطأ مشاركة اللاعب المحترف، لأنه مهدد بالإصابة في أي وقت، ولا يوجد من يتحمل المسؤولية في حال تعرض لها، خاصة في ظل إقامة معظم المباريات في الصالات المغلقة ذات الأرضية الصلبة أو على أرضية عشبية غير مهيئة لكرة قدم المحترفة، ناهيك عن كون المشاركة تتعارض مع خطة النادي استعدادًا للموسم الجديد، التي يجب أن يبتعد خلالها اللاعب عن كرة القدم وممارسة الرياضات الأخرى إذا أراد، فهذه الفترة تمثل فترة راحة للاعب".
ولفت غراب إلى أن الدورة الرمضانية نشاط ترويحي للهواة وسواهم من الفئات الأخرى وليس للمحترفين، وعلى اللجان المنظمة في مختلف البطولات الرمضانية مراعاة هذه النقطة، فخسارة لاعب مؤثر تنعكس سلبًا على كرة القدم بصورة عامة، خاصة في ظل القاعدة المحدودة لأعداد المحترفين في دورينا بالمقارنة مع بعض الدول الأخرى التي تتفوق علينا كثيرًا في هذا الجانب وفقًا للإحصائيات والأرقام المسجلة في القائمة، واختتم قائلاً إن اللاعب يجب عليه احترام عقده مع النادي، والمشاركة قد تتعارض مع بنود العقد مع اللاعب، وثمة عقوبات تفرض من قبل الأندية على الذين يتجاوزن عقودهم، مشيراً إلى أن المحترف مطالب بالتفكير قبل المشاركة، وعليه أن يتوجه إلى رياضة أخرى في فترة النقاهة بعد انتهاء الموسم قبل خوض المعسكر الإعدادي.
من جهته، صرح المدرب البرازيلي جورفان فييرا بأن مشاركة اللاعبين المحترفين في الدورات الرمضانية ظاهرة مرفوضة ولا تليق باللاعبين وبأنديتهم التي تدفع لهم أموالًا طائلة بهدف الحفاظ على صحتهم والتركيز الكامل مع فرقهم، وليس استغلال فترات الراحة لخوض نشاط رياضي غير احترافي، من شأنه أن يهدد مستقبل اللاعب نفسه، مشيراً إلى أن أغلب الدورات الرمضانية تقام على ملاعب غير مهيئة لممارسة كرة قدم المحترفة، بل للهواة وهو ما قد ينجرّ عنه إصابات خطرة للاعبين، إضافة إلى احتكاك المحترفين بلاعبين هواة ليس لديهم المعرفة الكافية في كيفية اللعب، إلى جانب لاعب متمرس ومحترف كرة قدم، وقال: الاحتكاك بين اللاعب المحترف والهاوي غير متكافئ بالمرة، وهو ما يدفع اللاعب الثاني إلى طريقة اللعب الخشن وبإمكانه التسبب في إصابة بليغة له.
وأكد فييرا أنه لو شاهد أحد لاعبيه في دورة رمضانية سيطرده من الفريق، لأنه غير مسؤول وليست لديه عقلية احترافية وبإمكانه إلحاق الضرر بالفريق، فيما شدد المحامي صالح العبيدلي أن اللاعب المحترف ملزم باحترام بنود تعاقده وعدم المشاركة في أي مباراة إلا بعد موافقة ناديه، وقال: "هناك بعض اللاعبين مرتبطون بعقود تمتد لـ5 سنوات، ويتقاضى كل واحد منهم ما يقارب مليون درهم سنويًا، وفي حال تعرض للإصابة سيتحمل وحده مسؤولية ذلك، ويخسر كل شيء، لأن القانون يمنح النادي حق فسخ العقد بما أن اللاعب هو المتسبب في اختراق بنوده وعدم الالتزام بها"، مضيفًا :" المشاركة في الدورات الرمضانية دون موافقة النادي تعتبر إخلالًا ببنود العقد، وهو سبب رياضي عادل للإلغاء وتحميل اللاعب التعويضات المنصوص عليـها".
وصف المدرب المواطن عيد باروت مشاركة اللاعبين المحترفين في الدورات الرمضانية بالمجازفة الخطرة، باعتبار أنهم يحتكون على أرضية الملعب بلاعبين غير مكونين ما يجعلهم معرضين للإصابة بشكل كبير، وشدد على ضرورة أن يتحلى اللاعب المحترف بعقلية احترافية ويلتزم بتطبيق بنود عقده مع الفريق الذي يفرض الالتزام بعدد من النقاط منها عدم المشاركة في المباريات خارج إطار الفريق دون إذن مسبق، وقال: "اللاعب يحتاج إلى راحة ضرورية بعد موسم طويل والاستعداد للموسم الجديد والابتعاد عن كل ما قد يعرضه للإصابة".
وأوضح باروت أن مشاركة اللاعبين سابقاً كانت أمرًا عاديًا باعتبار أنهم هواة لكن بعد الاحتراف الوضع تغير 360 درجة وكل لاعب مطالب بالالتزام بعقده وتجنب كل ما من شأنه أن يعكر علاقته بفريقه، وقال: اللاعب المحترف يعتمد على كرة القدم في مصدر رزقه ويجب عليه الحفاظ على صحته حتى لو وافق ناديه على مشاركته في دورة رمضانية عليه أن يدرك أن ذلك ليس في مصلحته وهو يجازف بتعريض نفسه لخطر الإصابة. وأوضح باروت أن لاعبي كرة قدم الصالات على سبيل المثال الذين يشاركون في بعض الدورات الرمضانية يأتون وفقاً لبرنامج منظم ومدروس، كما دعا اللاعبين المحترفين في دورينا إلى التحلي بعقلية احترافي وعدم المجازفة بحياتهم الرياضية، لأنهم معرضون للإصابة سواء من خلال الاحتكاك بلاعبين هواة أو بسبب الأرضية.
وأكد نجم المنتخب الوطني والنصر سابقًا خالد إسماعيل، أن ظاهرة مشاركة لاعبين محترفين في الدورات الرمضانية ظاهرة سلبية حتى لو حصل اللاعب على موافقة من ناديه، وقال: عندما كنا هواة لا نجرؤ على اللعب في الفرجان أو في الدورات الرمضانية إلا في حالات نادرة وبموافقة من النادي، وبالرغم من أننا لا نحصل على الامتيازات المادية الحالية كنا نتجنب اللعب خارج إطار النادي، وما إن دخلت مرحلة الاحتراف حتى أصبح اللاعب تحت تصرف فريقه بنسبة 100%، وهناك عقد ينظم العلاقة بينهما، ولا يجوز أن يخوض اللاعب أي مباراة دون علم ناديه.
وأضاف: "اللاعب ملتزم مع الفريق بعقد احتراف، وهو مطالب بالحفاظ على سلامته من الإصابات، وفي الوقت نفسه استعداداً للمواسم الموالي، ويجب عليه الابتعاد عن المشاركة في كرة قدم الصالات والدورات الرمضانية التي من شأنها أن تسبب له إصابة، خاصة أن الأرضية التي يلعب عليها هذه المباريات غير متعود عليها، وأحياناً لا تتلاءم مع ممارسة كرة القدم"، كما أرجع مشاركة اللاعبين في الدورات الرمضانية إلى قلة وعيهم وعدم إلمامهم بالثقافة الاحترافية التي تفرض عليهم تغيير عقليتهم، موضحًا أن مشاركة اللاعبين في الدورات الرمضانية نابع من ضعف إدارات الأندية التي لا تتخذ أي إجراءات ضدهم، وتابع: قد يتعرض اللاعب إلى إصابة تهدد مستقبله الكروي، والحال أنه مرتبط بعقد مع النادي براتب سنوي بمليون درهم، من يتحملها، أو يلجأ النادي لفسخ عقده.
من جانبهـ أوضك وليد عبيد، مدرب حتا السابق، أن مشاركة المحترفين في بطولات رمضان المختلفة تعتبر ظاهرة غير صحية وسلبياتها عديدة قد ينتج عنها أضرار في مقدمتها تعرض اللاعب للإصابة، وأضاف وليد عبيد أن النادي يصرف مبالغ طائلة من أجل إعداد وتجهيز عناصر الفريق، لذلك يجب على اللاعب الامتناع عن المشاركة، وأن يكون مثالاً جيداً لزملائه الآخرين في المراحل السنية، لا سيما أن هذا التصرف يتنافى مع معايير ومفاهيم الاحتراف.
وأوضح مدرب حتا السابق قائلاً: "اللاعب هو الخاسر الأول، والإصابة قد تفقده مكانه في تشكيلة الفريق الأساسية وتهدد مستقبله، إضافة إلى حصوله على العقوبة، لذلك يجب على المحترف المحافظة على وزنه ولياقته بعيدًا عن الاحتكاك خارج نطاق التدريب الرسمي أو المباريات مع النادي الذي تعاقد معه، حتى إن كانت مدة العقد تبدأ بعد رمضان".
ولفت مدير فريق حتا، عبيد علي البدواوي، أن مشاركة المحترفين في الدورات الرمضانية تضع إدارات الأندية في حالة من القلق والتوتر خشية تعرض اللاعب إلى الإصابة، وتكاد تخلو من أي مكسب فني أو بدني، وعن مشاركة عدد من لاعبي حتا في بعض الدورات الرمضانية، قال البدواوي إن المحترفين المشاركين جددوا مع النادي في الفترة الأخيرة ولا يمكن منعهم من المشاركة، نظرًا إلى بدء سريان عقودهم بعد عيد الفطر المبارك، فيما تم رفض طلبات مشاركة بعض اللاعبين المستمرة عقودهم مع الفريق.
أرسل تعليقك